السياسة بحر لجي، مخطيء من يتعامل مع حقائقها الظاهرة ويظنها كل الحقائق، فهناك حقائق خفية تحركها ايادي خفية هي أجهزة الامن والاستخبارات. خلال ثورة ديسمبر اجتهدت أجهزة الامن والاستخبارات في تشويه سمعة الثوار، فعلوا كل ما يخطر وما لا يخطر على البال من فبركات وعمل اعلامي واستخدام مندسين وسط الثوار، من اجل المحافظة على بقاء البشير. لم يصدق الثوار ما يحاك ضدهم، لكن هنالك الكثير من البسطاء أثر فيهم هذا العمل وصدقوا أن الثوار صعاليك ومدمني مخدرات وملحدين وفاسدين ويعملون لحساب دول اجنبية، ومازال العمل لتشويه الثورة مستمر حتى الان، والحرب الحالية تستخدم بمهارة عالية في تشويه سمعة الثورة من خلال استهداف لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير. على ذات النسق، بعد بداية الحرب الحالية، أصبح هدف أجهزة الامن والاستخبارات الاول هو تشويه صورة قوات الدعم السريع في ذهن الشعب، والمعركة التى تدور الان بالفعل داخل الخرطوم، ليست هي معركة الرصاص وانما معركة كتائب الامن والاستخبارات ضد الدعم السريع، بينما الجيش ينتظر نتيجة هذه المعركة وهو مرتكز في معسكراته ويدافع عنها فقط. نجحت أجهزة الامن والاستخبارات بامتياز في معركتها ضد الدعم السريع، ملصقة بها كل الانتهاكات التي حدثت في منازل الخرطوم ومستشفياتها، والجميع صدق ذلك نتيجة لوجود صورة ذهنية في العقل الباطن السوداني للدعم السريع وانتهاكاته السابقة في دارفور وفي فض الاعتصام، ولم ينتبه احد للنفي المتكرر من المتحدثين باسم الدعم السريع لهذه الانتهاكات وتحميلهم المسؤلية لطرف ثالث. لم ينتبه الغالبية الى ان الخطاب الذي كانت تجري تحته الانتهاكات في دارفور وفي فض الاعتصام مختلف عن الخطاب الحالي، ففي حرب دارفور كان خطابهم محاربة متمردين ضد الدولة والشعب وبالتالي كان لهم مسوغ لهذه الانتهاكات، وفي فض الاعتصام كان خطابهم تأديب الثوار المناديين بالمدنية. بينما خطابهم الان مختلف وهو محاربة الانقلابات والكيزان وجلب الديمقراطية. بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا مع هل الدعم السريع صادق أو غير صادق في جلب الديمقراطية فالمطلوب ان يتطابق خطابه الرسمي مع فعله. تنشط الان منشورات التهكم والسخرية من الدعم السريع الذي يتحدث عن الديمقراطية بسبب الانتهاكات، مما يقود إلى سؤال: اذا لم تكن هناك انتهاكات، هل من الممكن ان يحظى خطاب الدعم السريع ببعض المصداقية؟! اذا علمنا أن ضرب مصداقية خطابات العدو هي وظيفة أجهزة الامن والاستخبارات، فقد تتكشف أمامنا حقائق خفية، خاصة واننا نعلم ان أجهزة الامن والاستخبارات هذه مصروف عليها اموال ضخمة، وانها ظلت لمدة 30 سنة تعمل بانتظام حتى تحولت إلى دولة داخل الدولة، وبالتالي هي تمتلك قدرات دولة، وتستطيع بها ان تكسب معركة تشويه الدعم السريع بامتياز خاصة في ظل وجود الصورة الذهنية المنطبعة في داخل الشعب عن الدعم السريع. لذلك التقرير الذي اصدرته صحيفة العرب اللندنية في الأيام الماضية والذي يتحدث عن استخدام الاستخبارات العسكرية لمرتزقة يستخدمون زي الدعم السريع ويقومون بالسلب والنهب والانتهاكات منبه مهم لايقاظ كثيرين من استسلامهم للصورة الظاهرة من الحقيقة والبحث عن ما يجري في الخفاء. وفي ذلك ربما من المنطقي التساؤل عن فائدة استهداف قوات الدعم السريع لمقرات احزاب قوى الحرية والتغيير المحايدة في الحرب، حيث استهدفت دار حزب الأمة القومي، دار الحزب الشيوعي، دار التجمع الاتحادي، بينما لم تستهدف دور احزاب ابواق الحرب، مما يثير الأسئلة عن وجود الطرف الثالث ودوره الخفي في هذه الحرب. [email protected]