رحم الله شاعر الشعب محجوب شريف حين كتب بعد انتفاضة ابريل والبلد يتنسم الحرية والمطامع الاجنبية تمتد اياديها تحت مسميات عدة فكتب : خزنة وتنك ولحية فشنك طلع البدر علينا أم يا مستهبل طلع البنك مولاي البنك الدولي اهلا سيدي ابكسكتة جمبك في التو واللحظة ابصم بشلوخي الستة اديك ضمانة اضاني ولساني كمان كرفتة بعد ان طالعت خبر الالية الثلاثية وماهي بالبنك ولكنها بنت عمه! وهي تبشر بقرب التوصل لاتفاق " مرضي" تسائلت من اين تستمد تلك الثقة التي تدفعها لتصريح تحمل كلماته يقين العالم ببواطن الأمر وماهي بعالمة. قال التصريح بالحرف" أن الاتفاق القادم أو التسوية ستهندس من أصحاب المصلحة وبتوافق أوسع" . تتحدث الآلية الثلاثية حديث العارف بأحوال الشعب السوداني وقواه المصطرعة وهي أبعد ما يكون عن ذلك. ولكنها سياسة بيع الوهم التي تنطوي علي استبطان ذهنية ما بعد الاستعمار في التعامل مع دول الجنوب الكوني تلك الذهنية و التي قبل انتهاء الحرب الباردة لم تكن تخجل من التدخل بشكل سافر لقطع الطريق علي حركات التحرر الوطني والتغيير الاجتماعي والثورات والذي في معظم الأحيان كان يتم عبر انقلابات ممولة كما حدث في شيلي في منتصف سبعينات القرن وغيرها كثير. أو تمارس فيه أجهزة المخابرات العالمية اغتيالاتها السرية والمدبرة كما حدث في الكونغو عند اغتيال المناضل بياتريس لومومبا. في كل هذه المجهودات الدولية الداعمة لتيار الثورة المضادة يظل الدافع الأساسي هو مصالح تلك الدول الاقتصادية والاستراتيجية عسكريا او سياسيا المرتبطة بمسار التغيير في الدولة المحددة. فحين قطع الطريق أمام الثورة الشيلية كانت الحرب الباردة في أوجها وكان وجود دولة بملامح اقتصاد اشتراكي في امريكا الجنوبية هو اخر ما يريده الامريكان( القرينغوز). اما حينما اغتالت المخابرات الامريكية بالتعاون مع البلجيكية لومومبا فكان ذلك لإخراس صوت أعلن أن استقلال الكونغو من المستعمر وحده لا يكفي ولكن استقلال الكونغو من ربقة الاستغلال الاقتصادي هو بوابة لاستقلال افريقيا باكملها من اقتصاد تابع لمؤسسات وبيوتات المال الامبريالية. هل اختلف الواقع كثيرا عن حقبة الستينات و الحرب الباردة؟ لا أعتقد .. تبرز مسألة مصالح دول المحاور في الوطن كأبرز ما يكون دون حتى الحاجة تأكيدات تاريخية من أضابير الاكاديمية والتاريخ السياسي الاقتصادي للشعوب. فالسودان الآن وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وبروز روسيا بعد انتهاء الحرب الباردة بما يقل قليلا عن أربعة عقود كقوة ذات حق فيتو قادرة على شل العالم وبروز اسم السودان كأحد ممولي حرب روسيا عبر الدهب المهرب وربما اليورانيوم ومن بعد القواعد العسكرية ، اقول مع كل ذلك كان لابد أن تنشط المحاور الدولية أكثر من ذي قبل حتى تقف عقبة في اكتمال الثورة.والمتأمل للتعامل تحت الترابيزة الاقتصادي مع دول الجوار الإقليمي يتأكد تماما ان هذه الدول والتي تتعامل مع حكومة اللصوصية العسكرية ومليشياتها لا ترغب أبدا في حكم مدني يقف بالمرصاد ضد استنزاف موارد الوطن والتي تذهب إلى جيوب لوردات الحرب مباشرة. ولكن ربما نحن في عصر جديد من الحرب الباردة على ثورات الشعوب فلربما أن مقولة فرانز فانون" أن كل تمرد للفلاحين، كل تمرد في العالم الثالث يدخل في إطار الحرب الباردة.." ما زالت سارية المفعول، وأجزم انها كذلك. [email protected]