* الاتفاق تم بطريقة وضع العربة أمام الحصان * إرضاء القوى الخارجية لا ينتج حلا حقيقيا حوار: عماد النظيف وقعت أحزاب سياسية وتنظيمات نقابية ومهنية أمس على الاتفاق الإطاري الذي يمهد لاستعادة مسار التحول الديمقراطي ،وسط رفض واسعة من تحالف قوى التغيير الجذري ولجان المقاومة التي رفعت شعار (لا تفاوض... لا شراكة... لا شرعية) مع المكون العسكري، وتبحث المكونات المناهضة للتسوية السياسية عن مسار يخدم أهداف ثورة ديسمبر المجيدة ويحدث تغييراً جذرياً في شكل الدولة . تباين وجهات النظر داخل عدد من الأحزاب وخاصة حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل حول الاتفاق الإطاري دفعنا للقاء القيادي في حزب العربي الاشتراكي بروفسير صديق تاور للحديث حول هذا الموضوع وعدد من القضايا السياسية الراهنة فأجاب على الأسئلة بكل شفافية ووضوح فإلى مضابط الحوار: *في البداية ماهي ملاحظاتكم على الاتفاق الإطاري الذي وقع أمس وهل أنتم جزء منه ؟ = حزب البعث قدم ملاحظات جوهرية حول العملية الجارية ، و كلفت لجنة من المجلس المركزي لدراسة هذه الملاحظات التي تمثل تباينات لا يمكن تجاهلها ، على أن تنقل اللجنة حصيلة النقاشات للمجلس.. وهناك أطراف أخرى أيضًا لها ملاحظات قيد الدراسة.. كلها ستحدد الشكل الذي سيكون عليه الحال. *لماذا ترفضون الاتفاق الإطاري ؟ = أسباب رفضنا قدمناها فى شكل ملاحظات جوهرية كتابة و سلمت لسكرتارية الحرية و التغيير و شرحت في أكثر من اجتماع للمكتب التنفيذي و المجلس المركزي.. و لم تؤخذ في حينها بعين الاعتبار و مع تمسكنا بها و إصرارنا عليها، أفردت لها لجنة لمناقشتنا بخصوصها بعد أن تم تحديد موعد للتوقيع.. جلست اللجنة معنا مرتين و لم تقنعنا بأن ما نطرحه يمكن التنازل عنه المسألة بالنسبة لنا في حزب البعث ليس موقفا متعنتا وإنما هي من وجهة نظرنا ، خطوة يمكن أن تجر مصائب كبيرة على الشعب و البلد.. سبب الأزمة الكبيرة التي دخلت فيها البلد هي انقلاب 25 أكتوبر بقيادة عبد الفتاح البرهان و الذي بموجبه ضرب الثورة السودانية في مقتل، و استأنف نظام البشير من حيث انتهى في ديسمبر 2018م، بكل سوءاته و بلاويه التي جرها على أهل السودان.. فالتحدي الذي أمامنا كشعب سوداني هو إسقاط الانقلاب و إزالة آثاره واستئناف مسيرة السلطة المدنية و محاسبة مرتكبي الانقلاب و الانتهاكات التي تمت عبره.. هذا الاتفاق يمنح شرعية للانقلابيين ظل يسعون لها دون جدوى طيلة عامهم هذا.. و لا يضعهم في المكان الذي ينبغي أن يكونوا فيه ، بل على العكس يكافئهم بإبقائهم على رأس القوات المسلحة . أضف إلى ذلك أن تعمد تجاهل الإستراتيجية المعتمدة للحرية و التغيير بأولوية بناء الجبهة الممثلة لقوى الثورة التي تسبق الخطوات الحالية، بل مضى التحرك باتجاه قوى هي محسوبة على النظام البائد و أخرى مساهمة و مساندة للانقلاب.. فضلا عن حصر الأمر بيد مركزية الحرية و التغيير فقط و تخطي لفروعها في الولايات.. و غير ذلك. * مارأيك في القضايا التي يتضمنها ؟ = القضايا التي يتضمنها الاتفاق الإطاري عموميات تجعل فكرة التسوية المشرعنة للانقلاب أمرًا واقعًا دون أي مقابل.. و هذا كل ما يطمح له البرهان. * لكن البعض يرى أن هذه القضايا تلبي تطلعات الشعب السوداني في تحقيق الدولة المدنية ؟ = ليس هناك ما يلزم البرهان بتنفيذ هذه المطلوبات.. و مع إغراق العملية بالقوى المعادية للثورة و للديمقراطية من فلول و أنصار الانقلاب ، سوف لن يكون ممكنًا لا بناء مؤسسات معبرة حقيقة عن الثورة ، ولا يمكن بهذه القوى تفكيك نظام (الكيزان) و لا محاربة فساده و لا يمكن بناء مؤسسات الانتقال الديمقراطي ، و لا ترتيبات السلام إلخ. * كيف تنظرون لخطوة تطوير الاتفاق وضم قوى سياسية له قبل توقيع الاتفاق النهائي ؟ = الاتفاق تم بطريقة وضع العربة أمام الحصان. . بمعنى أنه كان ينبغي قبل أي خطوة الصبر على عملية بناء جبهة قوى الثورة و على برنامج الثورة و على الخطوات التنفيذية التي تحقق ذلك.. بدلًا من إغراق العملية بقوى لا علاقة لها بالثورة. *ماذا يحتاج الطرفان للمضي إلى الأمام في حل الأزمة ؟ = للأسف قوى الانقلاب لا أمان لها و لا يمكن الوثوق فيها من خلال التجربة العملية و من خلال تاريخها و مواقفها من الثورة السودانية و قواها و جماهيرها و مشروعها.. ثبت أنهم عدو لكل ذلك.. واعتبارهم طرفا يمنحهم شرعية لا يحلمون بها و يمنحهم فرصة لالتقاط أنفاسهم لمعاودة الغدر مرة أخرى.. يكفي ما ظل يردده البرهان في خطاباته شاهدًا على طبيعة النوايا الحقيقية لهؤلاء. *هل الاتفاق جاء نتيجة لإرادة وطنية خالصة أم تدخلات خارجية ؟ = ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك.. و لكن التسليم بأن إرضاء القوى الخارجية هو أساس للحل هذا أمر لا ينتج حل حقيقي يعبر عن ما ظل يسعى له السودانيون منذ اندلاع ثورتهم في 2018م. *هنالك من يشير الى أن الاتفاق الإطاري من شأنه أن يدب الروح مجددا في قوى التغيير بعد ان لفظها الشارع الثوري؟ = الاتفاق يمكن أن يدب الروح في حال توافرت له شروط أساسية أهمها التريث و الرجوع لأوسع طيف من مكونات الثورة ليس فقط لاطلاعها بمضمونه وإنما إشراكها فعليًا في الفكرة و أهدافها و محتواها و أدواتها من حيث المبدأ حتى تكون جزءا منها و ليس طرفًا مشجعًا فيها.. فالشارع الثوري معروف من خلال مكوناته و مطالبه و فعله.. إضافة إلى وضوح المستهدفات منها و ضماناتها بمعنى إسقاط الانقلاب و منظومته و مترتباته.. دون ذلك فالخطوة يمكن أن تمثل مغامرة غير محسوبة النتائج. * ما هو مستقبل قوى الثورة حال إكمال التسوية ؟ = كل طرف له منطلقه للموقف الذي اتخذه، الفلول وأعوان الانقلاب يهمهم إستمرار حالة الانقلاب و الاستبداد لأطول فترة ممكنة لأنه المناخ الوحيد الذى يتنفسون فيه.. و ينظرون لمجموعة التسوية كمنافس لهم أما لجان المقاومة باعتبارها الوقود الحقيقي للثورة السودانية و بما لها من رصيد نضالي و تضحيات غالية ، على امتداد القطر .. و لقاعدتها الشبابية الواسعة ، فإنها أكثر حرصًا و صاحبة مصلحة حقيقية في أن تبلغ الثورة أهدافها التي اندلعت من أجلها.. لذلك لها حساسية عالية من الحلول الزائفة.