الهلال الذي اعلنت لجنة تسييره المؤقتة عن عجزها عن توفير خمسين الف دولار التي استنزفت كل طاقته حتى يسجل بها لاعبا واحدا خرج علينا فجأة بانه وفر ثلاثة مليار جنيه لتنظيم معسكر خارج السودان لاعداد الفريق للقاء فيتا ومازيمبي والتي سيتبعها العشرات منها لمواصلة المشوار ان وجد ولعل السؤال الذي يفرض نفسه كيف ومن اين توفر هذا المال وبهذه السرعة؟ ودافعنا لهذا السؤال مخاوفنا من ان تكون هذه الثلاثة مليارات تم توفيرها من ا لمال العام ومن الخزينة بعد ان تعددت مظاهر اهدار المال العام وبمبالغ تحكي عن نفسها لدعم اندية كرة القدم بما قد يصل مئات المليارات لو تم رصدها بصورة احصائية دقيقة. ان الاسئلة حقيقة تتوالى مع تزايد الاندهاش ان كانت هذه اموال مخصصة لكرة القدم او الرياضة في ميزانية الدولة وان لم تكن كذلك من الذي خول المسئولين عن هذا المال العام لان يتصرفوا فيه وفق الاهواء الشخصية ثم وبحكم ان هذا مال عام فهل خضع يوما للمراجعة القانونية للتأكد من انه وظف لغرضه وانه حقق ما يهدف اليه. كل السودانيين يعلمون وهم اصحاب الحق المطلق في هذا المال العام الذي صرف على اندية كرة القدم انه لم يحقق او يضيف للكرة مكسبا واحدا بل ظلت الكرة تتراجع من اسوأ لاسوأ خاصة كلما تضاعف تدفق المال العام على بعض هذه الاندية وليس كلها مما يخل بمبدأ المساواة بين الاندية نفسها ولقد شهدنا كيف ان اندية مدني تظلمت بانها تنافس اندية سخر لها المال العام وكانها اندية من خارج السودان . فلقد تمتع بهذه الفوضى المالية و التصرف في المال العام اتحاد بعينه وهو اتحاد كرة القدم الاغنى بين كل الاتحادات وبعض الاندية الاكثر ثراء مقارنة مع بقية الاندية. فكم من المليارات تدفقت من الخزينة العامة عبر قنوات رسمية ليس هناك ما يضبط تصرفاتها في المال العام وفق احتياجات الدولة مع انها في كل الحالات كانت صفر على الشمال بحساب النتائج. بطولة (الشان) والبطولات المتعددة من سيكافا وغيرها من المسميات البدع التي تفتقد اي وزن او قيمة لها كم استنزفت من الخزينة العامة وكم اضعافها ما صرف على افشل اندية على مستوى الانشطة الرياضية بالسودان. فكم من الذهبيات وكم من الفضيات بل والبرونزيات شرفت علم السودان ليرفرف في ساحات الرياضة العالمية الرسمية حتى تكون مبررا لهذه الفوضى المالية. نعم آن الاوان ليرتفع صوت الحق فان كان المال العام يوظف لرفع شان السودان خارجيا فاتحاد كرة القدم وانديته آخر من يوجه لهم هذا المال لان عشرات الاتحادات الاخرى والانشطة اكثر كفاءة وجدارة ورصيدا في رفع راية السودان وعلمه خارجيا والاحصاءات تؤكد ذلك ان امتلكت وزارة الرياضة الجراءة لتنشر على الرأي العام ما تحقق للسودان من ذهبيات وفضيات وبرونزيات خارج السودان. فكاس العالم الذي ترفرف فيه اعلام الدول المؤهلة لذلك لم يشهد في تاريخه ان ارتفع فيه علم السودان على مستوى المنتخبات او الاندية منذ علم 91 ( كأس العالم للشباب) وعندما لم يكن المال العام مهدراً في اتحاده او انديته ويالها من فضيحة فكاس العالم لكرة القدم لم يشهد عبر تاريخه حتى لاعبا سودانيا واحدا الا متجنسا واحدا لعب للمنتخب السعودي في نهائيات 94 امريكا وهو لاعب النصر السعودي ماجد السوداني اماً واباً. ام ان كان المعيار لصرف المال العام حقوق المواطن السوداني صاحب الحق الاصيل فان الرياضة لن تأتي في اولويات صرفه وهو يقتله الجوع والمرض وعجزه عن تعليم ابنائه . ثلاثة مواقف لابد ان اقف فيها: شعب البرازيل الذي تنظم دولته نهائيات كاس العالم وحكومته فخورة بما يحققه لها عالميا هذا الشعب رافض لحكومته ان تفعل ذلك في وقت يبحث فيه عن لقمة طعام وعلاج. -2-شخصيا حملتني الصدفة ان اسمع حوارا بين شخصيتين لا اعرف اي منهما ولم اكن طرفا في ما يدور من حوار بينهما لعدم وجود صلة بهما وبالامر ودهشت عندما استمعت الحدهم يقول اننا في هيئة توفيرالمياه بحاجة لاربعة مليارات حتى نحافظ على مستوى المياه الحالية(الملوثة) يعني لم يكن حديثهما عن توفر المياه الصحيية اولا وثانيا ان تتوفر لكل المواطنين.وهذه واحدة من الازمات المستفحلة في السودان والتي دفعت بان يشهد السودان تظاهر واعتصام الكثير من الاحياء التي تعاني من شح المياه وان توفرت فهي حاملة للسرطانات والفشل الكلوي 3- ويالها من مفارقة كبرى فلما فشلت احزابنا الحاكمة والمعارضة عن استقطاب الجمهور اتجهت لتبني كاس العالم لكرة القدم كما فعل حزب الامة مع الهلال والشيوعي والمؤتمر الوطني مع كاس العالم فهل المليارات التي اهدرت اولى بها كرة القدم ام ان الاولوية لقضايا لاحتياجات المواطنين الضرورية واحسرتاه على رحيل الانجليز عن السودان فما كان لقرش واحد او ياخذ طريقه لكرة القدم على حساب تعليم وعلاج المواطنين