الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    توقف مباراة الأهلي وبالميراس بسبب الأحوال الجوية    "الأمة القومي": كامل ادريس امتداد لانقلاب 25 أكتوبر    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    "حكومة الأمل المدنية" رئيس الوزراء يحدد ملامح حكومة الأمل المدنية المرتقبة    لما سقطت طهران... صرخت بورسودان وأبواقها    الحكم بسجن مرتكبي جريمة شنق فينيسيوس    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها ب 149 هدفاً مقابل لا شيء؟    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    يوفنتوس يفوز على العين بخماسية في كأس العالم للأندية    تقرير رسمي حديث للسودان بشأن الحرب    التغيير الكاذب… وتكديس الصفقات!    السودان والحرب    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يعود لإثارة الجدل: (بحب البنات يا ناس لأنهم ما بظلموا وما عندهم الغيرة والحقد بتاع الرجال)    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    شاهد بالفيديو.. ظهر بحالة يرثى لها.. الفنان المثير للجدل سجاد بحري يؤكد خروجه من السجن وعودته للسودان عبر بورتسودان    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوارث أهل السودان السبع..اا..إسماعيل يجوب العواصم من أجل \" الشحدة \" ونافع ينثر درره في الهواء الطلق.!! سينسى السودانيون هرطقات وأكاذيب الدبابين والأفاكين وأساطير القرود والألغام والمطر..وسيتذكرون شيئاً واحداً.!
نشر في الراكوبة يوم 15 - 11 - 2010

بعد غدٍ سيبدأ حُجاج بيت الله الحَرام رمي جمرات العقبة. بودي لو أن أهل السودان مارسوا شعيرتهم السياسية، وشرعوا على الفور في رجم كوارثهم السبع وعلى رأسها الشيطان الأكبر. فمنذ أن حلّ في ديارهم وأقام بين ظهرانيهم قبل نحو عقدين من الزمن أو يزيد.. أحال حياتهم إلى جحيم لا يطاق. شعب كريم ضُربت عليه حياة الذل والمسكنة، بلد عظيم تقزّم حتى كاد أن يتلاشى. عندما تهل عليهم مناسبة معتبرة كعيد الأضحى هذا، تنفرج أسارير عباد الله المسلمين في شتى بقاع الأرض، إلا هم. إذ تُصبح المناسبة متكأ لتقليب مواجع ضنك العيش، وتوسد مرارة الواقع الأليم، واجترار ذكرى من نحرتهم العُصبة عشية عيد يماثله. ومع ذلك لن تجد شعباً تسامى فوق جراحه مثل هذا الشعب الكريم، ولن تجد شعباً ثابر على إحياء رميم أبي الطيب المتنبي بمثلما تفعل حفنة من كتابه كل عام.. حينما يبكون عيداً لم يأت بجديد!
الكارثة الأولى
السيد إسماعيل الأزهري كان ثاني اثنين رفعا علم استقلال السودان في العام 1956 والرئيس الأسبق الذي أطاحت الديكتاتورية الثانية بحكومته المنتخبة ديمقراطياً. كان يسخر من الذين وصموه بالفساد بسبب بيت بناه من طابقين. وقال فيهم قولته الشهيرة، كلما سألونا من أين لك هذا؟ اجبناهم بطابق آخر. ثم بعد رحيله اتضح أن البيت مرهون للبنك، وأن الرجل الموصوم بالفساد لا يملك من حطام البلاد سوى اللحد الذي ضم رفاته. لكن لم نكن نعلم أن ثمة عُصبة ستهبط علينا بليلٍ وتجعل للفساد لساناً وشفتين. كنا قد سألناهم في مقال سابق تخفيف الوطء على ثروات هذا البلد المنكوب بأعمالهم. وأشرنا إلى جيش جرار من الوزراء بلغ عددهم 99 وزيراً بما لا يوجد مثيله في أي دولة من دول العالم. وعوضاً عن ذلك أجابونا بطابق آخر. إذ قرأت في صحف (الجمعة 12/11/2010) خبراً بصيغة واحدة صادر عن الوكالة التي تود أن تحاكي هدهد سليمان والمسماة (أس أم سي) إذ أعلن لها حادي الركب وأمل الأمة في قرار حمل الرقم 276 (إذن هناك 275 قراراً سبقوه، في ماذا.. الله أعلم) مع أن ذلك لا يهم، فالمهم أنه أعلن عن (إنشاء استشارية لشئون الأمن الوطني) ولن أذكر المهام التي تأسست من أجلها حتى لا تتهمني العُصبة بزعزعة الأمن الوطني، وايضاً هذا ليس بالمهم، فالمهم عندي ترحيب الفريق أول صلاح عبد الله قوش الذي علق على الخبر السار وقال (إن المستشارية تعد العقل المفكر للدولة) فقلت اللهم زد وبارك. هل هناك كارثة أكبر واعظم من أن ترى الأنبياء الكذبة يتطاولون في الأقوال والأفعال؟!
