في سياق فض الاشتباك وتفكيك سردية الجنجويد حول الإبادة الجماعية كمدخل لتحديد المسؤوليات الأخلاقية و الجنائية و السياسية يبقي من المهم التساؤل . علي من نلقي اللوم ؛ دولة 56 التي وظفت جماعة ما لإلغاء وجود الجماعات الأخري ام علي الجماعة التي لم تراع حقوق الجيرة و التعايش المشترك و تعمدت الخيانة؟. علي من تقع المسؤلية ؛ الدولة التي تاسست كاداة للعنف و الإبادة ام علي الأخ الذي استضيف لمئات السنوات في حواكير الجماعات الأخري لكنه قام بخيانتها في اول منعطف سلطوي؟ الإجابة علي هذا السؤال يمكن أن تكون المدخل الصحيح لفهم ما يحدث الآن و بلورة الموقف حياله. بالنسبة للدارفوريين – لم تكن الدولة منذ تاسيسها سوي آلة عنف موجهة ضدهم كشعوب مختلفة و مغايرة . كانت الوظيفة الأساسية للدولة تتمثل أما في الحاقهم قسرا بسياقها الثقافي و الحضاري أو ابادتهم و تنزيحهم ماديا و ثقافيا. وبما ان ذلك هو وظيفتها ، فلم يكن علي الدارفورين من الشعوب الافريقية توقع دور مفارق لوظيفتها كاداة عنف . توقع أدوار مختلفة لهذه الدولة كان أشبه بتوقع تحول الأسد لكائن نباتي لو استعرنا إحدي المقولات الشائعة. من وجهة نظرهم اذا ؛ أن الجزء الأكبر من المسؤؤلة الأخلاقية و الجنائية تقع على رفاق الأرض و التاريخ المشترك الذين قايضوا سنوات من التعايش بوعود مركزية للحصول علي الأرض عبر تفريغها منهم و تشريدهم و تنزيحهم. لن يستطيع الدارفورين علي الإطلاق التصالح مع سردية الجنجويد عن الابادة . سوف يظل الجنجويد بنظرهم مجرد خونة و قتلة غير جديرون بالتصديق. من هنا ينبع موقفهم من مغامرة الدعم السريع الاخيرة. فهي برأيهم مجرد خيانة من خيانات الجنجويد التي لا حصر لها للسودانين. لن يقبل الدارفورين بأن يتحولو لارجوازات للجنجويد تحت دعاوي المصالحة و تفكيك دولة 56 . الجنجويد ليس ضحية . انه عنصر أساسي من عناصر الأزمة التاريخية، و بالتالي لن تحل الأزمة الا بسحقه و هزيمته. [email protected]