احمد داوود افدح خطأ وقع فيه السودانيون هو افتراض حسن النية تجاه الدعم السريع بعد الإطاحة بحكم البشير . هذا الخطأ كلفنا الآن آلاف القتلي، وتدمير ممنهج للبني التحية، وامكانية تفكك السودان . في سياق تمرير مشروعه يستند الدعم السريع علي حسن النوايا هذا . حيث حيد كخطوة اولي مجتمعات الهامش في سياق معركته السلطوية ضد النخب النيلية. و حين فرغ من سحق خصومه يحاول الآن الانقلاب علي السودانيين. و مثلما غازل البشير ومن ثم اطاح به ، فإنه تحالف مع قوي الكفاح ومن ثم خانها في نهاية الأمر. لما لا يمكن الوثوق بالدعم السريع؟ أشرنا في مقال سابق أن الدعم السريع ليس تعبير عن مصالح آل دقلو فقط . انه تعبير عن مشروع تتبناه بعض النخب العربية في دارفور ، و هو يرتكز علي اساس الاستيلاء علي دارفور ومن ثم إخضاع شعوبها لصالح الإمارات و السعودية . يمكن النظر لكل تحالفات هذه النخب ومن ثم محاكمة خطابها السياسي من هذا المنطلق . ففي سياق سحق خصومهم من المجتمعات الافريقية في دارفور تحالفوا مع نظام الجبهة الإسلامية علي ان يتكفلوا بتنفيذ أعماله القذرة مقابل الأرض. عندما ضمنوا الأرض تطورت اطماعهم في إخضاع البلاد ، وفي هذا الإطار كانت مسرحية مستريحة و الصراع المفتعل بين حميدتي و موسي هلال و تمدد إمبراطورية آل دقلو الي أن انتهي الأمر بتدشين هذا المشروع في الخامس عشر من ابريل. يتناقض مشروع الدعم السريع بشكل كلي مع مصالح السودانيين ، وهو ليس مستعدا لمقايضة مشروعه بالتعايش والسلام الاجتماعي. بالنسبة له اما اخضاع البلاد لصالح نخب و جماعات قبلية و عشائرية محددة ام إحراق كل البلاد ، وفي سياق تنفيذ هذا المشروع هو علي استعداد للتحالف حتي مع الشيطان ناهيك عن التحالف مع ضحاياه ؛ قحت كمثال . يعتقد جزء مقدر من السودانيين أنه يمكن الثقة في الدعم السريع ، وهم اما انتهازيون يدفعهم التعطش للسلطة و الوعي القبلي أو طوباويين ما زالو يراهنون علي رغبة الجنجويد في تأسيس السودان الجديد. في الحقيقة لا يمكن الوثوق بالدعم السريع علي الإطلاق . ففي حين يبشر السودانيين بإسقاط دولة 56 و سحق الاسلاميين، يواصل علي أرض الواقع في تدمير البني التحية و اغتيال السودانيين علي أساس الهوية العرقية. و بينما يلوح للسودانيين رايات السودان الجديد ، تكشف تركيبته الداخلية كل يوم عن مزيد من العنصرة و الجهوية. بحيث يتكون بناءه الداخلي من هرم اجتماعي مشوه للغاية، حيث يجلس آل دقلو علي قمة الهرم بجيش منتقي بعناية من المقاتلين العشائريين و القبليين بينما يجلس في أسفل الهرم مقاتلين من مجتمعات تم حشدها علي أساس اثني . هذه التركيبة المشوهة تتناقض جذريا مع الخطاب و الشعارات البراقة التي يلوح بها . لأنه واقعيا يستخدم الخطاب كستار لإخفاء مشروعه الحقيقي، ومن هنا يصبح من المستحيل الوثوق بالدعم السريع. و مثلما آباد شعب المساليت فإنه لن يتورع مطلقا في إبادة كل مكونات السودان. لأنه تنظيم قمعي و استيطاني تأسس علي أساس إبادة المغايرين و اخضاعهم بالعنف.