الكارثة الثانية
يقولون من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم أو فرّ عنهم. الذي حدث أن الحركة الشعبية عاشرت عصبة المؤتمر الوطني لخمس سنوات حسوماً.. فصارت مثلها أولاً، ثمّ فرت عنها ثانياً. وفي الحالين دفع السودان الضريبه القاسية. إذ وقعت الحركة الشعبية في الفخ الذي نصبته لها العصبة بغية تحمليها – أي الحركة - أكبر أوزارها. سينسى السودانيون بعد حين - ونحن بحمد الله أصحاب ذاكرة كالمنخل - حرباً كانت ذات مظالم سياسية واجتماعية معروفة، حولتها العُصبة بقدرة قادر إلى حرب جهادية. سينسى السودانيون أن هذه العُصبة هي التي جيشت الجيوش لمحاربة أعداء الله والوطن وعملاء إسرائيل. سينسى السودانيون حملات التبشير الإسلاموي، وهرطقات الدفاع الشعبي، وأكاذيب الدبابين وصولات الأفاكين وجولات المنافقين. سينسى السودانيون زاد المجاهد وأساطير القرود التي فجرت الألغام، والمطر الذي نزل من السماء فارتوت به النفوس الظمئة. سينسى السودانيون هذا وأكثر، ولن يتذكروا شيئاً سوى أنهم منحوا ثقتهم لحركة ثورية فمنحتهم خيانتها، ولن يتذكروا سوى حركة نبذوا معها السودان القديم، فتركتهم في العراء بعد أن ضلت الطريق للسودان الجديد. ولن يتذكروا سوى حركة أكدوا لها ايمانهم بتقرير المصير فاستكثرت عليهم أن ينعموا بديمقراطية مسير. لن يتذكروا سوى حركة سألوها حرياتهم المسلوبة، فقالت لهم إنها في باطن الأرض مع البترول وعائداته. لن يتذكروا سوى حركة سألوها عن الوحدة فقالت لهم الانفصال أرحم. فالحركة الشعبية سابقاً وحكومة الجنوب حالياً يا سادتي... صمتت دهراً وستنطق كفراً!
