على الرغم من تفاعل دول عربية عديدة وإسراعها بنجدة المتأثرين من السودانيين بالسيول والأمطار، إلا أن الكثير من المنكوبين لم تصلهم هذه المعونات، خاصة معسكر مخيم كلمة الذي مسحته السيول والأمطار وأفضت إلى خسارة 17 ألف أسرة على الأقل لما تملكه بجانب وفاة ثلاثة أشخاص. يقول محمد الطاهر عسيل يعمل في مجال العون الإنساني، إن الأضرار شملت مناطق أخرى في جنوب دارفور من بينها تلس وعد الفرسان ومرشينق ورهيد البردي. لكن عسيل أشار إلى أن سكان معسكر كلمة وهم من النازحين الذين تشردوا إثر أعمال القتل التي ارتكبها النظام المباد ضدهم خسروا كل ما يملكونه، وأشار إلى أن مياه الشرب اختلطت بمياه السيول والأمطار، لذلك أصبح الكثير من مياه الشرب غير نقية في المعسكر لأيام. وأشار إلى أنه رغم كل ذلك فإن سكان المعسكر وكذلك المتأثرين الآخرين لم يتلقوا أي معونات أو مساعدات من أي جهة حكومية، وأشار إلى أن والي الولاية ومفوض العون الإنساني مكثا شهرًا كاملًا في الخرطوم يحاولان اقناع المسؤولين بإرسال جزء من الإغاثات والمساعدات التي أرسلتها الدول العربية إلى جنوب دارفور، لكن لا حياة لمن تنادي وفي نهاية الأمر عاد الوالي خاوي الوفاض من المسؤولين بالخرطوم، بينما بقي مفوض العون بالخرطوم لعله يستطيع الحصول على اليسير من هذه الإغاثات. وأشار عسيل ساخرًا إلى أن المسؤولين بالخرطوم عرضوا على الوالي منحه دخنًا بمقابل مادي تدفعه الولاية لإغاثة المنكوبين، وتساءل عسيل (من أين للمنكوبين بأموال يدفعونها مقابل دخن ترسله لهم حكومة الخرطوم)، وتساءل (أين ذهبت المساعدات والمعونات التي أرسلتها الدول العربية)، وأوضح بأن استمرار مثل هذا التعامل من جانب الحكام في الخرطوم سيدفع أهل دارفور لاتخاذ خيارات أخرى مشروعة. أما فيما يتعلق بأوضاع المتأثرين بالسيول في منطقة ندي بولاية نهر النيل، فقد أوضح أحمد عبد الله وهو من ابناء المنطقة للصحيفة، بأن سكان ندي المتأثرين بالسيول ما زالوا يعيشون في أوضاع غاية في السوء بعد أن جرفت السيول منازلهم، وأشار إلى أنهم يحاولون مقاومة حرارة الجو المرتفعة بالعيش في داخل كرانك صنعوها في عجالة، مبينًا أن توفير المأوى أصبح يمثل الهاجس الأكبر لهم، خاصة وأن السكان توزعوا ما بين ظلال الأشجار والمركز الصحي والمدرسة والكرانك. وأشار إلى أن والي الولاية عند زيارته لهم أطلق العديد من الوعود بتوفير طوب بلوك وحفار ولودر لمساعدة المواطنين في إعادة تشييد منازلهم، لكن كل حديثه كان مجرد وعود لن تنفذ، وزاد بالقول بأن حديث الوالي كان مجرد حديث سياسي للاستهلاك. وأوضح أن المواطنين صاروا الآن عرضة للأمراض وللدغات العقارب. وأشار إلى أنه إذا تعرض أحدهم للدغة فإن انقاذ حياته يتطلب نقله لمنطقة الشريك، التي تبعد 13 كيلومترًا كاملة، لتلقي المصل وأوضح بأنه إذا ما بدأ تمرد من الشمال ضد الحكومة المركزية في الخرطوم فإنه سيبدأ من ابوحمد. أما الأستاذ سعيد الهادي يعمل في مجال العون الإنساني بمحلية المناقل، فقد أوضح للصحيفة أن هناك كنابي قد محتها السيول تمامًا خاصةً وأنها مشيدة بالجالوص، مبينًا بأن عدد الكنابي أكثر من القرى بثلاث مرات، وأشار إلى وجود مناطق بعيدة نسبيً ما زالت محاصرة بالمياه، لذلك لم يستطع المتطوعين في المجال الإنساني الوصول إليها، لكنه أشار في نفس الوقت إلى عودة المتأثرين بالسيول القاطنين بالقرب من مدينة المناقل إلى منازلهم التي تضرر بعضها جزئيًا، وأشار في نفس الوقت إلى وصول الإغاثة إلى البيوت. ولفت إلى أن الأوضاع على مستوى الوسط معقولة الآن، وإنه قد بدأت حملات رش بالمبيدات غطت حوالي 30٪ من المحلية. الميدان