قضية كرة القدم وأزمة اتحادها هي الأسوأ في مسيرة الاتحاد منذ نشأته لما شابها من تدعيات وأحداث لم يشهدها الاتحاد بل وكل الاتحادات قبل اليوم حيث أنها تحولت لمعركة بين الدولة والفيفا بالرغم من أن العلاقة بينهما ظلت متوافقة برضا الدولة وإرادتها التي لم تجبرها أي جهة للقبول بشروط انتمائها لعضوية الهيئات الدولية وهو ما ظلت الدولة تلتزم به وتحترمه عبر كل الأزمات التي كانت تتفجر من بعض منسوبيها إلا أنها تنتهي بتتدخل الدولة لصالح الفيفا حرصاً على عضويتها في المنظمة الدولية، إلا أننا نشهد لأول مرة أن تكون مؤسسة قانونية من الدولة السبب في خلق أزمة، ومع ذلك تحجم الدولة في أرفع مستوياتها من أن تحسم الأزمة باحترام ما قبلته من اتفاق وتراضي بإرادتها على سيادة قرارات المنظمات الدولية وثانياًَ أن تصبح الأزمة صراعاً بين فريقي الهلال والمريخ أكثر إثارة من صراعهما في الملعب وثالثاً أن يكون صراع بين كتلتين كلاهما في حقيقتهم صناعة حكومية تابعين لها منذ أن ظلت تتدخل في شأن الاتحاد منذ انعقاد االجمعية العمومية التي أطاحت باتحاد رحمة الله عليه الدكتورعبدالحليم محمد، عندما طوع ممثل الحكومة المشرف على الجمعية سلطته للإطاحة بدكتور حليم بتلك المخالفة التي ارتبطت باتحاد تنس الطاولة (بتلك المسرحية الهزيلة المخالفة للقانون) تحت إشراف مولانا سمير فضل والذي صار منذ ذلك اليوم وعبر كل المواقع الرسمية بالشراكة مع الوزراء المتعاقبين على الرياضة أن تصبح الوزارة والمفوض طوع مجموعة البروف شداد تحت شبح الخوف من الفيفا والتي لا تزال قابضة على الاتحاد بعد تخلصها من البروف الذي انقلبوا عليه وها هي الدولة نفسها والتي ظلت طوعاً تحت الاتحاد حسب ما شهدناه في إجازة البرلمان لآخر قانون -2016- والذي طوعه تأميناً لمصالح قيادات الاتحاد التي ظلت تتوارث الاتحاد من مجموعة البروف شداد قبل أن تعود الدولة لتنقلب عليهم في 2017 وتتدخل بصورة مباشرة لحساب ممثلها الجديد الفريق المدهش والمؤسف أن الأجهزة العدلية نفسها ظلت طوال هذه الفترة هي نفسها عنصراً حامياً وداعماً للاتحاد الحالي منذ أول دورة أطاحت فيها الدولة بالدكتور عبدالحليم محمد بدءاً من قضية نادي الزهرة ضد المريخ حول اللاعب شكاك مروراً بقضية الحلفايا وأخيراً قضية نادي توتي بل وبقضية نفس الاتحاد مع المفوضية يوم تم حلها لأنها رفضت له انعقاد جمعية غير قانونية للاتحاد فتم حلها بتدخل الوزير لحساب اتحاد البروف ليعقد جمعيته بدون المفوضية، والمفارقة الأكبر تحت إشراف المفوض نفسه وحده بدون مفوضيته الرافضة للجمعية، مخالفاً بذلك القانون، والمهم هنا أننا كنا نشهد هذا المسلسل المتكرر في التدخل لصالح اتحاد البروف شداد ومن ورثوه من أتباعه الذين أطاحوا به والمفارقة أن كل هذه التدخلات التي ظلت تخضع فيها الدولة لرغبات البروف وجماعته تحت اعتراف الدولة بحاكمية الفيفا المتواطئة معه