أثارت نقوش على هيئة «صليب» داخل أعمدة صحن الطواف، جدلا واسعا من قبل زوار ومعتمرين، مطالبين الرئاسة العامة لشؤون الحرمين بإصدار بيان توضيحي لمعرفة حقيقة النقوش الكتابية التي نيطت بأعمدة الصحن في قالبه الجديد بعد التوسعة. الرئاسة التي لم تنتظر طويلا، ردت بخطاب رسمي على لسان أحمد المنصوري، المتحدث الرسمي لها، الذي أشار إلى ما تم تداوله بالآونة الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية حول بعض النقوش بأعمال توسعة المسجد الحرام الجاري تنفيذها. وأضاف المنصوري ل«الشرق الأوسط»، إيضاحا لذلك أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي توضح أن أعمال النقوش التي ظهرت في الصور المتداولة هي على شكل «نقوش زخرفية نباتية»، وتظهر بخلاف ذلك إذا تم التقاط صورة لها من بعد معين وزاوية معينة، وقد تمت معالجة ذلك رفعا للبس من قبل المختصين بأعمال التوسعة. ولاقت تلك النقوش لغطا واسعا من قبل معتمرين ومراقبين، حيث قال محمد القرني إنه لاحظ نقوشا تراءى له حين النظر إليها طائفا أنها تتشكل على هيئة «صليب»، وهو أمر ترك في داخله علامة استفهام فورية حول من سمح بذلك؟ ومن دفع باتجاه ذلك؟ وأبان القرني أن النقوش استمرت أكثر من 72 ساعة لحين إزالتها، بعد أن زارت مجاميع مهتمة الرئيس العام لشؤون الحرمين، معتبرة أن مثل تلك النقوش قد تكون نفذت عن طريق الخطأ، لكنها تترك رموزا لا ينبغي أن تكون في بلاد الحرمين، بحكم أن بلاد الحرمين لا يوجد بها تعدد ديني، وهي خاصة فقط بالمسلمين. صورة النقوش الكتابية التي اعتلت صحن الطواف، ظهرت على شكل «صليب»، علقت في أعلى الأعمدة الجديدة بعد المضي قدما في أعمال توسعة خادم الحرمين الشريفين لصحن الطواف، وهي صورة لقطعة رخام تعلو أحد أبواب المسجد الحرام تم وضعها خلال أعمال التوسعة الجديدة وتحمل صورة على شكل «وردة»، جعلها تبدو مقاربة لرسمة الصليب بسبب عدم وضوح الصورة. ونشطت على الفور الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي من «فيس بوك» و«تويتر» مطالبة بضرورة معرفة المسؤولين في الرئاسة العامة لشؤون الحرمين للموضوع للعمل على تدارك الخطأ، مشددين على علمهم أن ذلك جاء دون قصد من القائمين على التوسعة. من جانب آخر قطعت أمانة العاصمة المقدسة خيوط الجدل القائمة حول إزالة مكتبة مكةالمكرمة مكان ولادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد أن تناول مشايخ ومغردون في شبكات التواصل الاجتماعي جدلا كبيرا وأحاديث مفادها أن هناك توجها لإزالتها ضمن مشروع توسعة الحرم المكي الشريف، مفيدة بأن المكتبة لن تتم إزالتها ضمن أعمال الإزالة ونزع الملكيات لصالح مشروع توسعة ساحات الحرم المكي الشريف. وأكد مساعد أمين العاصمة المقدسة للتنمية والتطوير المهندس عارف قاضي، أن هناك توجها للإبقاء على مكتبة مكةالمكرمة موقع مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والمحافظة على الأثر، وأضاف قاضي فيما يتعلق بآلية التطوير والتجديد للمكتبة أن الموضوع يحتاج إلى دراسات معمقة وعقد اجتماعات مع جهات أخرى معنية بذلك، مؤكدا أن الأمانة ستعمل على تطوير كامل المنطقة المحيطة بالحرم المكي الشريف. إلى ذلك قال المشرف العام على تطوير الساحات المهندس حسن عيد: «لم يرد للجنة أي توجيهات بإزالة مبنى مكتبة مكةالمكرمة، وأن أعمال الإزالة تجري حاليا ضمن 4 مراحل، وجميع تلك المراحل لن تشمل إزالة المبنى المشار إليه». وعلى الصعيد ذاته أكد المشرف العام على إدارة المتاحف في جامعة أم القرى أستاذ تاريخ الجزيرة العربية الدكتور فواز بن علي الدهاس، أن المكان الذي شهد الولادة النبوية الشريفة معروف ومتواتر لدى الباحثين من المؤرخين المكيين من لدن ابن إسحاق والأزرقي في كتابه «تاريخ مكة»، والفاسي في «شفائه»، وبني فهد في كتبهم المتعددة، والغازي والكردي حتى وقتنا الحاضر، وهو يقع في مدخل شعب بني هاشم ويمثل معلما مهما من معالم المدينة المقدسة، وهي مكتبة مكةالمكرمة، والموقع نفسه يتمركز في منطقة ملاصقة للحرم المكي الشريف في الناحية الشرقية منه، وقد حظيت هذه المنطقة بآثار تاريخية كثيرة لا يتسع المجال للبسط فيها وشهدت أحداثا تاريخية جليلة، وقد مر هذا الموقع بعدة مراحل خلال عمره الزمني، وحظي باهتمام خلفاء المسلمين وسلاطينهم وملوكهم. وأضاف الدهاس: «كان هذا الموقع ضمن غيره من أملاك بني هاشم، وعندما هاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية استولى عقيل بن أبي طالب عليها، وظل في يده ثم في عقبه من بعده، حتى اشتراه محمد بن يوسف الثقفي فأدخله في داره الشهيرة المعروفة في التاريخ بدار ابن يوسف، فلم يزل هذا البيت في هذه الدار حتى قدمت أم الخليفتين موسى وهارون: السيدة الخيزران زوجة الخليفة العباسي المهدي صاحب التوسعة التاريخية في المسجد الحرام، فجعلته مسجدا يصلى فيه، وذلك في سنة 171ه، وظل كذلك يتعهده الخلفاء والملوك بالعمارة والترميم حتى تهدم هذا المسجد في سنواته الأخيرة، فكانت لفتة كريمة من مؤسس هذا الكيان الشامخ المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز آل سعود، أن أمر بأن يحول هذا الموقع من مسجد إلى مكتبة عامرة بالكتب العلمية، لا سيما أنه أصبح موقعه ملاصقا للمسجد الحرام، فوجه رحمه الله في عام 1370ه أمين العاصمة المقدسة حينئذ عباس يوسف قطان بتنفيذ هذا المشروع ليكون محرابا للعلم ومنارة للمعرفة يؤمها رواد العلم وطلابه من أقطار الدنيا، والذين يقدمون إلى البيت الحرام أيام الحج».