عودة الي حدث قديم وقع في مارس 1970م : (أ)- هناك معلومة عسكرية قديمة عمرها (53) عام ثبتت في اذهان ملايين السودانيين مفادها ، انه ابان الاشتباكات الضارية التي وقعت في الجزيرة آبا في نهاية شهر مارس عام 1970م بين القوات المسلحة ضد قوات الأنصار بقيادة الإمام الهادي ، قام البكباشي/ جعفر النميري القيام باتصال هاتفي مع الرئيس المصري وقتها جمال عبدالناصر وطلب منه المساعدة في ارسال طائرات حربية مصرية تشارك في المعارك الدائرة منذ ايام طويلة في الجزيرة آبا ، لم يخذل عبدالناصر النميري وارسل سرب طائرات حربية مصرية بقيادة الطيار/ حسني مبارك ، وقامت الطائرات المصرية بقصف مراكز تجمع الانصار في الجزيرة مما حدا بالإمام الهادي للهجرة شرقا ، فعثرت عليه شرطة الحدود بالقرب من مدينة الكرمك مع جماعة من المرافقين ، وضرب بقوة حتي الموت قبل معرفة هويته ، بعد اعوام من هذا الحدث رفض المؤرخ المصري/ محمد حسنين هيكل رفضآ قاطعآ اي دور للقوات المسلحة المصرية في ضرب الجزيرة "ابآ"، بعض الصحف المصرية بعد تنحي محمد حسني مبارك من السلطة في فبراير 2011م نشرت ان مبارك شارك في ضرب الجزيرة "ابأ" عام 1970م . (ب)- عمت الدهشة كل المواطنين في السودان الذين استغربوا بشدة طلب النميري المخجل من مبارك تقديم المساعدة العسكرية ، وتساءلوا في احباط شديد هل حقآ وصل حال الجيش السوداني الي هذا المستوي من الضعف في الامكانيات العسكرية لدرجة انه (الجيش) لم يستطيع الصمود امام قلة من الانصار لا يتجاوز عددهم الألف انصاري اغلبهم مسلحين باسلحة قديمة واسلحة بيضاء؟!!، طلب النميري من مبارك المساعدة كشف علي الملأ كم هو هزيل وضعيف جيش البلاد!! . (ج)- بعد هذه الحادثة (الفضيحة) !! التي وقعت عام 1970م في الجزيرة آبا ، وقعت حادثة اخري عام 2012م – اي بعد (53) من الاولي كانت الصدمة فيها اقوي مئات المرات من ما وقع في الجزيرة ابآ ، ففي شهر اكتوبر عام 2012م قامت الطائرات الحربية الاسرائيلية بقصف مصنع (اليرموك) للاسلحة في منطقة (الشجرة والكلاكلات) جنوبالخرطوم ، وتم تدمير المصنع بشكل كامل وعادت الطائرات الاسرائيلية الي قواعدها في تل ابيب دون ان تتعرض لمقاومة او اعتراض للطائرات من قبل القوات المسلحة!! ، يومها تساءلت الجماهير "اين اختفي جيشنا جيش الهنا ولم يتعرض للدفاع عن المصنع؟!!" … "لماذا اخفقت القوات المسلحة في صد الهجوم ولم نري طائرة حربية سودانية واحدة حلقت في السماء لحظة القصف؟!!… وجاء الرد الصادم من وزير الدفاع وقتها الفريق أول/ عبدالرحيم حسين "الطيارة جاءت بالليل والواطة كانت ضلمة والطيارة طافية الانوار ، والناس في صلاة العشاء!!". (د)- تعرض عبدالرحيم حسين وقتها لسخرية عارمة وهجوم ضاري من المواطنين والصحفيين ، بل حتي اعضاء المجلس طلبوا استدعاء عبدالرحيم حسين لتوضيح اين اختفي الجيش عندما حاقت بالبلاد مصيبة الصف؟!!، لماذا لم يقم الجيش بواجبه وهو الذي يستحوذ علي (60%) من ميزانية العامة كل عام؟!!. (ه)- عندما وقعت الاحداث الاخيرة في يوم السبت 15/ ابريل الجاري ووقعت معارك بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع"، قامت الصحف الاجنبية بعمل مقارنة بين القوتين العسكريتين من ناحية العدة والعتاد وما عند كل قوة من اسلحة دفاعية وهجومية متطورة. (و)- بادرت قناة "العربية" في يوم السبت 15/ابريل 2023م بنشر الاتي : بينما وصلت العلاقة بين جناحي المكون العسكري في السودان (الجيش والدعم السريع) ، إلى مستوى غير مسبوق من التوتر تجلّى باندلاع اشتباكات عنيفة وإطلاق كثيف للنار في الخرطوم صباحاً ، اتجهت الأنظار لمقارنة أوجه القوة بين الجانبين . فما هو عدد العناصر والآليات لدى كل من القوتين؟!! . بحسب تقارير صادرة عن منظمات دولية ، يبلغ عدد قوات المسلحة في السودان حوالي 205 آلاف جندي، بينهم 100 قوات عاملة، 50 ألفا قوات احتياطية ، 55 ألفا قوات شبه عسكرية. فيما تصنف القوات الجوية