لكي لا نقع في مستنقع تجارب الكيزان العبثية التي اوردتنا موارد الهلاك يجب علينا ان نلقي نظرة علي كل المفاوضات ، والإتفاقيات التي عُقدت في عهد حكم الكيزان ، وآخرها سلام جوبا الذي اعدوه بليل لنصحى علي هذا الكابوس المفزع. جميعها غاب عنها البعد الإستراتيجي ، ومصالح الدولة العليا ، والمؤسف جميعها انتجت ازمات ، وواقع اسوأ من الحروب نفسها ، وذلك لأن الدولة لا تعني شيئ في منهج الجماعة بقدر مصالحهم الذاتية الضيقة ، والتي اصبحت تعلو علي مصالح تنظيمهم نفسه. الإنقاذ انتجت سماسرة ، وإنتهازيين لا تعنيهم إمور الدولة في شيئ ، وهذا ما انتج كل الازمات التي نعيشها اليوم. اخطر ما في تفاوض جدة يحمل بصمات إتفاق الطائف الذي يعيش لبنان مآلاته اليوم بإنهيار الدولة ، وقيام دولة مليشيا حزب الله علي انقاض لبنان ، الذي إبتلعتها المليشيا بالكامل. المعلوم ان كل اطراف الحوار هم كيزان حتي رئيس وفد الجنجويد العميد الركن عمر حمدان ، من ضباط الدفعة 43 هو إسلامي من الصف الاول، ومن عتاة الكيزان داخل المؤسسة العسكرية المنتدبين. ماذا يعني الوقف الدائم لإطلاق النار ، ودخول مراقبين دوليين؟ . يعني ان الكل يبقى في اماكن تواجده ، وذلك إعتراف ، ومنح الجنجويد جعرافيا تتبع لنفوذهم داخل العاصمة. اينما امطرت جدة فللكيزان سهم ، ونصيب! . كل الشعب السوداني يردد بعفوية مسألة الاطماع في تقسيم السودان. حوار جدة هو تقسيم للعاصمة الخرطوم نفسها.. اينما وُجدت الاطماع الدولية ، والإقليمية الكيزان في ايّ حوار ، او تفاوض تحت ايّ مسمى ، فهذا ما تتمناه لأنها ستحصل علي ما تريد ، لأن الجميع لا يريد حضور الدولة ، او من يمثل إرادة شعبه بصدق ، و تجرد. ستبدأ مرحلة لبننة السودان من عاصمته الخرطوم حيث سيكون للجنجويد مناطق نفوذ ، محمية بإتفاق جدة تحت رقابة دولية. يجب ان يعلم الجميع ان فكرة الحوار والهرولة نحوه تلبي رغبات الكيزان المريضة ، ومصالحهم الذاتية الضيقة ، وطموحهم الضحل ، حيث تقسيم المُقسم. هذا الذي يجري بوجود الكيزان علي رأسه لا يؤدي الي وقف الحرب ، بل هو التأجيل الي فصول قادمة اقبح ، والعن! . لماذا يجب رفض ايّ تسوية في هذا الملف بعد إندلاع الحرب لها علاقة بالتدويل؟ . المثال في ذلك سوريا.. سوريا رفضت القرار الدولي 2254 المُتخذ بالإجماع في مجلس الامن لحل النزاع بالطرق السياسية ، اعتقد حسب تقديرات النظام السوري الامر له علاقة بوحدة التراب السوري ، فالقرار هو إعتراف بحدود جغرافية لجماعات ، و مليشيات فرضها واقع الحرب ، لتصبح سوريا ارض مقسمة حسب النفوذ بين الشرق ، والغرب ، ودول الإقليم بقرار دولي. برغم ان مشهد التقسيم حاضراً علي الارض بالامر الواقع ، لم يجد طريقه الي طاولة التفاوض ، لطالما لا يحمل ملامح مشروعاً وطنياً يحقق وحدة التراب ، ويحفظ حقوق الجميع بعيداً عن المصالح الدولية ، وتقاطعاتها. إتفقنا مع النظام السوري ، او إختلفنا معه ظل يمانع في الذهاب الي الحوار تحت القرار الاممي لأكثر من عقد من الزمان ، والجميع يعلم الواقع هناك. يجب اخذ العِبر من إتفاق الطائف ، والنظر الي حال لبنان اليوم! . كيزان سجم الرماد هرولوا الي