مقدمة: 1- (أ)- من المعروف عن البرهان شعبيآ واعلاميآ منذ لحظة تسلمه زمام الامور في البلاد يوم الخميس 11/ ابريل 2019م بعد تنحي الفريق أول/ بن عوف ، انه (البرهان) جنرال كتوم للحدالبعيد ، قليل الكلام لا يميل الي الادلاء بكثرة التصريحات ويفضل الابتعاد عن الصحفيين الا فيما ندر ، دائمآ يفضل البقاء بعيدآ عن الاضواء ، وهي صفات يختلف فيها كثيرآ عن الرئيس سابقه عمر البشير ، الذي كان يعشق بشدة الظهور العلني امام رؤساء الدول الاجنبية والشخصيات الدولية الهامة ، كان البشير يحب دائمآ ان تسلط عليه الاضواء أينما كان وحل ، ان يكون محل حديث الناس ، دفعه هذا العشق النرجسي الي درجة انه ما كان يخجل من الرقص علنآ والاهتزاز طربآ وهو علي سطح سيارته التي جاب بها الولايات والمناطق التي زارها ، وكان اثناء طوافه يتعمد هز عصاه الابنوسية رؤوس المواطنين ، بل حتي بعد ان تم خلعه وانهار حكمه وتم اعتقاله ، رايناه وهو في قفص المحكمة يبتسم غير مبالي بوضعه المزري. (ب)- البرهان يختلف في تصرفاته وسلوكياته عن المشير/ جعفر النميري والذي كان يلقب ب(اب عاج)، (نمنم ) كان شخصية فظة بمعني الكلمة ، وما كان يحترم احد او يكن المودة لشخص ما وعنده عقدة الكراهية ضد المثقفين بصورة خاصة ، وكثيرآ ما كان يشتم الوزراء والمستشارين جهارآ نهارآ وانتشرت قصص كثيرة عن هذه المهازل ، قام في احدي المرات بصفع وزير الصناعة علي مرآي من جمهور حضر احتفال افتتاح سكر كنانة!!، وطرد وزير من منصبه وعين مكانه رئيس نقابة في نفس الوزارة!! . (ج)- من غرائب الصدف التي يندر ان تتكرر في تاريخ السودان ، ان تصرفات البرهان اليوم تشبه الي حد بعيد تصرفات الفريق/ ابراهيم عبود عام 1958م!!، فاذا قلنا عن عبود انه لم يحكم البلاد بصورة مباشرة بعد ان سلم الحكم (الجمل بما حمل) لنائبه الاميرلاي/ حسن بشير نصر ، وانزوي بعيدآ في القصر الجمهوري يستقبل السفراء والدبلوماسيين الاجانب – او بمعني ادق- ، ان عبود كان مثل ملكة بريطانيا وقتها- ، موجود في السلطة كرئيس ولكنه لم يحكم البلاد طوال الستة اعوام -(1958م – 1964م) … نجد البرهان اليوم بعد ان سلم الحكم لنائبه هو صورة من عبود القديم!! . (د)- الفريق أول/ البرهان قام بتسليم كامل السلطة (الجمل بما حمل) لنائبه الفريق أول/ "حميدتي"، وانزوي بعيدآ في قصر الشعب يستقبل السفراء والدبلوماسيين الاجانب – او بمعني ادق- ، ان البرهان وضعه الدستوري في البلاد اليوم اشبه الي حد كبير بوضع تشارلز فيليب آرثر جورج ملك المملكة المتحدة … موجود في الحكم ولكنه لا يحكم!! . 2- الا ان البرهان ينفرد بظاهرة غريبة مثيرة للحد البعيد ، هذه الظاهرة لم تفت علي المراقبين بدقة تصرفاته وسلوكياته وتصريحاته ، ظاهرة لم تكن موجودة من قبل عند الرؤساء السابقين الذين حكموا البلاد منذ زمن غردون باشا عام 1885م وحتي عام 2019م . 3- هذه الظاهرة الغريبة تكمن في ان البرهان الذي كتبت عنه في اعلي المقال انه (جنرال كتوم للحدالبعيد ، قليل الكلام لا يميل الي الادلاء بكثرة التصريحات ويفضل الابتعاد عن الصحفيين الا فيما ندر ، دائمآ يفضل البقاء بعيدآ عن الاضواء) ، انه ما ان يغادر البلاد الي دولة ما في زيارة رسمية ويعود منها للبلاد ، حتي نجده (برهان اخر) غير الذي عرفناه قبل مغادرته الخرطوم!! . 4- ورايت في هذا المقال ، ان اسرد بعض الاحداث التي وقعت خلال الثلاثة اعوام الماضية ، والتي تؤكد صحة وصدق هذه "الظاهرة البرهانية" وظهور برهان اخر بعد عودته من رحلة خارجية ويحكمن اليوم. 