الكارثة الثالثة
لقد اختلط حابل الشرفاء المناضلين بنابل الثوريين المدّعين. فمنذ سنوات لا يمر علينا يوم دون أن نقرأ فيه بيان انشقاق وتكوين جبهة دارفورية جديدة. لا يستقيم عقلاً أن الثورة المسلحة التي بدأت بتنظيمين تتناسل كما تتناسل الأرانب وتطرح أكثر من أربعين فصيلاً. وبالرغم من أن جميعهم وطنيون ولله الحمد، إلا أن بيان المجموعة المنشقة دائماً ما يقدح في ممارسات الفصيل الذي انقسموا منه، فيصفونه بالديكتاتورية ويتهمونه بالتصفيات الجسدية، ويقولون عن أنفسهم أنهم كانوا مجرد كومبارس في مسرحية نضالية، مثلما قال آدم شوقار آخر المنشقين. وبالرغم من أن وجوههم لا ترهقها قترة، إلا أن الكل يدّعي أنه يستشعر معاناة المبعثرين في معسكرات الحياة الذليلة والحرمان. كلنا نعلم يا سادتي أن الإنسان جُبل على حب السلطة والثروة، إلا الثوريين الذين يعفون دائماً عند المغنم. لعن الله غردون وقصره الذي أصبح محجاً لكل متطلع للسلطة. ولكن ما عسانا أن نفعل فمطلوب منا أن نصدق من بانت مطامعه وأخفى مطامحه. كنا قد صبرنا على أسوأ ظاهرة رزئنا بها وهي الجهوية التي أطرت هذه الحركات نفسها فيها، فهي لا تتحدث إلا عن ما تسميه بقضية دارفور، ونحن قلنا مراراً وتكراراً هذه من تسميات السلطة الغاشمة، لا نعرف قضية بهذا الاسم، والذي نعرفه ونفهمه جيدأً هو قضية السودان في دارفور، والحقيقة لا ندّعي اختراعاً لهذا المصطلح، فهو من بنات أفكار الدكتور الراحل جون قرنق الذي رفض تماماً ما كان يسميه البعض بقضية الجنوب، وقال إنها قضية السودان في جنوبه، ولو أن الفصائل المتناسلة قالت لنا ذلك، ووضعت يدها مع الآخرين، ووحدت صفوفها ورؤيتها وقلصت طموحاتها، لكنا اليوم قد وضعنا قضية السودان كله على مشارف الحل!
الكارثة الرابعة
مع إننا شعب قليل الذنوب، لكن يبدو لي والله أعلم، إن الله إذا غضب على قوم سلط عليهم قيادات حزبية من شاكلة ما متعنا به طيلة نصف قرن من الزمن. قيادات نست الماضي واضاعت الحاضر وفقدت المستقبل. بودي أن أسأل السيد الصادق المهدي ألم يتعب قط من هذا التنظير الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى؟ بودي أن أسال السيد محمد عثمان الميرغني، ألم يحن الوقت الذي يعطى فيه هذا الوطن بعض دينه المستحق بعدما ظل الوطن يعطيه سنين عددا؟ بودي لو سألت السيد محمد أبراهيم نقد.. فيم السجون التي تعددت وعلام المخابيء التي تكاثرت؟ بودي لو سألت الدكتور حسن الترابي ألا يكف عن اعتبار هذا البلد فأراً في معمل تجاربه؟ قولوا لهم جميعاً لقد اضعتم عمراً للكرى وانتم تبحثون اليوم عن حائط مبكى تكتبون فيه مذكراتكم. أين الحزب التليد والحزب العريق والحزب المناضل؟ فمن يهن يسهل الهوان عليه!
الكارثة الخامسة
لا أكف عن المقارنة أبداً، بخاصة عندما أرى السيد موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية في التلفزيون، إذ تقفز إلى مخيلتي مباشرة صورة ذاك الفتى الذي يرتدي الشِّدة (الإريترية) وهو يتبختر بجسده الهزيل الذي تكاد تصرعه رياح الهبباي في (المناطق المحررة) وكلما نظرت إليه الآن حمدت الله على أن المناطق التي كان يسمها التجمع الوطني ب (المناطق المهمشة) في ادبياته قد حُلت مشكلتها، وتباً لهؤلاء الذين يتحدثون الآن عن مجاعة في طوكر، من المؤكد أنهم الطابور الخامس، أما الطابور الأول فيتحدث اليوم عن مؤتمر دولي سيعقد في الكويت من أجل إعمار الشرق. ألم تلحظون مثلي، أن هذا البلد المسمى السودان إن لم يكن فيه بترول فهو يبحث عن دعم، وإن اكتشف فيه بترول فهو أيضا يبحث عن دعم. ونصحيتي لك أيها القاريء الكريم كلما رأيت مؤتمراً يبحث عن دعم فانظر إلى الدكتور مصطفى عثمان. تذكرون أنه ركب البراق قبل ثلاثة أعوام، وجاب العواصم المختلفة من المحيط إلى الخليج ل (شحدة) العالم العربي لحضور ما سُمي بمؤتمر دعم دارفور، وكان النتيجة حضورا متواضعاً ودعماً أكثر تواضعاً. قلت لنفسي وقتذاك، أسأل الله أن يكون الدعم قد غطى تكلفة سفرياته على الأقل. ولا جناح ولا تثريب عليه، وهو يرأس مؤتمر الكويت، فالرجل يهوى السفر عملاً بقول الإمام الشافعي سافروا ففي الأسفار خمس فوائد (تفرج همّ واكتساب معيشة/ وعلم وآداب وصحبة ماجد) والحمد لله أن الشافعي لم يقل السادسة التي احتفظ بها لنفسي!