التفاوض دون ان يعرف احداً مآلات هذا الواقع.. نعم تم وضع امر الحرب تحت لافتة التمرد ، برغم تقاطعات الواقع الذي يسيطر علي تفاصيل المشهد فيه سدنة النظام البائد ، و ربائبه ، و مصالحهم في كلا الطرفين جيش ، او جنجويد. إذا كانت الحرب خيار الكيزان ، وسدنة النظام البائد فالحوار الذي يجعلهم يديرون المشهد هو مبتغاهم ، وطموحهم ، فهرولوا الي جدة بين ليلة وضحاها تناسوا فكرة الحرب التي فرضوها واقعاً علي الشعب السوداني. الحل:- لست من دعاة الحرب ، او إستمرارها ، نعلم مراراتها ، فواحد من اسباب الغياب ، والإحتجاب هو اننا ظللنا لسنوات نتحدث ، لتجنب هذا المشهد الذي كنا نراه رأي العين ، ولم نجد آذاناً تسمع ، والمؤلم في الامر من هم في السلطة الآن تبنوا كل ما كنا نردده ، ونقوله ، بالحرف بلا حياء ، حيث كان حراماً علينا ، ووضعونا في خانة اعداء الوطن، وجيشه الذي نريد تفكيكه ، وخرابه. الحل ان تقوم جبهة عريضة تمثل مصالح الشعب السوداني الحقيقية بعيداً عن الكيزان ، والقوى السياسية التي فقدت المصداقية. قيام حوار بأسرع ما يمكن لكيفية وقف الحرب بطريقة تضمن وحدة التراب السوداني ، وان يوضع إطار لعملية التعامل مع مليشيا الدعم السريع بشقيها السودانيين منهم وكيفية دمجهم في صفوف القوات المسلحة ، والتسريح ، اما الاجانب منهم بالتعاون مع دول الإقليم ، والمجتمع الدولي في طريقة عودتهم الي بلدانهم. كسرة.. عبارة مؤلمة حد الوجع.. البرهان "كنا نظن" يا العشا ابو لبن لا يوجد قائد في الكرة الارضية في التاريخ القديم ، او الحديث توجد في مفكرته خانة للظنون. صرف عليك الشعب السوداني من الكلية الحربية الي ان وصلت الي رتبة الفريق اول لتأتي بعد كل هذا الخراب ، والدمار لتقول له "كنا نظن"! . القادة يتوقعون واجبات المستقبل بعيداً عن الظنون ، والاوهام ، والاحلام ! . اما قادة مشروع الدولة السريالية يعملون برزق اليوم ، فالمستقبل هو في رحم الظنون.. كسرة ، ونص.. هذا فشل يستحق الإعتراف بشجاعة ، والإعتذار الذي يستوجب العقاب ، والحساب ، حسب إرادة الشعب السوداني ، لأن حجم الدمار كبير ، والخسائر مهولة ، و لا يزال الحبل علي الغارب. صعود جيل الشباب الي قيادة المؤسسة العسكرية في هذا الظرف الدقيق يزيد ثقة الشعب ، وتلاحمه مع جيشه ، وسيكون النصر اينما كانت إرادة الشعب ، والامة. كسرة ، ونص.. قتال هذه المليشيا في شوارع الخرطوم بهذه الطريقة يعني انها المعركة الرئيسية ، والاخيرة ، فمن يعتقد ان لهذه المليشيا ظهير قبلي يبقي واهم ، فما اسرة دقلو إلا اسرة موتورة ، اراد البعض ان يجد لها سوقاً ، وآخر المحاولات فرضها سياسياً بخطاب ينفي وجودها ، ويعارض مبادئها .. فهي الإنتهازية يا قوم ، وما يفعله المال من خوازيق! . اخيراً.. نزولاً الي رغبات بعض الإخوة ، والاصدقاء كسرت حالة الصمت ، والإحتجاب الذي فرضته حالة نفسية قاهرة لا يعلمها إلا الله ، فمعذرة إن كنت شحيحاً في التحليل ، او الكتابة ، فأتابع بصمت في اغلب ساعات اليوم إن لم يكن جميعها.. ودي ، وإحترامي للجميع ، بمختلف الآراء ، والمواقف ، وتبقى مصلحة السودان ، وشعبه هي العليا فوق رقابنا جميعاً..