1- سبق ان كتبت عدة مقالات من قبل نشرت في صحيفة "الراكوبة" عن الحال المزري الذي وصل اليه السودان خلال فترة حكم الرئيس البرهان- (58) شهر-، وانه ما مر يوم خلالها هذه ال(1395) يوم الا وكانت هناك كارثة جديدة (من النوع الثقيل) قد حلت بالبلاد ، ولم يعد يخفي علي احد ان صبر السودانيين وتحملهم هذه الرزايا والمحن فاق صبر ايوب بمراحل ، هو صبر طويل ومرير ولكن مع الاسف الشديد لم يدخل موسوعة "غينيس للارقام القياسية". 2- واحدة من غرائب ما وقع اخيرآ في البلاد ، ذلك الخبر الذي نشر في موقع "الحراك السياسي" يوم الاحد 12/ فبراير الجاري وجاء تحت عنوان (تحقيق صادم .. ضحايا يروون حقائق صادمة حول الجامعة الوهمية في الخرطوم) ، الخبر طويل ملئ بالاحباطات والمعلومات التي تدمع العين وتدمي القلوب ، خبر اثبت ان السودان يعيش حاليآ فترة من اسوأ الفترات التي مرت عليه بعد الاستقلال، هو خبر يؤكد ان الجنرالات القابعين في كراسي رئاسة الجمهورية اخر من يعلمون بما يجري في البلاد من مهازل وفضائح. 3- الخبر الذي نشره موقع "الحراك السياسي" طويل وساقتبس منه ما يهم رصده في هذا المقال. جاء في الخبر: (أ)- كشفت إحدى ضحايا الكليات الوهمية ل(الحراك) عن صدمتها بحقيقة وهمية الكلية لحظة تقدمها لتوظيف بالمطار، عندما سألتها الجهات المعنية بالتعيين عن أصل الكلية وموقعها ، وأن نتائج التقصي عن الأمر أظهرت بأن كليتها وهمية وغير مسجلة ، مما أدى إلى استبعادها عن الوظيفة. وأوضحت من خلال تحقيق ل(الحراك) ينشر بالداخل ، بأن إدارة التوثيق بالتعليم العالي رفضت توثيق الشهادة التي كانت تظنها أصلاً بحجة أن الكلية لا أحد يعلم عنها شيئاً ، مشيرة إلى أنها ظلت تدرس بها خلال خمس سنوات على التوالي وتخرجت بتقدير عالٍ وهي ثانية دفعتها، وبأن الجامعة كان بها مسجل ونظام المحمول للمواد إلى أنها لفتت إلى أن الكلية التي كانت رسومها 35 ألف جنيه ، وتسدد عبر البنك كانت تقبل حتى الساقطين في الشهادة السودانية ، إضافة إلى تغيير مقرها من المهندسين إلى موقع بالقرب من أستاد المريخ بالعرضة. (ب)- جاء في الخبر ، لم تخلُ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من استشارات لكيفية إثبات الدراسة بمقاعد كليات فاق عدد سنينها الأربع سنوات وأحيانا الخمس ، وذلك بحثاً عن كيفية معالجة ومخرج لشهاداتهم التي اكتشفوا بغتة أنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به بعد أن تجلت أمامهم حقيقة أن الجامعة التي درسوها وهمية .. معظم خريجي هذه الجامعات درسوا مجالات طبية وبعضهم وجد فرص عمل بالخارج وذهبوا فعلاً للعمل ، لكنهم صدموا بحقيقة عدم وجود الصرح العلمي الذي درسوا فيه في أضابير جامعات الحكومة. (ج)- اما اسوأ ما جاء في الخبر ، ان إحدى الخريجات التي تعتبر نفسها ضحية حكت ل(الحراك) تجربتها مشيرة إلى أن اسمها (أ – م) مبينة أنها صدمت وذهلت بعد خمسة أعوام من الاجتهاد والتحصيل بتفوق ، بأن شهادتها لا جدوى منها وذلك عندما ذهبت وقدمت للتوظيف بالمطار فبادرها الموظف المعني باستلام طلبات التوظيف عقب فحص شهادتها لعدة أيام ، "انتي درستي وين والكلية دي مكانها وين"، وبعد أن أجابته صدمها بأن كليتها ليس لها وجود على أرض الواقع. وقالت في حديثها الذي تشوبه الحسرة والندم وخيبة الأمل في