الكارثة السادسة
كلهم يمارسون الحلاقة في رأس هذا الشعب اليتيم. وهذا بلد كلما أنبت الزمان له قناة، ركبت العُصبة للقناة سنانا، أو كما قال المتنبي. هل تعرف ناطقاً رسمياً لحكومة العصبة هذه، ابدأ فكلهم ناطقون والحمد لله. عندما حدث ما سمي بالمفاصلة الكبرى بين الإسلامويين وانقسموا إلى قصر ومنشية، قال الفريق البشير في أول مؤتمر صحفي له المثل الدارج (رئيسين بيغرقوا المركِب) وإن كان ذلك كذلك، فما بال رؤساء عدة في مركب واحد. المتابع لصنائع العصبة ذوي البأس تجد أن أغلبهم يحلو له أن يمارس الرئاسة حتى يكاد أن يقول الرائي هذا بلد كثر رؤساؤه وقل شعبه! ألم تتقمص روح فرعون السيد كرم الله عباس والي القضارف فأسفر عن نيته تطبيق الشريعة في مقاطعته المحررة؟ وعلى ذات المنوال يتحفنا الدكتور عبد الرحمن الخضر بفرمانات بين الفينة والأخرى، فهو والٍ بدرجة رئيس. ألم يُفتي السيد محمد إبراهيم الطاهر وقطع قول كل خطيب فيما لم تذكره اتفاقية نيفاشا؟ دع عنك نافع علي نافع حينما ينثر درره في الهواء الطلق، ودكتور عوض الجاز صاحب نظرية الحسد في السياسة السودانية. والحقيقة أن كمال عبيد يطربني بتصريحاته الناعمة الملمس. ولم أندهش حينما قرأت الأسبوع الماضي حديثاً لشاب يافع يتلمس خطاه في طريق العصبة. فقد قال السيد معاوية عثمان خالد الذي نُصِب ناطقاً رسمياً لوزارة الخارجية رداً على تجديد العقوبات السنوية، قال لا فض فوه (إن الولايات المتحدة الأمريكية تفتقر للإرادة السياسية والشجاعة الكافية التي تمكنها من اتخاذ قرار حاسم في شأن الاسهام في دفع القضايا السودانية باتجاه الحل ورفع العقوبات في هذه المرحلة الحساسة من تاريح السودان) الله أكبر ولله الحمد، ألا يذكركم هذا بقرية (مركركا) التي حذرت أمريكا، وسيزيد عجبك يا قارئي العزيز ليس إن علمت أن أمريكا التي تفتقر للإرادة السياسية تجري فيها أكثر من خمس آلاف عملية انتخابية ديمقراطية دورية. ولكن إن علمت أن الذي وصفها بذاك الوصف المنكر كان عاملاً في سفارة السودان بأمريكا نفسها، أي إنه كان يجلس بالقرب من البيت الأبيض في واشنطن وأدمن النظر لناطقيه وهم يزنون حديثهم بميزان الدهب! العُصبة هذه تذكرني بلعبة البابوشكا. أتدرون ماهي البابوشكا؟ هي لعبة روسية تقليدية سمعتها للمرة الأولى من لسان صديقنا الراحل الخاتم عدلان – طيب الله ثراه – في سياق حديث بيننا. قال لي إنها عبارة عن دمية كبيرة، عندما تفتحتها تجد دمية أصغر منها، وعندما تفتح هذه تجد دمية أصغر وهذا دواليك. ولعل هذا ما تقول عنه العرب العاربة (وافق شنٌ طبقه)!
