إذا صح الحديث عن صفقة مع القاهرة، فإن طرابلس ستكون قد نجحت للمرة الثالثة في توضيف حاجة الدول للمال لاستعادة كبار رموز العهد السابق. الدوحة - قال رئيس الوزراء الليبي علي زيدان الأربعاء إن بلاده تدرس تقديم دعم مالي لمصر لمساعدتها في مواجهة أزمة اقتصادية طاحنة، وذلك بعد يوم من قيامها بترحيل اثنين من رجال العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إلى طرابلس، في خطوة وصفها البعض أنها تمت في سياق صفقة بين البلدين. وتكافح مصر تدهورا في الاحتياطيات النقدية الأجنبية وتراجعا في السياحة علاوة على اتساع عجز الموازنة بسبب اضطرابات سياسية مستمرة منذ أكثر من عامين. وتسعى ليبيا أيضا لإعادة بناء اقتصادها بعد الاطاحة بمعمر القذافي في 2011. وذكرت عدة صحف هذا الأسبوع أن ليبيا ستودع ملياري دولار في البنك المركزي المصري لدعم الاقتصاد لكن زيدان قال إنه لم يتقرر شيء بعد. وقال للصحفيين في الدوحة ردا على سؤال بشأن تلك التقارير "تجري مناقشة هذا.. لكن لم يتخذ قرار بعد." ولم يذكر مزيدا من التفاصيل. وقال مسؤول بالبنك المركزي الليبي أيضا إن طرابلس ستواصل من خلال صندوقها للثروة السيادية البحث عن فرص للاستثمار في مصر. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "تملك ليبيا حصصا في ثلاثة بنوك في مصر وشركات في قطاعات أخرى.. سوف نستثمر إذا احتاجت تلك الشركات للسيولة أو لسداد دون أو لرسمال للعمليات." وقال "استثماراتنا في مصر استراتيجية للغاية وسنعمل كل ما بوسعنا لدعمها. بالنسبة لنا لا تقل أهمية أمن مصر واستقرارها عن أهمية أمن ليبيا واستقرارها." وقالت وكالة الأنباء الليبية في وقت سابق إن ليبيا ستزود مصر بما يعادل مليون برميل من النفط شهريا بالأسعار العالمية لدعم الاقتصاد. وفي وقت سابقت ذكرت مصادر متطابقة في طرابلسوالقاهرة، أن قرار السلطات الليبية بدعم حكومة الإخوان في القاهرة يأتي ردا على موقفها الإيجابي من طلب ترحيل رجال القذافي لمحاكمتهم في ليبيا. والثلاثاء، قالت مصادر أمنية وشهود عيان إن مصر رحلت إلى ليبيا اثنين من رجال العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بعد أن وافق النائب العام المصري على تسليمهما لحكومة طرابلس التي اتهمتهما بارتكاب جرائم فساد مالي في عهد القذافي. وقبل نحو اسبوع ألقت السلطات المصرية القبض على إمحمد علي إبراهيم منصور القذافي وهو قريب للعقيد الراحل وشغل في عهده منصب مدير إدارة صندوق التمويل الإنتاجي وعلي محمد الأمين ماريا القائم بأعمال سفير ليبيا السابق بالقاهرة. وفي ذلك اليوم ألقت الشرطة المصرية القبض على أحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية خلال عهد القذافي وهو ابن عمه، لكن مسؤولا قضائيا مصريا قال إن تسليمه سيتأخر لحين التحقيق معه بتهمة مقاومة السلطات خلال إلقاء القبض عليه وكذلك لحين ورود أدلة اتهام تفصيلية له من ليبيا. وقال مصدر إن طائرة ليبية خاصة كانت وصلت إلى مطار القاهرة الثلاثاء وأقلت الليبيين مكبلين بالأغلال. وكان النائب العام المستشار طلعت عبد الله أمر الأحد بتسليم القذافي وماريا. وقال المستشار كامل جرجس رئيس مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام المصري إن "وزارة العدل والنيابة العامة وقعتا مذكرة تفاهم مع وزارة العدل والنيابة العامة الليبية حول ضمانات تقديمهما لمحاكمة عادلة." ويقول نشطون حقوقيون إن الإجراءات القانونية في ليبيا لا تفي بالمعايير الدولية بسبب ضعف الحكومة المركزية وتراجع حكم القانون عقب الانتفاضة التي اطاحت بالقذافي أواخر عام 2011. وبحسب مصادر أمنية وشهود عيان كانت رصاصات أطلقت من منزل قذاف الدم على القوة التي كلفت بإلقاء القبض عليه. وقال مدير الأمن العام المصري اللواء أحمد حلمي بعد ساعات من احتجازه إن ضابطا أصيب خلال تبادل إطلاق النار. وقال حلمي أيضا إن الشرطة ضبطت أسلحة نارية متنوعة في مسكن المسؤول الليبي السابق بينها ثلاثة بنادق آلية وبندقية خرطوش بالإضافة إلى مسدسات. وأمر النائب العام باحتجاز قذاف الدم 30 يوما على ذمة طلب نسليمه. وكان قذاف الدم على علاقة وثيقة بحكومة الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي أطيح به في انتفاضة شعبية مطلع عام 2011. ولسنوات طويلة كانت علاقة مبارك والقذافي قوية. وسبق للحكومة لليبيا أن نجحت في استعادة عدد من كبار رجالات القذافي في إطار حديث عن صفقات مماثلة مع موريتانيا وتونس. وكانت طرابلس قد نجحت في استعادة قائد المخابرات السابق عبدالله السنوسي بعد إلقاء القبض عليه في نواكشوط. كما استعادت البغدادي المحمودي من تونس رغم تأكيدات من فريق الدفاع عنه بانه حصل على حق اللجوء السياسي. وفي القضيتين، ذكرت مصادر في البلدين أن التسليم تم في إطار صفقة مالية بين طرابلس من جهة وبين الدولتين المغاربيتين من جهة أخرى، وهو ما نفته حكومتا البلدين.