الطموح بالتوظيف وهو كان دافعها للاجتهاد وتحصيل معدل ممتاز، وأنها ثانية الدفعة ولكن الآن كل أحلامها ذهبت أدراج الرياح. (د)- (أ – م) قالت إن الموظف نصحها بالذهاب إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتوثيق الشهادة وقطع كل حديث ، بأن الوزارة هي الجهة المعنية بالفصل. وأشارت إلى أن الوزارة رفضت توثيق شهادتها مبررة ذلك بأن كليتها غير مسجلة ولا يعرفون عنها أي شيء من الأصل ، الكلية الوهمية التي درست فيها (أ- م) تقع في أحد أرقى أحياء أمدرمان وتطل على شارع رئيسي ، وقال إن التقديم للالتحاق بها كان من داخل الجامعة وكان السداد يتم عبر البنك برسوم تبلغ (35) ألف جنيه ، كانت في ذاك الزمان تعني الكثير تدفع بشق الأنفس من قبل الأسرة خلال الخمس سنوات الدراسية التي قضتها بصفوف الكلية الوهمية. (ه)- عندما تقدمت (أ – م) بورقها باعتبارها خريجة محاسبة الكترونية بخمس سنوات ، ولم يشفع لها تدخل قريبها بجمارك المطار لسبب أن شهادتها في الأصل من جامعة وهمية وأوضحت أنها أكتشفت فيما بعد أن الجامعة فتحت لها فرع آخر واستمرت لفترة عقب قفل فرع الكلية بالمهندسين وترحيلها إلى جوار منطقة استاد المريخ ، وذلك بعد كثرة الاستفسار عنها لافتة إلى أن كل من جلس للشهادة السودانية كان بامكانه الالتحاق بصفوفها وإن كان راسباً في بعض المواد (ساقط). (و)- معظم خريجي هذه الجامعات درسوا مجالات طبية وبعضهم وجد فرص عمل بالخارج وذهبوا فعلاً للعمل، لكنهم صدموا بحقيقة عدم وجود الصرح العلمي الذي درسوا فيه في أضابير جامعات الحكومة. معظمهم من المجالات الطبية للأسف ، وتلقوا تدريباً في مشافي عسكرية مرموقة إلى جانب مستشفيات تعليمية لها اسم في المجال الطبي ، وبتوزيع لسنوات خدمة وتدريب عملي بأصل ذات الشهادات من تلك الكليات الوهمية. (ز)- قال عدد منهم تحدثوا ل(الحراك) إنهم تجاوزوا العقبة بتعب نفسي مرهق وأوضحوا أنهم اتخذوا قراراً بالعمل في مجالات عدة ، توفر لهم قوت يومهم دون الركون لشهادة الكلية الوهمية خاصة الأولاد، (ح)- ومن جانبه وصف الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان عبده مختار في حديثه ل(الحراك) وصف الطلاب بأنهم ضحايا لما سماه بالفوضى في ظل الوضع السياسي الراهن للحكومة، قائلاً بأن البرهان قد فشل في إدارة الدولة ولم يستعن بالكفاءات وإنما لفت بأنه استعان بعناصر النظام السابق الذي سماها بالفاشل ، مما نتج عنه إنتاج فشل في كل المواقع بما فيها التعليم كما حصل في كل من التعليم والصحة والاقتصاد ، معتبراً حالة التدهور في كل المجالات بالتدهور العميق منادياً البرهان الاعتراف بالفشل وتسببه فيه إعادة الدولة العميقة التي تسببت في كل هذا الفشل الذي لم يسلم منه التعليم. 4- اعلم سلفآ ان كثيرين من القراء قد طالعوا الخبرمن مصدره الاصلي بموقع "الحراك السياسي"، وقد قصدت اعادة مقتطفات منه حتي يتسني لمن لم يطالع المقال (خاصة اولياء الامور) معرفة ما يدور في سودان اليوم من فوضي ومهازل في مجال التعليم والتي تتم برعاية جنرالات مجلس السيادة … الذين اغلبهم – ان لم يكونوا كلهم- لم يسبق لهم ان عتبوا ابواب الجامعات ، ولا يهمهم بقليل او كثير مستقبل التعليم ونشأة الاجيال الجديدة. 5- شكرآ لموقع "الحراك السياسي" الذي نقلت منه المعلومات.