* فقد مجتمع المريخ كثيراً من الرموز كان آخرهم الشهر الماضي المغفور له بإذن الله ميرغني ملاح صاحب العلاقات الواسعة والخِل الوفي للزعيم المرحوم محمد علي أبوراس، كان لا يغيب لحظة عندما ينادي نداء المريخ بل كان الأول في الدعم المالي وكان كلما شد المريخ الرحال لشندي كان منزله منزل ضيافة، أشهد له أنه كان يهتم بفرق الأقاليم جميعاً عند الحضور للتباري مع فرق العاصمة في الممتاز، وكان يسألني عن مكان إقامتها لتزويدهم بالفواكه من مجاميعها ويقول لهم إنها من مريخ السودان. * كان لا يغيب عن اجتماعات مجلس الشورى ومتابعة المباريات والمناسبات "كره وأفراح"، بل كان قدامي في الدعم المالي، كان يحترم الرأي والرأي الآخر ويقول رأيه بصراحة حتى في المكتوب في الصحف، ورأيه في بعض الكتاب، رحم الله الحبيب ميرغني ملاح والبركة في ذريته أولاده محمد وطارق وشقيقتهم وقبل ذلك والدتهم وأنعيه بهذه الأبيات. الموت يا ميرغني ما منو زولاً ناج خر الكوكب الكان لينا نور وهاج وأفل البدر هو الكان في سمانا سراج قريش الخضرة القبيل لبست سواد ديباج وعمانا السواد ونهارنا أسود داج فات عاقل الأهل وكلانا ليك محتاج وراح عاشق المريخ ولي فقدو مافي علاج وين أسد العرين كان للضعيف دراج نبكيك يا الحبيب ودمعنا سال لجاج الموت يا ميرغني ملاح ما منو زولاً ناج والموت يا الخليل بحراً غريق أمواج الساكن القصور حتى الحمايتو أبراج مهما تطول سلامتو بيلحقوا الكرباج فقدك يا الخليل في حلوقنا طعموا أجاج وبي فقد الخليل ضاقت علينا فجاج ومهما أنظم شعر ولخيوطو أكون نساج ما بوفي الخليل اللينا كان منهاج يبكيك الشمال لي حد جزيرة صاج ويبكيك الشرق أدروب مع أوهاج وملوال في الجنوب يبكي ويعزي الحاج يا رب يا كريم يا إلهي يا فراج ويا خالق البشر من نطفة أمشاج ليك عرج ميرغني الخليل وتتقبل المعراج تقبلوا في الفراديس المحاطة بسياج لا حر لا برد.. قاعد هناك بمزاج يهنأ بي نعيمه.. لا صخب.. لا ازعاج من الحور ألوف.. جات لميرغني أزواج والولدان تطوف حاملي البخور القاج والكوثر شرب بي منظرو البهراج يتهنى الميرغني ولاقت تجارتو رواج الحاجة فوزية إلى الفردوس الأعلى * الحمد لله القائل (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). * أي مصيبة أكبر من فقد الأم الحاجة فوزية محمد المبارك فقيدة أسرة المرحوم ميرغني أبوراس والنائب المرحوم محمد علي أبوراس فقيدة حي ثلاثة بأجمعه، المرأة الأمة صاحبة الخصال الجمة، والنفس الطاهرة والقيم النبيلة.. بفقدها فقد الرأي والحكمة والنصح والمشورة، والدليل الذي يهدي. * امرأة أدركت بفطرتها أن العبادة الشعائرية لا تصح إلا إذا صحت العبادة التعاملية، فقطفت ثمار هذه المعرفة سلوكاً وأخلاقاً في جميع معاملاتها، في معاملة الأصدقاء ومعاملة الصغيرة والكبير، والغريب والقريب، كانت قدوة صالحة مؤثرة في من حولها بوجدانها الروحي العميق.. وحسها الإيماني الرقيق.. تغلب الدموع عينيها كلما سمعت سيرة الصالحين أو حدثت بأخبار العارفين.. رزقت التوفيق وتركت وراءها ما ينتفع الناس به لتحيا بذلك.. وهي ميتة وتؤدي رسالة الأحياء وهي مقبورة.. لم تنطفئ شمعتها حتى توفاها الله، ولم يثنها عن فعال الخير ما تشكوه من ألم.. فذهنا حاضرٌ لم يغب.. وعزيمتها صلبة لم تهن على سمت أسلافها من آبائها موروثة.. وقد آتاها الله بصيرة نيرة.. وعقلية متفتحة.. ونفساً سمحة تميل إلى التيسير لا التعسير.. والتسهيل.. لا التعقيد.. وكل هذا هو غيض من فيض. * من شيمها وخصالها، أحبها الجميع، فقد كانت في تعاملها معهم أرق من نسمات الفجر، وأنعم من الزهر، ومن كان هذا خلقه فلابد للناس أن يحبوه. * عزاؤنا فقدها أنها قدمت فذهبت في خيرها وشهدت الجموع بفضلها.. وشهد لها جيرانها الأقربون والأبعدون وكل من عارفها وخالطها. * لقد لقيت ربها إن شاء الله راضية مرضية بعد حياة حافلة بالعطاء.. رحمها الله وغفر لها وتقبلها في الصالحين من عبادة وأسكنها الفردوس الأعلى وجزاها خير ما يجزي الذين يعملون فيخلصون ويخلصون فيقبلون.. اللهم آمين. * المنصوري.