منذ الثامنة من صباح 17 مارس الجاري قررت السيدة خديجة اخذ ابنائها وبناتها الثمانية للإعتصام أمام مبني منظمة الهجرة الدولية بالقاهرة ، خديجة إمرأة سودانية من اقليم دارفور فرت مثل كثير من ابناء دارفور بسبب مرارات الحرب التي فرضتها عليهم حكومة الخرطوم، فرت مع بعض اطفالها حفاظاً علي نفسها من جرائم حكومة الخرطوم، وبعد ان إلتمست اللجوء بمكتب مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة تم توطينها بالولايات المتحدةالامريكية وبعد إجتيازها للاجراءات العديدة الروتينية المتبعة في منظمة الهجرة الدولية تم تجهيزها للسفر الي موطنها الجديد الذي تقول عنه إنه من المفترض أن يتم منذ أكتوبر من العام الماضي. تحركت بعد ان أخبرني أحد الزملاء ويعمل بمركز دراسات السودان المعاصر وأجريت معها لقاء تمحور حول الأسباب التي دعتها لما هي عليه ، تحدثت السيدة خديجة بمرارة عن اسباب تأخير موعد سفرها والذي قالت انه أصبح في رحم الغيب ذلك انها لم تجد إفادة بموعد سفرها، بعد ان أخذت خديجة نفساً عميقاً وهمهمت بعبارات تظهر مدي الإستياء الذي تملكها وقالت : سبحان الله والله كلام غريب الموظفة دي تقول لي بعد خمسة دقائق لو ما أخليتي المكان ح نتخذ إجراءات ضدك!!!!. والله انا ما ح أمشي من هنا ونشوف ح تعمل لي شنو. وعرفت منها ان احدي موظفات المنظمة حضرت إليها وكان بينهما نقاش حول إنهاء إعتصامها أو التعرض لإجراءات لم توضحها لها الموظفة. عند سؤالي للسيدة المعتصمة عن أسباب تعريض أبنائها للجلوس في هذا الجو الترابي البارد غير الآمن، ردّت بسرعة: نحن لينا أكثر من اسبوعين في الشارع بعد ان غلبتنا الحيلة وقبل يومين كنا ننام في الشارع بالقرب من التحرير وكان هناك ضرب وموت ففررنا الي المكتب وبدل من ان نجد منهم الحماية وتكملة الاجراءات وجدنا ما تروه، والله حتي عندما طلبت منهم ادخال بنتي الصغيرة إلي الحمام منعوني !!. وتضيف خديجة: المكتب أكمل اجراءات سفرنا قبل 3 شهور وكل يوم يقولوا لي بكرة بكرة وكلها وعود بلا تنفيذ ، وتم طردي من البيت لعدم قدرتي دفع الايجار ووالد أطفالي يعاني ظروف نفسية وهو الآن يسكن (تحت شجرة) في العراء أمام مكتب مفوضية اللاجئين بمدينة 6 أكتوبر- مازال الحديث للسيدة خديجة- كل الناس الأكملوا الاجراءات معي سافروا للولايات المتحدةالامريكية إلا أنا ، ولو المكتب بيتكلم عن أولويات للحالات المرضية أو العائلات فكل هذا متوفر في حالتي التي لم يراعيها مكتب المنظمة بالقاهرة .!!!!. سألتها : حتي متي ستمكثين أمام باب المكتب؟ أجابت : أول ما حضرت هنا قلت ليهم انا عندي ثلاثة خيارات: إما تسفيري للولايات المتحدة أو إدخالي السجن أو تسليمي لحكومة الخرطوم بواسطة المنظمة لتفعل حكمة الخرطوم بي ماتفعل. أنا هنا لن ابرح مكاني إلا للخيارات المزكورة . بعد متابعتنا لها عبر الهاتف حتي الساعة الواحدة من صبيحة اليوم التالي موعد كتابة هذا التقرير لم نجد منها رداً .. تُري ماهو حال السيدة خديجة وأطفالها الثمانية الذين تركناهم امام مكتب منظمة الهجرة الدولية بالقاهرة ، كيف ناموا ماذا أكلوا كيف يصارعون البرد في الليل، أين يغضون حوائجهم العادية ، هل سيكونون في مأمن من حالة الإنفلات الامني القائم ، هل سيتم إيجاد حل لهذا الظرف الانساني الاستثنائي؟؟؟؟ كل هذه الاسئلة تدور في رأسي ولا أجد لها إجابة. صلاح سليمان جاموس جمعية الصحفيين السودانيين بمصر [email protected]