الكارثة السابعة
لا أدري لماذا يحب بعض نخب السودان السلطة حباً جماً. يبدو لي والله أعلم أن السودان هو البلد الوحيد الذي يمكن أن تشغل فيه منصباً عاماً قبل عقدين أو ثلاثة أو أربعة ثمّ تعود لتشغل منصباً عاماً آخراً، حتى كدنا أن نقول لا شيء يحول بين المرء وكرسيه إلا هادم اللذات. البروفسير محمد ابراهيم خليل شغل مناصب عدة في حياته، وهو الآن يقف على أعتاب العقد التاسع (أمد الله في عمره) ومن نحو نصف قرن نال نصيبه مضاعفاً من السلطتين التنفيذية والتشريعية، واستنوا له في الأخيرة هذه سنة غير حميدة، إذ تمّ اختياره رئيساً للجمعية التأسيسية (البرلمان) في الحقبة الديمقراطية الثالثة، بالرغم من أنه لم ينجح في انتخابات دوائر الخريجين. البروفسير خليل شأنه شأن كثير من ساسة أهل السودان لم يكتب مذكراته حتى تعرف الأجيال اللاحقة ماذا صنع أو سيصنع عندما يعود لتولي منصب هام في زماننا الراهن كرئيس لمفوضية الاستفتاء، والتي تشرف على أهم عملية مصيرية تواجه السودان في تاريخه. البروفسير خليل دائم القول إن الاستفتاء إن حدث فهو معجزة. وهو دائم الشكوى كأنه عندما قبل المنصب لا يعلم نواقصه. وأحرى به أن يوجه حديثه للجهة التي عينته وأدى القسم أمامها، فما باله يشكو لنا نحن الذين لا نملك من أمرنا نصبا؟ البروفسير خليل بدأ مسؤولياته بتعيين ابنته في منصب تنفيذي في المفوضية، أنا لا أعلم لماذا يفعلون هذا؟ هو مثله مثل الدكتور الأصم الذي شغل الناس بتعيينات آل بيته في مفوضية الانتخابات، لا أشك مطلقا أن ابنته هذه ستكون مؤهلة لهذا المنصب، ولكن لماذا يضع الرجل نفسه في موقف كهذا وفعله رجس من عمل المحسوبية؟ لم ننته من مثار النقع الذي أثاره خليل فوق رؤوسنا حتى قرأت حواراً للسيد جمال محمد إبراهيم الذي قيل إنه كان مفترض أن يكون الناطق الرسمي، واستقال أو أقيل – سيان – نحمد له أنه وصف نفسه في الحوار بقوله (أنا رجل فاضل) لفت نظري استخدامه للضمير الظاهر (أنا) أكثر من 150 مرة، أما (الأنا) المستترة فقد تكون أضعاف ذلك، فحمدت الله أنه لم يقل لنا (أنا) ربكم الأعلى والعياذ بالله!
كوارث العُصبة لا تنتهي، وحتى إن رحلوا ستظل آثارهم الموجعة مقيمة بيننا ما أقام جبل مرة. اللهم يا من نشكو لك قلة حيلتنا وضعف قوتنا، أرنا فيهم بأسك العظيم في يوم الفداء. نسألك ببركات هذا العيد أن تخسف بكل ظالم الأرض، وتدك على كل جبار الجبال. وإن كان حجاج بيتك الحرام يحصبون الشيطان ببضع جمرات، فإن شيطان أهل السودان في حاجة لراجمات!!
فتحي الضَّو
[email protected]
صحيفة (الأحداث) 14/11/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.