محمد عبدالماجد (1) استغربت من تصريح لسفير السودان في واشنطون لاحد المواقع الاجنبية ، تداولته الفضائيات العربية بعد ذلك، قال فيه السيد السفير ان الجهات التي ترعى التفاوض بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع تحمل (الكرباج) على طرفي التفاوض، وهو يقصد بذلك الولاياتالمتحدةالامريكية التي اصدرت عقوبات على الجيش والدعم السريع بسبب الانتهاكات والخروقات التي حدثت من الطرفين اثناء ساعات الهدنة حسب تقديرات ورصد الولاياتالمتحدةالامريكية والسعودية راعيّا مفاوضات جدة التي تجمع بين طرفي النزاع السوداني. اسوأ من انتهاك هدنة وقف اطلاق النار ، الانتهاكات التي تتم بالسلب والنهب وترويع المواطنين وإرهابهم والاستيلاء على سيارات الاهالي وإخراجهم من منازلهم قصرا ، ليتشردوا ويضربوا في الارض بحثا عن الملاجئ والخلاص. ليتها اقتصرت على كسر هدنة وقف اطلاق النار. القصف اصبح يتم على الاحياء بطريقة عشوائية، بل بطائرات (مسيّرة) لكنها لا تفرق بين المواطنين والأهداف التي تقصدها. شيّعنا امس في الحاج يوسف بعد صلاة العشاء رجل وامرأة من سكان الحي المدنيين بسبب القصف العشوائي. فقدنا الشاب حسن بركية (حسونة) لاعب الطرف اليمين لفريق حي الوادي والمنتخب الاولمبي، الذي اجتمعت الحاج يوسف كلها حزنا في تشييعه المهيب رغم ظروف الحرب. (2) نعود الي تصريح السفير الغريب ونقول ان مكمن الاستغراب كان ناتجا من ان هذا التصريح صادر من جهة (دبلوماسية) معتبرة ،يفترض ان تكون لغتها او تصريحاتها متزنة وممعنة في الدبلوماسية بدلا ان تكون على ذلك النحو (العسكري) الفج الذي يفتقد للحصافة والكياسة والعقلانية. هذا التصريح يمكن ان يخرج من حميدتي ..!! من الكباشي ممكن!! ولكن ان يخرج من (دبلوماسي) رفيع فهذا ما نستعجب منه. اذا كان هذا هو حال (الدبلوماسية) في السودان فان ما يحدث من (العسكر) يجب ألا يدهشنا. اما الذي يدعو الي ما هو اكثر من الاستغراب فهو في ان التصريح صادر من سفير السودان في الدولة التي صدر في حقها التصريح ، ووصف وفدها الذي يعمل لايقاف الحرب (مشكورا) بانه بحمل (الكرباج) على المتفاوضين، وهذا (خروق) اخر من السفير لا يقل بأية حال من الاحوال من خروقات (ضرب النار) بعد الاتفاق على الهدنة. الحكاية بائظة من (دبلوماسيتها). يبدو ان السفير السوداني لا يعرف ان الخرطوم تعيش تحت الرصاص ويعان سكانها من قطوعات الكهرباء والمياه وغلاء الاسعار وانعدام السلع وهجرة الاهالي لمساكنهم، في ظل احتلال المشافي والمنازل وتوقف الدراسة وتعطل الحياة وانعدام الخبز والدواء . وبعد كل هذه الاهوال التي يعيش فيها الناس في الخرطوم يحمل سيادة السفير الهم على اعضاء حكومته من (الكرباج) الذي يرفع (مجازا) عليهم، والناس بتموت من جراء حرب وصفها رئيس مجلس السيادة بانها (عبثية)!! هؤلاء العسكر من الطرفين يستحقوا ان ترفع عليهم (العصا) وليس (الكرباج) بعد ان رفعوا (السلاح) في وجه شعبهم. اذا كانت اللغة (الدبلوماسية) للحكومة السودانية على ذلك النحو فهذا يعني ان السودان سوف يفقد كثيرا في وقت يحتاج فيه السودان للمجتمع الدولي ودعوماته بعد الانهيار التام للبلاد. كنت اظن ان ابناء وطني يموتون بالرصاص، لكن اتضح لي انهم يموتون ايضا بمثل هذه التصريحات القاتلة. (3) غريب ان اسمع بعض التحليلات لخبراء امن واعلام في الفضائيات العربية تقلل من العقوبات وتفند خطورتها بعنترية جوفاء، ورؤية عمياء، وهي عقوبات وان كانت طفيفة يمكن ان تكبر وتعظم في الفترة القادمة اذا زادت التجاوزات ،واستمرت الحرب، كما ان العقوبات حدت من تعامل شركات الدعم السريع مع بعض الدول التي تتعامل معها. وهذا امر حسن وايجابي. المحاولة للتقليل من العقوبات وعدم الاكتراث منها هو امر يذكرنا بما كان يحدث في العهد البائد حينما كان ينظر الي العقوبات التي تعرض لها السودان على انها ليست ذات تأثير وضرر وهي التي خسفت بالسودان وكانت احدى الاسباب التي ساعدت في سقوط النظام بعد الانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد. (4) الانكأ من كل تلك الإستغرابات التي عرضنا اعلاه جزء منها هو ان سفير السودان في واشنطون استنكف من ان تحمل الجهة الراعية للتفاوض (الكرباج) على العسكر الذي كسر الهدنة وخرقها ، في الوقت الذي لم يعن فيها للسفير شيئا ان يحمل اطراف النزاع على المواطنين العزل (السلاح) وان ترفع عليهم (البندقية) فتتعرض حياة المدنيين للخطر والموت وتهلك وتتلف ممتلاكتهم وهم في ارض يحدث فيها اشتباك بالمدفعية الثقيلة وسماء تقصف منها الطائرات المواطنين والاحياء والمساكن بالقنابل والمتفجرات بغير دراية او وعي. بربكم من هو الذي يستحق اللوم والتقريح؟ من يحمل (الكرباج) على عسكر يتحارب في المدن ؟ ولم يلتزم بعد كل ذلك بالهدنة التي وقع عليها ، ام من بحمل (السلاح) على ابناء شعبه واهل بلاده؟ (5) بغم قتل ثلاثة جنود اسرائيليين على الحدود المصرية الاسرائيلية سهوا. اخرجت الخارجية المصرية بيان اعتذار واخرجت الخارجية الاسرائيلية بيان اخر تؤكد فيه ان الامر لن يمر مرار الكرام، في الوقت الذي مازالت فيه اجتماعات رئيس الحكومة الاسرائيلية نتينياهو منعقدة لمتابعة الحادث والتحقيق فيه. ابناء وطني يقتل (المدنيين) منهم من جراء حرب (عبثية) حسب وصف البرهان دون ان تكلف الحكومة نفسها ببرقية تعزية، او تفقد المصابين. وكل الطرق تؤدي للمدنية.