التابعة للجيش ، في المرتبة رقم 47 بين أضخم القوات الجوية في العالم، وتمتلك 191 طائرة حربية تضم 45 مقاتلة ، 37 طائرة هجومية ، 25 طائرة شحن عسكري ثابتة الأجنحة ، 12 طائرة تدريب ، وقوات برية تشمل قوة تضم 170 دبابة ، وتصنف في المرتبة رقم 69 عالميا ، 6 آلاف و967 مركبة عسكرية تجعله في المرتبة رقم 77 عالميا ، قوة تضم 20 مدفعا ذاتي الحركة تجعله في المرتبة رقم 63 عالميا. قوة مدافع مقطورة تضم 389 مدفعا تجعله في المرتبة رقم 29 عالميا ، 40 راجمة صواريخ تجعله في المرتبة رقم 54 عالميا في هذا السلاح. كذلك يمتلك الجيش أسطولا حربيا يضم 18 وحدة بحرية تجعله في المرتبة رقم 66 عالميا ، بينما تقدر ميزانية دفاعه بنحو 287 مليون دولار، وفقا لموقع "غلوبال فاير بور". واعتبرته إحصائيات صدرت عام 2021م ، من أقوى وأكبر الجيوش في القرن الإفريقي. كما لها مقار وثكنات عسكرية داخل الخرطوم ومدن أخرى بالبلاد ، وقد استولت على مقار تابعة لجهاز الأمن المخابرات الوطني ومقار تابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول ، كما أنها تنتشر بشكل واضح في إقليم دارفور ومعظم ولايات السودان ، إلى جانب مناطق حدودية مع دول الجوار الإفريقي. في حين لا تعرف بالضبط نوعية التسليح والعتاد العسكري لتلك القوات ، لكن الاستعراضات العسكرية التي تنظمها بين حين وآخر تظهر امتلاكها مدرعات خفيفة وأعداداً كبيرة من سيارات الدفع الرباعي من طراز "لاندكروز بك آب" مسلحة. وأيضاً تظهر تلك الاستعراضات أنواعاً مختلفة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة. (ز)- اما تلفزيون "الشرق" فقد نشر تقرير مفاده. ما حجم قوات الدعم السريع؟!!، رأس الفريق أول محمد حمدان دقلو "الدعم السريع"، ويشغل في الوقت الحالي منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم. ويقدر محلّلون عدد القوات بنحو 100 ألف جندي ، ولهم قواعد وينتشرون في أنحاء البلاد. (ح)- هناك معلومة اخري من "ويكيبيديا"، الموسوعة الحرة افادت: بحلول عام 2010م ؛ شكّلت السلطات السودانيّة «قوات الدعم السريع» بقيادة حميدتي انطلاقًا من مجموعة من الميليشيات التي كانت مُنخرطةً في الحربِ الدائرة في دارفور . لقيت هذه القوات دعمًا مُباشرًا من عمر البشير وصارت قوّة موازيّة مكوّنة من حوالي 40.000 مُقاتل ومجهزة بالعتاد والسلاح. (ط)- نشرت "دارفور 24"- يوليو.27, 2019م :- حصلت قوات الدعم السريع العسكرية على 40 دبابة قتالية إضافة لعدد من المدرعات كدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، لتطوير قدرات هذه القوات عسكرياً. قال ضابط رفيع في قوات الدعم السريع ل "دارفور 24" إن قواتهم سعت للحصول على سلاح متطور من وقت سابق إذ دربت نحو 23 طالباً على الطيران في روسيا. (ي)- بالعودة الي ما جاء اعلاه من رصد موثق من مصادر عسكرية عن امكانيات القوات المسلحة اليوم ، وحجم قوة ترسانتها العسكرية الدفاعية والهجومية ، قدرة القطاعات العسكرية والدفاعية التصنيعية والتكنولوجية ، نجد بعد هذا الرصد ، ان القوات المسلحة امكانياتها بجد متواضعة للحد البعيد، انها تفتقر الي الكثير من الاسلحة المتطورة عالية التقنية خاصة في مجال التصنيع الحربي واستيراد احدث انواع الطائرات الحربية بدل عن هذه الطائرات الحربية القديمة التي استجلبها وزير الدفاع السابق عبد الرحيم حسين من روسيا وجمهورية روسيا البيضاء واوكرانيا وهي الحقائق المؤلمة التي صدرت ضد عبالرحيم من ضباط اثناء محاكمتهم بتهمة القيام بمحاولة انقلاب في عام 2012م والمعروفة باسم (انقلاب صلاح قوش). (ك)- مساحة السودان واسعة وحدودها مفتوحة ومكشوفة بلا حماية عسكرية كافية بدليل دخول ملايين اللاجين والوافدين بكل سهولة منذ سنوات ومستمرة حتي اليوم… الغرض من كتابة هذا المقال ، ان الرصد الذي قامت به بعض الصحف الاجنبية كشف علي الملأ هشاشة القوات المسلحة التي تحتاج الي علاج سريع لانهاء علتها.