1- مقدمة-(أ):- جرت العادة عند مشاهدتنا لافلام رعاة البقر، انه ما من فيلم (Cowboy) امريكي سبق عرضه في احدي صالات العرض بالسودان منذ سنوات الاربعينات حتي اليوم ، انه لابد من موت احد الاثنين "البطل او الخاين"!! ، ففي كل هذه الافلام لا يوجد مكان يسع للاثنين معا والبقاء للاقوي ، واذا حدث ان انتهي الفيلم بنهاية سعيدة بلا وفيات .. عندها ينتفض المتفرجين بغضب شديد ويقومون بتكسير مقاعد السينما ورمي الشاشة بالزجاج الفارغ وهم يهتفون "سينما اوانطة هاتوا فلوسنا"!! . 2- (أ)- اشهر دور العرض التي قدمت اروع افلام رعاة البقر الامريكان ، كانت سينما برامبل" التي أسسها المواطن السودانى من اصول قبطية (قديس عبد السيد) فى عام 1946م ، واطلق عليها اسم سينما (برامبل) عرفانا منه لمفتش امدرمان البريطاني في ذلك الوقت الذى منحه التصديق بانشاء دور للسينما وذلك بميدان البوسته الحالي في امدرمان. (ب)- تعتبر سينما "كوليزيوم"، من أوائل دور العرض السينمائي التى أنشئت فى السودان ، أسسها الخواجة (عمانويل ليكوس) عام 1936م عندما كانت الأفلام في ذلك الوقت صامتة ، وكان موقعها الاول فى شارع الجامعة مقابل مبنى مصلحة البريد والبرق الحالي قبل أن تنتقل الى شارع القصر ، دخلت سينما "كوليزيوم" قائمة العقارات التاريخية التي تم بيعها لمستثمر اجنبي ، لقد سبق هذا البيع الاخير من قبل مئات العقارات الاخري الهامة التي آلت اليوم الي اجانب. 3- اغلب الذين لعبوا ادوار البطولة في افلام رعاة البقر وحفظنا اسماءهم عن ظهر قلب كانوا : جاري كوبر ، برت لانكستر ، الن لاد ، جاك بلانس، ريتشارد ويدمارك ، كيرك دوجلاس ، هنري فوندا ، سيدني بواتييه .. واخرين. 4- انتهي ذلك الزمن الجميل الذي ولي وانقضي بعد ان تمتعنا فيه باجمل واروع الافلام الامريكية ، واليوم مع الاسف الشديد اصبحنا في السودان المنكوب نعيش في عالم اخر يحكمه"رعاة البقر"جدد عندهم نفس ملامح وشبه (كابويات!!) ذلك الزمن القديم مع اختلاف بسيط ، فهم اليوم نراهم بملابس "كاكية" ويتوسط خصر كل واحد منهم مسدس امريكي الصنع!!، واستبدلوا "الكاسكيتات" الامريكية ب"كاب" صناعة صينية!!، ولما لم تعد الخيول محل هيبة تليق بمقامهم قاموا باستبدالها بعربات الدفع الرباعي!! . 5- هؤلاء الرعاة الجدد بعد ان آلت لهم السلطة تركوا كل شيء امامهم من مهام جسيمة وامور عاجلة تستحق الاهتمام وتفرغوا لمعاداة المواطنين المسالمين!!، هؤلاء الرعاة الجدد اصبحوا يتعاملون مع الشعب بنفس المعاملة التي كانت بين "الكابويات" والهنود الحمر .. تقتيل وابادة .. وتصفيات جسدية بالجملة والقطاعي .. واغتصابات مبرمجة دخلت عامها الاحدي عشر خاصة في دارفور .. ونهب وسلب وحرق القري والمزارع!! . 6- وتمامآ كما في افلام "الكابويات" نشب صراع حاد فيما بينهم ، اصبح يزداد كل اشد حدة ، هو صراع لم يصل بعد الي حد المواجهة المسلحة. 7- دائمآ ما كان الصراع بين البطل والخائن او الشريف ورئيس العصابة صراع – (احيانآ يكون نفس هذا الشريف الذي يحرس المدينة لص افاق متواطئ مع اخرين من الخارج يمدونه بالمال والعتاد!!!). 8- انتقل هذا الصراع السينمائي من الشاشة البيضاء بين الرعاة الي ارض الواقع السوداني بسبب تقسيم السلطة والثروة بينهم، واليوم نعايش كل يوم احداث مزرية في غاية الالم … لقد اكتوي الشعب بنيران الجهتين: الشريف المدعوم من جهة خارجية بالمال والنصح والاستشارات ، وما بين رئيس العصابة هو الاخر مدعوم بقوة عسكرية ضاربة وجنود من كل جنس ولون!! . 9- واخيرآ في ظل هذه الاجواء الغامضة المبهمة للحد البعيد ، اسال: اما من فاهم يفهمنا الي اين وصلت العلاقة بين البرهان وعدوه اللدود "حميدتي " ؟!! . 10- ويا تري لمن الغلبة في النهاية – "ديجانقو" ام "سرتانا".. خصوصآ وان الصراع الشخصي بينهما لم يعد يحتمل وجود (Two Cowboys )؟!! .