* كيف يحقق الصيام والقرآن الحرية خاصة وأن شهر رمضان في زماننا هذا والإنسانية عامة والعالم الإسلامي خاصة في حاجة إلى تحقيق معنى الحرية. * ونقول إن الصيام والقرآن يحققان الحرية عندما يحققان العبودية الخالصة لله والتجرد من العبودية لغيره. * على أن الربط بين الصيام والقرآن كما عبرت عنه بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم ونفاذه إلى إدراك عمق الطبيعة البشرية وتأثير القرآن والصيام فيها. * إنما يعبر عليه الصلاة والسلام عما جاء في القرآن، بخصوص هذا المعنى فالمتعمق لمعاني القرآن يدرك أن الله سبحانه وتعالى عندما عرف شهر رمضان للناس وصفه بأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن ففرض الصيام في هذا الشهر بدا نتيجة نزول القرآن فيه. * وهناك ثلاث آيات في هذا السياق (الآيات 182 و185 من سورة البقرة، تتحدث عن ثلاثة موضوعات متماسكة ومترابطة. والموضوعات الثلاث هي: * فريضة الصيام، نزول القرآن ومنهج إعداد الإنسان وركيزته في فريضة الصيام وإنزال القرآن. * فالموضوع الأول: تبدو فريضة الصيام من الفرائض التي تمثل أركاناً عبر عنها بلفظ "كتب" في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) ولفظ الكتابة يدل على أعلى مراتب الفرضية مثل قوله تعالى (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً).. وقوله صلى الله عليه وسلم في فرضية الحج (يا أيها الناس كتب عليكم الحج فحجوا). * وما كانت فرضية الصيام على هذه الدرجة في الإسلام إلا لأنها تحقق في الإنسان حرية وقوة إرادته، في السيطرة على ذاته والتحكم في شهواته وعدم تمكين العادات التي يدرج عليها الإنسان من توجيه سلوكه أو استعباد إرادته. * ففي هذه الفريضة يخرج الإنسان بإرادته الكاملة عن نطاق العادات التي درج عليها وصارت توجهه فالذي ينتقص على ذاته في ضبط حاجاته الأساسية من طعام وشراب ويتحكم في بدنه أولى بأن يتحكم في سلوكه على وفق قيمه التي يؤمن بها ومن هنا يقود الإنسان نفسه ويديرها على وفق هذه القيم والمعتقدات التي يعتقدها. * ولذلك كان ضبط هذه القيم وتحديدها المحرك الأساسي للإنسان وكان الصيام هو الاختبار أو التدريب على هذا الضبط. الحديث عن القرآن * ولكي لا يضل الإنسان ويتشتت أو يحار في اختيار القيم المحركة لحياته وتحديدها كان الحديث عن القرآن بعد الحديث عن الصيام وكان فرض الصيام في هذا الشهر لنزول القرآن فيه لأنه هو الوعاء الذي حوى منظومة القيم التي يجب على الإنسان أن يضبط نفسه وإرادته على وفقها، ولعلنا نلحظ قوله تعالى عن القرآن (هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه) لأن الصيام هو اللحظة العبقرية في حياة الإنسان حيث تبدو قوته في حرية وضبط حاجاته وغرائزه وشهواته وانفعالاته وفقاً لهذه البينات من الهدى والفرقان، بكل ما في الإنسان من نقاء للقلب والضمير وإخلاص القلب والالتزام الأمين بكل ما في الإنسانية من قوة على الالتزام ونقاء الإخلاص والتحرر الداخلي والقدرة على الموقف والفعل طبقاً لهذا الموقف. اليسير أو التسيير * وتكتفي البلاغة القرآنية وإعجازها البيني فلا تخوض في تفاصيل المنهج القرآني في إعداد الإنسان وتهيئته ليصل إلى هذا المستوى بل تقدم فقط خلاصة هذا المنهج وركيزته الأساسية وهي اليسير والبعد بالإنسان على المشقة والحرج والتكاليف المرهقة التي لا ترقى بالإنسان بل تشق عليه ويتمثل ذلك في قوله تعالى بعد الحديث عن الصيام والقرآن (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) فكل تفاصيل المنهج الإسلامي في إعداد الإنسان وتكاليفه قائمة على اليسر لا على العسر، والعنت والشدة، وأن هذه الركيزة في هذا المنهج لتبدو شاملة لكل تكاليف الإسلام وتربيته للإنسان واردة في حياته في كل نواحي هذه الحياة حتى ليبدو من خلال هذا المنهج أن كل شيء يخرج من اليسر إلى المشقة فليس من الإسلام. * سبق قال أمين زكي قول لود الشايق بطل كورة فرد ود الشايقي أنا خريج جامعة الخرطوم أنا مهنتي لعب كورة.