تحت رئاسة بلاتر فكانت كل تدخلاتهم تتم لصالحهم رغم أنف قانون الدولة وذلك حرصاً من حكومة السودان على بقاء السودان في عضوية الاتحاد الدولي لهذا ظلت الدولة تتراجع وتجمد أي قرارات تصدر من أي جهة حكومية تشكل تدخلاً في شأن الاتحاد بالرغم من أن تدخلات الدولة كانت تتم وفق قوانينها هي التي ظلت تمنح أجهزتها الرسمية من وزارة رياضة وغيرها سلطة التدخل ولعل أهم مثلين لتأكيد هذا الواقع أن:- 1- ألغت الدولة انتخابات الجمعية العمومية للجنة الأولمبية التي انتخبت اللواء عبدالعال محمود رغم أنها كانت جمعية مستوفية لكل شروط القانون (بعكس جمعية اليوم) ولكنها رفضت من اللجنة الدولية لمخالفتها قراراتها ولوائحها فألغت أهلية من انتخبتهم الجمعية وأعادت الشرعية للجنة التي كانت قبل أن تتدخل الدولة وتعين لجنة برئاسة الدكتور شمس الدين. 2- الجمعية الانتخابية التي انعقدت في عهد السيد حاج ماجد سوار وزيراً للرياضة وتحت إشراف المفوضية حسب القانون والتي رفضت يومها ترشح البروف شداد لدورة ثالثة إنفاذاً لنص في قانون الرياضة ويومها عندما رفضت الفيفا القرار جمد الوزير بقرار منه المادة التي تحظر ترشح شداد لدورة ثالثة في القانون خضوعاً لأمر الفيفا بل أسلمها أمر الإشراف على الجمعية فكانت سلطة الفيفا الأعلى من قانون الدولة. قصدت بهذه الخلفية أن نرى كيف أن الدولة سكتت اليوم على تدخل هيئة رسمية في شأن الجمعية العمومية التي انعقدت اليوم رغم أن الفيفا هي التي أصدرت قراراً بعدم انعقادها حتى تبعث وفداً منها وأياً كانت مبرراتها فلقد أصدرت قراراً بعدم انعقادها حتى تبعث وفداً منه للدراسة الوضع خاصة لأنها لم تعتمد النظام الأساسي الجديد الذي فرضته جهة حكومية على الاتحاد لمخالفاته العديدة والمفارقة الأكبر هنا أن الفيفا التي اتخذت هذا القرار صدر تحت ظل أول قانون للدولة يصدر ويؤمن على استقلالية الاتحاد تحت لوائح الفيفا وليس أي جهة رسمية بعكس ما كانت عليه كل القوانين السابقة حيث أنهى قانون 2016 أي سلطة لتدخل الدولة ممثلة في الوزير أو المفوضية في شأن الاتحاد بل وأمن القانون لأول مرة على حاكمية الفيفا، مع هذا ها نحن نشهد لأول مرة الدولة التي ظلت تتراجع وتحترم قرار الفيفا بالرغم من أنه يتوافق والقانون فنراها اليوم تتدخل وتخالف الفيفا مع أن قانون اليوم هو أول قانون يحترم ويعترف بحاكمية الفيفا وهذا ما نشهده اليوم من الدولة بعد أن انقلبت على أفشل اتحاد فرضته بقوتها ووفرت له الحماية في كل مخالفاته التي تواصلت منذ أكثر من ربع قرن، فكيف للدولة التي ظلت تجمد قانونها إنفاذاً لقرارات الفيفا واليوم ترفض ذلك بالرغم من أن قانونها لأول مرة نص على حاكمية الفيفا وترفض احترام قرارها بعدم انعقاد الجمعية (حقاً ما نشهده في عهد (المدهش) مدهش بأمر الدولة رغم قانونها الذي رفع يدها لأول مرة عن أي تدخل في شأن الاتحاد فما الذي تريده الدولة وتقصده.