يبدو أن ما يلحقه الهلال والمريح من دمار في الكرة السودانية في الطريق لأن ينتقل للتعليم حيث أن ما تشهده البلاد في مثل هذا الموعد من كل سنة عندما يحين موعد إعلان الشهادة لمرحلتي الأساس والثانوية والسبب في ذلك التنافس بين المدارس الخاصة والمؤسف أنه تنافس تجاري لغرض الربح وليس لرفع مستوى التعليم. ترى كم من الأسر السودانية عانت في الأيام الأخيرة بسبب ما يصحب إعلان الشهادة من تهليل لأصحاب المراكز العشرة الأولى ومتاجرة بهم ليعاني بقية الطلاب والأسر حالة من الإحباط التي تتحول في أكثر الأحيان لأزمات يمتد أثرها الضار لمستقبل الطلاب. أسر حقق أولادها مجاميع قد تصل التسعينات وفوق الثمانينات ومع ذلك لا يستقبلون أولادهم بالفرح الذي يحفزهم لشق طريقهم بثبات وقد تأهلوا للمراحل المتقدمة وأسر أخرى تعاني من الحالة النفسية التي انتابت أولادهم بالرغم من فرحتهم بما حققه أولادهم من مجاميع جيدة ولكن أولادهم يثيرون في أسرهم الهلع والخوف على حالتهم النفسية لعدم رضائهم عن ما حققوه لأنهم كانوا يتطلعون الى أن يكونوا من العشرة المبشرين بالتظاهرات الإعلامية التي تروج لها المدارس الخاصة رغبة في الاستقطاب التجاري الذي أصبح سمة التعليم!! لا أدري ولا أرى سبباً واحداً لهذه الظاهرة التي تشارك فيها الدولة وإدارة التعليم وكأنهم في حالة حرب مع أولادنا وشبابنا وهم وآلاف منهم يواجهون في نهاية كل مرحلة هذا التهريج الذي تعتبره المدارس الخاصة استثماراً لاستقطاب التلاميذ والطلاب وذلك عبر تظاهرات الاحتفاءات التي يروجون لها لإيهام الناس بما يحققونه كل ذلك بغرض المزيد من الاستنزاف المادي للطلاب حتى بلغت تكلفة التعليم أرقاماً تفوق الخيال بسبب هذه الصنعة. هذا التعليم الذي تركه الإنجليز بالمجان وبلا ضوضاء والذين أورثونا نظاماً تعليمياً لا يعرفون هذا النوع من الاستغلال فيومها كان المعيار أن يكون الطالب حقق ما يؤهله للمرحلة الأعلى ليكون هذا محل تقدير الأسرة دون أي آثار سالبة ولكن الحال تغير اليوم وأصبح خطراً على الشباب مع تفشي هذه الظاهرة. نعم من حق كل أسرة أن تفرح وتحتفي بما يحققه أولادها ولكن ما الذي يجعل من هذه الفرحة المحدودة ظاهرة عامة وشأناً عاماً لو لم يكن الغرض تجارة من الذين حولوا التعليم لاستثمار خاص شأنه شأن أي سلعة حتى لو كانت فاسدة في السوق يملك صاحبها أن يروج لها أو يحققها بأي أسلوب بنظرية الغاية تبرر الوسيلة ليس لنا مصلحة في أن يتحول التعليم لقمة محتكرة للتعليم كما يحتكر كرة القدم الهلال والمريخ على حساب المستوى العام وإنما نحن بحاجة لمستوى متوازٍ يرفع من المستوى العام للتعليم كم هو حاجتنا له في كرة القدم. وكما أصبح الهلال والمريخ تجارة فاسدة بكل المقاييس فالتعليم بما نشهده من تنافس يستهدف تحقيق الربح ينذرنا بأن التعليم على موعد مع هذا النوع من القمة المدمرة. ولكن السؤال الكبير: هل أجهزتنا المسؤولة عن التعليم هي نفسها انطلت عليها هذه الظاهرة التي تتهدد التعليم بما تتركه من آثار سالبة على من يفوتهم هذا السباق المزعوم أم إنها شريكة في هذه الخدعة وليتهم يجرون إضاءات دقيقة لما شهدته غالبية الأسر خلال هذه التظاهرات وما واجهته من حالات نفسية على أبنائها وبناتها. خارج النص: أتابع هذه الأيام ما يصدر من تصريحات لأندية الدرجة الممتازة وكل ما يصدر عن هذه الإدارات يؤكد أن حالنا لن ينصلح لأن هذه الأندية لا تزال تجهل أين تكمن الأزمة ولكنها تنفعل من وقت لآخر دون أن تخطو خطوة لدراسة واقعها والوقوف على مسببات الأزمة ولكن متى تدرك أنها تحت ظل هذا الهيكل الموروث من (البروس) كما وصفه رحمة الله عليه أبو العائلة أنهم سيبقون على حالهم حتى يأتي يوم تكون فيه هذه الأندية هي صاحبة الكلمة والقرار وليست أندية متسولة أمام وسطاء يحتكرون حقوق الأندية.