5- بعد انقلاب يوم الاثنين 25/ اكتوبر 2021م ، جاءت الاخبار في الصحف العربية بخبر مفاده ، انه وقبل الانقلاب بيوم واحد – اي في يوم الاحد 24/ اكتوبر 2021م ، غادر البرهان الخرطوم الي القاهرة سرآ في مهمة مبهمة لم يكشف احد تفاصيلها حتي اليوم ، وبعد ساعات من عودته الي الخرطوم قام بانقلاب عسكري غريب في نوعه ، انقلاب لم يكن فيه اذاعة البيان الاول!!، ولم يشارك "حميدتي" بقواته!!، ولا سمعنا بخروج دبابات للشوارع!! ، ولا جنود لاحتلال الاذاعة!!… بل ولا حتي تم بمعرفة القادة العسكريين!! . 6- خرج الجنرال/ البرهان من الخرطوم يوم 24 / اكتوبر ، وعاد للبلاد في يوم 25 برهان اخر احال السودان باكمله لقطعة من جهنم !! . 7- (أ)- الرواية الاخري عن "الظاهرة البرهانية"، انه فجأة وبدون سابق انذار بعد اقل من (48) ساعة من وصوله الخرطوم قادمآ من ابوظبي التي بقي فيها فترة قصيرة ، ادلي بتصريح لم نسمع له مثيل قد قاله من قبل في اي مناسبة من المناسبات الرسمية او اثناء اجتماعه بالمكون المدني ، حيث قال في تصريحه انه يشترط دمج "الدعم السريع" في الجيش لدعم الاتفاق الإطاري!!، ولا نعرف ان كان هذا التصريح اصلآ من عنده ومن بنات افكاره … ام من اختراع من كان عندهم قبل ساعات قليلة مضت في الامارات ؟!!، بالطبع غالبية المواطنين الذين سمعوا بهذا التصريح قد استغربوا شديد الاستغراب بسبب توقيته بعد الزيارة لابوظبي وليس من قبل!! . (ب)- تصريح البرهان اثار دهشة كل من سمعه ، وذلك لان الاتفاق الإطاري قد نص في بنده الرابع بوضوح على «دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية ، وقوات حركات الكفاح المسلح »، ونص كذلك على قيادة القوات المسلحة لخطط الإصلاح الأمني والعسكري الموصلة لجيش مهني قومي واحد ، يدمج فيه الدعم السريع وفق جداول زمنية ، وتدمج فيه قوات الحركات المسلحة وفقاً للترتيبات الأمنية التي اتفق عليها في اتفاق جوبا لسلام السودان. 8- قبل الزيارة لدولة الامارات البرهان لم يدلي باي تصريح عن سبب الزيارة العاجلة والتي ما كانت في جدول اعماله!!، ولم يلتقي باي صحفي علي انفراد ، ولا اجري لقاء صحفي في المطار او في رئاسة الجمهورية لشرح نتائج الزيارة وان كان هدفها دفع عملية "التطبيع " السودانية الاسرائيلية للامام ، ولا اوضح ان كانت زيارة عاجلة وسريعة بهدف توقيع اتفاقية ثنائية مع الحكومة الاماراتية بخصوص تشييد ميناء (ابوعمامة)؟!! . 9- عاد البرهان من الامارات ، وعلي الفور اطلق اولي تصريحاته التي حتمآ ستجئ بعدها (تسونامي) التصريحات من كل شكل ولون!! . 10- هذه الزيارة السريعة المبهمة للامارات ، اعادتنا الي ذكري الزيارة الغريبة التي قام بها البرهان الي اوغندا في يوم الاثنين 3/ فبرير2020م وهناك في منتجع عنتبي التقي برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وبعد عودته ملآ البرهان الدنيا بتصريحات علي شاكلة : (هذه الزيارة ستلغي المقاطعة المفروضة علي السودان)!! ،(يتطور الاقتصاد )!!، (زيارة من أجل مصلحة الشعب السوداني والنهوض بالدولة)، (الشعب السوداني سيجني نتائج اللقاء قريباً)، (اللقاء هو إبداء لحسن النية للعالم أجمع أنه ليس للسودان عداوة مع أي دولة)!!. 11- قبل سفره الي اوغندا ، كان البرهان رغم سلبياته الكثيرة والسياسة القمعية التي انتهجها شعب المسالم محل احترام علي اعتبار انه رئيس البلاد شئنا ام ابينا ، ولكن ما ان عاد من عنتبي بعد لقاءه مع بنيامين نتنياهو ، وبعدها رحلته الاخيرة الي ابوظبي ، حتي وجدناه برهان اخر يختلف عن الاول الجنرال!!… البرهان الجديد لا نعرف له هوية ، وان كان هذا الاخر اماراتي؟!!.. اسرائيلي؟!!.. ام مصري؟ !!.. البرهان تفضحه تصرفاته وعمايله وقراراته وخضوعه لاجندات خارجية لا يخفي تبنيها!! .