مع بزوغ كل فجر جديد ترفد جبل أولياء مواعين الفن والشعر والثقافة بمبدع يشق طريقه في ثبات غير آبه للمتاريس التي قد تعترض طريقه الملئ بالعقبات الكؤود , هذا المبدع .يجعلنا نفتح حواجب الدهشة قوسا حائرا ولا نملك الا أن نسلم بأن بقعة جبل أولياء هي منجم الابداع .اهدتنا هذه المرة شاعرا مرهفا نهلت مفرداته من نبع الجزالة والأناقة , يضيف على النص الشعري قوس قزح من الألوان الموغلة في الروعة , تحس أن في شعره ثنائية عجيبة بين البساطة والرمزية يستحيل معها التنبؤ بكنه المدرسة التي ينتمي اليها الشاعر الشاب أنور الوسيلة ... .انور الوسيلة من قرية ابودون بالمناقل والان مستقر بجبل الاولياء ,كيف ترى تأثير كلتا البيئتين على المبدع ؟ = من وجهة نظري الشخصية يبدو الفارق ضئيلا بين أبي دون وجبل اولياء من منطلق أن الأخيرة مشابهة في شكلها وانسانها لبيئة القرى , وتمتاز بطبيعة ساحرة سيما النيل الأبيض والخزان والجبال , ودائما ما أردد أن جبل أولياء هي قرية في ثياب مدينة , أخذت من المدينة الزخم السكاني والبنايات بينما أخذت من القرية الترابط بين أفراد المجتمع والوشائج الحميمة , لذا لم أجد أن هنالك أي فرق بين البيئتين . فالناس هنا وهنالك سيان يمنحونك ذات الإحساس التلقائي والعفوي . - كيف عرف أنور أنه شاعر ؟ = ربما لم أجد إجابة لهذا السؤال , فالامر في دواخلي قد ياخذ شكل فلسفة عميقة تكاد تنحو الى فكرة الازلية , بمعنى انني أحس ان الشعر من تفاصيل تكويناتي الداخلية وكانه جزء لا يتجزأ مني . -هل تفرق بين القصيدة والحبيبة ؟ = القصيدة تكون حبيبة فقط حينما تتوشح تفاصيل الحبيبة , وبطبيعة الحال فان الحبيبة عندي هي أجمل وأروع قصيدة حتى تلك التي لم أكتبها بعد , وانا لا زلت احلم بقصيدة تجيد توقيع سيمفونية العشق من أجل العشق فقط .بفكرة جغرفة الابداع , ما الذي يميز جبل اولياء كمنجم للمبدعين؟ ربما لجغرافيا المكان وتأثيرها على وجدانيات الانسان لا سيما المبدع , اذكر انني الى عهد قريب كنت دائما ما أهرع عند الغروب الى شاطئ النيل لرؤية الشمس وهي تعانق الضفاف , لا أستطيع حينها وصف ما يحدث بدواخلي ,هذا المنظر يشابه لقاء الورد مع الفراش , هكذا هي علاقة جبل أولياء بمبدعيها وهي تهبهم مناظرها الجميلة .- - الشعر الغنائي ماله وما عليه ؟ = واقع الحال في الشعر الغنائي وما تشهده الساحة الفنية هذه الايام يحمل الكثير من المتناقضات فهي مسألة أقرب للفوضى من النظام وان كانت هنالك بعض الاشراقات هنا وهنالك , الكثيرون يتحدثون عن الغياب للرقابة الفنية ويعزون الامر في التردي للرقابة . - الشاعر هو المتهم الأول في هذه القضية ّ؟ = لا أتصور شاعرا ناضجا يمكن ان يجرفه تيار الهبوط والابتذال بهذه الصورة . جزء كبير من المسؤولية يقع على عاتق المستمع او المتلقي فكيف لا يكتب هؤلاء (قنبلة ) ؟!! - هل تكتب لنفسك فقط أم أنك تحس أوجاع الآخرين وتكتب لهم؟ = النفس هي الاكثر صدقا ، اما الاحساس بتجارب الآخرين يأخذ أشكالا عدة , أنا شخصيا باستطاعتي أن اذرف الدموع لشخص يحكي لي عن تراجيديا تخصه هو , لكن ليس بوسعي أن أتقمص إحساسه شعرا عن سبق اصرار وترصد لاكتب له قصيدة احسها انا بكامل الحزن والوجع . - إلى أي مدرسة شعرية ينتمي أنور الوسيلة ؟ = أنا لا أحسب أنني متأثر بشاعر معين , وإن كنت أجد نفسي في جميع الشعراء الذين تغنى لهم الراحل مصطفى سيد احمد لا سيما شعراء الرمزية . - ولماذا الرمزية ؟ = لانها تمنح المتلقي أحقية أن يستمع ويتصور ويشكل أشياءه وفق ما يتوافق وكيمياء دواخله , تماما كالناظر للوحة سريالية . - كيف تحسب نفسك شاعرا غنائيا بينما تحتفي بالرمزية ؟ = الشعر الغنائي يمكن أن يكون رمزيا فقد ولى زمان الكلمة المباشرة والناس الآن صاروا يبحثون عن الادهاش اينما حل . - لماذا يعزف بعض كبار الفنانين عن التعامل مع الشعراء الشباب ؟ = هذه النظرة بها قصور فكري إلى حد كبير , أحيانا نجد شاعرا شابا يكتب أجمل من الشعراء الكبار ولا يجد من يسمعه في حين أن بعض الشعراء الكبار أصبحوا يكتبون كلاما أقرب للخطرفة وأغنياتهم تملأ الشارع . - أين أنت من الشعر الرسالي ؟ = لا أرى أن هنالك رسالية للشعر أكثر من تلك التي تتضمنه في قالب ثالوث الخير والحق والجمال لتتفرع روافده الأخرى من غناء للوطن والانسان والحبيبه . الاحداث