تقاصر ظل الأشجار من ناحية الغرب تمهيداً لمعاودته سقوطاً من ناحية الشرق لجذوع النخل – ذلك الأوان تبدأ أشعة الشمس في التعامد على مزرعته وهو مشغول بفلاحة أرضه وكلمات العطبراوي من على راديو معلق بسعف النخل يهلب حماسه للعمل : نعشق شمسها الحراقة تلهب في القلوب دفاقة مرحبتين بلدنا حبابا حباب النيل حباب الغابة ظل المزارع البسيط في ربوع بلادي – يعشق ويحب وطنه – يفلح أرضه وينتج فيأكل الانسان والأنعام – منذ أن اكتشف الانسان الشادوف والساقية والطلمبات والمزارع يجاهد جهوداً فرديه لتطوير إنتاجه – حتى بعد قيام مشروع سد مروي والذي أنار المنازل وأهمل جانب الإنتاج – فمن يصدق أن الأراضي الزراعية في الجزر في الولاية الشمالية والمزارع المتاخمة للنيل لازالت تعتمد على الجهود الفردية في موضوع الطاقة ..! هنالك ميز نسبية كبرى لبلادنا الحبيبة في مجال الزراعية مثل خصوبة التربة وانحدارها الذي يسهل عملية الري ، وكذلك تباين المناخ حيث الصحراوي البارد في الشمال والذي يتيح زراعات شتوية مثل القمح والفول المصري والبرسيم مروراً بالمناخات شبه الجافة والتي تتيح الفرصة لزراعة محاصيل حقلية متفرقة مثل الذرة الرفيعة والحبوب الأخرى والأعلاف وعباد الشمس والقطن والسمسم والدخن وغيرها من محاصيل بالإضافة الى ثمار الفواكه وغيرها من منتجات زراعية على امتداد ربوع بلادنا. تميزت المنتجات الزراعية السودانية بأنها منتجات عضوية تأتي من مزارع طبيعية حيث الاستخدام للمبيدات والأسمدة منعدم إلى القليل جداً في كثير من المشاريع الزراعية السودانية مما يجعل السودان من الدول التي تصنف منتجاتها الزراعية عالمياً بأنها منتجات عضوية مما يجعل لها ميزة نسبية وقيمة تنافسية حيث عرفت عن المنتجات العضوية بأنها الأغلى في السوق العالمية والأكثر قيمة غذائية. السؤال الذي يطرح نفسه – هل استفاد السودان من الميز النسبية الزراعية لديه كرقم اقتصادي في السوق العالمية؟ فالإجابة تحدث عن نفسها من الواقع المعيشي في السودان حيث المزارع نفسه يكمل احتياجاته الغذائية من المنتجات الزراعية من الوارد – ذلك أن المزارع يزرع بجهدة الفردي في حدود موارده وامكانياته وما عجز عنه فذلك دور المستويات التخطيطية العليا للقطاعات الاقتصادية في السودان ويظل ذلك الدور القاصر يتوارث من نظام إلى نظام وعلى إثره تتكسر سنان تروس الإنتاج سناً بعد سن لما يصيبها من اهتراء وصدأ وإهمال للحد الذي توقفت فيه الكثير من المشاريع الزراعية الرائدة في السودان – وهو تفسير لاكتظاظ العاصمة المثلثة بالسكان – والتحول قسراً للفرد من منتج حقيقي في الريف لمستهلك بالعاصمة معتمداً على أعمال هامشية كالمضاربة والسمسرة مما فاقم من فقاعة الاقتصاد الهامشي أو اقتصاد الظل وبالمقابل حدث تضاءل كبير في الإنتاج الحقيقي في السودان. تحقيق خطى تقدمية في التنافس العالمي لا يتأتى من الجهود الفردية في عملية الإنتاج وإنما عمل كبير يخطط له من أعلى المستويات الإدارية والتخطيطية المنوط بها تمكين المزارع من الاستفادة القصوى من الميز النسبية الزراعية بما يعود عليه وعلى البلاد بالنفع – فإن تمويلاً لا يستهدف تعظيم الاستفادة من الميز النسبية يظل قاصراً عن دور أساس – وإن انفاقاً سنوياً في الخطط والموازنات لا يستهدف تأسيس مشاريع تعظم الاستفادة من الميز النسبية الزراعية يظل قاصراً عن دور أساس – فإن مشاريع محطات الطاقة البديلة من رياح وطاقة شمسية في أطراف السودان إذا خطط لها وتم تنفيذها ستحدث تحولاً كبيراً في أنماط الإنتاج الزراعي وتعظم الفائدة الاقتصادية من الزراعية وما يتبعها من تحريك لعجلة الصناعة والمتمثلة في الصناعات التحويلية للمنتجات الزراعية وكذلك فإن توجيه أولوية التمويل لمشاريع الطاقة البديلة للمزارعين من شأنه أن يسهم في إجراء تحولات جذرية في العائد من الإنتاج الزراعي لاسيما وأن ضمانات السداد سترتفع مع ارتفاع العائد من الإنتاج برفع العبء من خلال الطاقة البديلة والتي تصل فترات الاستفادة في بعضها إلى ما يقارب 25 سنه لكون أن التكاليف الطاقة تدفع مرة واحدة ولا توجد أعباء مستمرة في عملية التوليد . من بين السحب القاتمة في واقع السياسة السودانية والمزارع في حقله ينشد "تستهين الخطوب عن جلد تلك تنهال وهي تتزن " " أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيث ما قطنوا " ويفتخر " نتملى جماله لنرى هل لترفيه عيشه ثمن " – التحية لمزارعي بلادي وهم ينتجون في ظروف بالغة التعقيد ويتعلقون بخيوط الأمل وإن وهنت . [email protected]