في السبعينات من القرن الماضي خرجت (أم كلثوم) من منزلها تتوشح ثوبها الأبيض في طريقها للعمل ونظرات الريبة من أهالي الحي تلاحقها لأن خروج المرأة للعمل كانت تقاليد المجتمع ترفضه في تلك الحقبة، وعند وصولها المحطة لم تزاحم كما العامة في (باص الأهالي) بل استقلت التاكسي (طرحة) لأن وضعها المادي يوصف بالممتاز..وبالرغم من هذا فإن بابها لم يطرقه (العرسان)... ربما لأنهم كانوا يتهيبون من وضعها الاجتماعي المريب.. والذي ساهم بشكل كبير في منحها لقب (عانس) عن جدارة..!!...لكن في غضون المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة أصبح خروج المرأة للعمل ضرورة حتمية... وظهر مفهوم (الجندر) الذي يقصد به عدم التفرقة بين وظائف النوع البايلوجية والاجتماعية، حيث أصبحت المرأة في خندق واحد مع الرجل لسد ثغرات ومتطلبات الحياة اليومية ولمعرفة مدى التغير الذي حدث في بيئة الموظفات في مجتمعنا ، استطلعت (السوداني) مجموعة من الموظفات وسألتهن عن هذا الموضوع فماذا قلن ..؟ ثور الساقية: (شروق الفاتح) موظفة متزوجة تقول إن الرجل السوداني تقبل (مضطراً) خروج المرأة للعمل لأن الظروف الاقتصادية أضحت عصيبة، ولكن للأسف المرأة هي المتضرر الوحيد من هذا الوضع ، نسبة لأن الرجل السوداني لم يغير وضعه مع تغير وضع المرأة، حيث إنه لا يقبل مشاركتها في الأعمال المنزلية بحجة أنها تخص المرأة فأصبحت الموظفة مثل (ثور الساقية) تعمل ليلاً ونهاراً، إلا من رحمها ربي وكانت وظيفتها ذات دخل مرتفع لتستعين بعاملة. قعدات جبنة: أما (عزيز أحمد) فيؤكد أن النساء برزن في كل المجالات التي طرقنها، وأصبح خروج المرأة للعمل ضرورة، وأضاف أن بقاء المرأة بدون عمل يخلق مشاكل اجتماعية، لأن أوقات الفراغ الطويلة تشعرها بالملل، وقد يقودها هذا الفراغ إلى الثرثرة والتطور التكنولوجي اختصر الوقت والجهد، لذلك تلجأ إلى الشجار مع (نسايبها) أو تذهب إلى (قعدات الجبنة)..!!! أسباب معيشة: وتقول (منى الماحي) : أنا عندما تزوجت كنت أعمل في حقل التدريس وزوجي كان يعمل معي بنفس مهنة التدريس، ومع مرور الأيام أنعم الله علينا بالأبناء لذلك زاد حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وبرغم هذه المتاعب فكرت في أن أترك هذه الوظيفة نسبة لصعوبة التوافق مابين تربية (الأولاد) وعملي المرهق في هذا المجال ،ولكن عندما أفكر في دخل زوجي الذي لا يوفي طلبات المعيشة في هذا الزمان الذي ارتفعت فيه كل الأسعار أقرر أن أتراجع عن هذا القرار وتضيف ضاحكة : وأصبحنا بين (مطرقة) الوظيفة المرهقة و(سندان) المسؤولية، بمعنى نخلي الوظيفة (ووب) ونشتغل (ووبين )..!!! الوظيفة بتجيب العريس : (نور الهدى أحمد) موظفة تقول إن الطلب للزواج من الموظفات أصبح متزايداً وخصوصاً الموظفات بدول الخليج مثل الطبيبات وأساتذة الجامعات، وأصبح أول سؤال يطرحه العريس (بتصرفي كم..؟) ، وتستطرد نور قائلة إن الخوف من المستقبل هو الدافع وراء هذا السؤال، فهو يريد تأمين مستقبل أسرته وفي قديم الزمان كانت الموظفة توصف بأنها (بايرة) ولكن الآن بعد (عطالة الشباب الكتيرة دي)أصبحت عكس ذلك. بوبار نسوان: (م.ع) أستاذ جامعي يقول :(نعم.....منعتها من العمل لتعتني بالأبناء لأن وضعي المادي جيد لكنها لم تكن راضية عن هذا الوضع لأنها تحب المظاهر الاجتماعية (البوبار) ، ويضيف: (أنا أبحث لها عن وظيفة لأنها أصبحت متوترة وكثيرة الكلام (نقناقة) حيث استخدمت معها نظرية (نلهي الظالمين بأنفسهم)..!!! فأصبحت تعود من العمل مرهقة و(تتخمد) وليس لديها وقت للفارغات..!!!! السوداني