اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساس مشكلة دارفور هو الغبن التنموي
نصر الدين محمد عمر يتحدث ل(الصحافة) عن الاستراتيجية الجديدة لحل مشكلة دارفور
نشر في الصحافة يوم 14 - 09 - 2010

ان القراءة المتأنية لمشروع الاستراتيجية الجديدة لتحقيق السلام الشامل والأمن والتنمية في دارفور، توصل إلى نتيجة مؤداها ان الانتخابات العامة التي جرت في ابريل من هذا العام افرزت قيادات منتخبة بصورة مباشرة من القواعد الدارفورية، على مستوى مناصب الولاة والمجلس الوطني والمجالس التشريعية بالولايات الثلاث، وبالتالي فإن هؤلاء القادة المنتخبين هم الاجدر بتمثيل هذه القواعد التي انتخبتهم وبالتالي ينبغي ان تتركز المفاوضات والمشاورات عليهم وصولاً للسلام المنشود، بالرغم من اننا نعلم ان هؤلاء القادة المنتخبين هم من حزب المؤتمر الوطني بنسبة تفوق التسعة والتسعين في المائة، مما يجعل تركيز الحوارمعهم هو حوار مع الذات ليؤكد وجهة نظر هذا الحزب ازاء هذه الازمة وكيفية حلها! مع انه طرف اصيل في نشأتها وتطورها وتعقدها حتى أصبحت ازمة مدولة، وبما ان الامر كذلك فإنه لزاماً علينا ان نلتقي ببعض قيادات المؤتمر الوطني من ابناء دارفور الذين افرزتهم هذه الانتخابات، لنستطلع آراءهم بشأن مشروع هذه الاستراتيجية كيف كانت قراءتهم له؟ وهل تستطيع ان تحقق السلام ا لمنشود وفقاً لاهدافها المعلنة ومحاورها المحددة؟ ويسرنا ان نبدأ هذه اللقاءات مع السيد نصر الدين محمد عمر، احد هذه القيادات، وهو عضو المجلس الوطني عن القائمة النسبية لولاية جنوب دارفور، وسبق له أن تولى عدة مناصب وزارية وتنفيذية عليا منذ مجئ الانقاذ في عام 1989م، فقد كان مديراً عاماً لشركة الجزيرة للخدمات، ومديراً عاماً لشركة الحبوب الزيتية، ووزير مالية بولاية الخرطوم، ووزير دولة بوزارة التجارة
وكان مدخلنا للحوار مع سيادته السؤال التالي: ما هو الجذر الرئيس لمشكلة دارفور؟
- ان الجذر الرئيس لمشكلة دارفور هو الغبن التنموي، وهو امر يتضمن بالضرورة السلطة والثروة فهما صنوان متلازمان، فأهل دار كانوا ومازلوا مغبونين جراء الاهمال المتطاول لتنمية الاقليم من قبل الاستقلال وبعده عبر جميع الانظمة الحكومية المتعاقبة طوال هذه الفترة، وذلك بدرجات متفاوتة بطبيعة الحال، ويتمثل هذا الاهمال في قلة وضعف ركائز التنمية والخدمات الاساسية بنسبة المتاح منها إلى عدد سكان هذا الاقليم، الذين يتجاوزون الآن الثمانية ملايين نسمة، واعلن ان دارفور اليوم تتقدم اقاليم السودان الاخرى في نسبة الفقر والبطالة.
عندما جاءت الانقاذ لماذا لم تسارع الانقاذ بتنمية الاقليم؟
- ان ثورة الانقاذ جاءت مدركة لعدم التوازن التنموي بالبلاد، وقد شرعت منذ ايامها الاول في جمع المعلومات الخاصة بواقع التنمية من حيث البنيات الاساسية والخدمات بولايات البلاد المختلفة، وذلك بهدف وضع خطة شاملة لمعالجة هذه الاختلالات التنموية، تحقيقاً للعدالة التي هي أحد مقاصد الانقاذ، وقال ان قدرا معتبرا من التنمية قد انجزته ثورة الانقاذ، واوضح المظاهر في هذا الصدد هو ما تم في مجال تعليم الاساس والجامعات والمطارات. واشار إلى المطالب المتكررة للسواد الأعظم من أهل دارفور، المتمثلة بصفة اساسية في وحدة الاقليم، ونائب لرئيس الجمهورية وتوزيع عادل للثروة وفقاً لعدد السكان، مع مراعاة فجوة التنمية بين دارفور وبقية ولايات البلاد الشمالية فقال: ان الحكومة من جانبها توافق على مطلب تسريع وتائر التنمية بدارفور مع مراعاة الفجوة التنموية، وستبذل اقصى جهدها الممكن في هذا السبيل، ولكن في تقديري ان مطلوبات التنمية في دارفور تفوق قدرات الدولة في المدى القصير، اذ ان تنمية دارفور تحتاج إلى جهود اقليمية ودولية تدعم الجهد الحكومي. ان تنمية دارفور تحتاج إلى (مارشال بلان) وهو امر صعب إلا انه ليس مستحيلاً، واشار إلى المبادرة الكريمة والسخية لدولة قطر بإنشاء بنك خاص لتنمية دارفور فقال: هي تصب في هذا الاتجاه، اما موضوع نائب الرئيس والاقليم الواحد، فالراجح عندي ان الحكومة غير مسلمة بأن هذين المطلبين من قبل الحركات المسلحة، هما حقاً مطلبان حقيقيان لاهل دارفور، ولذا فهي تسعى للتأكد منهما في اطار التشاور مع أهل دارفور، وهدف الاستراتيجية هو احد وسائل هذا التشاور، مع ملاحظة ان موضوع الاقليم الواحد ليس عليه اعتراض من حيث المبدأ، لان اتفاقية ابوجا اقرت ان يستفتى اهل دارفور بشأنه، واضاف: وعندي ان تراضى اهل دارفور على الاقليم قبولاً أو رفضاً أوفق من الاستفتاء؛ لان الاستفتاء يقوم على مبدأ التأييد أو المعارضة، وليس من المستحسن ان نعرض مجتمع دارفور إلى استقطاب بسبب هذا الاستفتاء.
الانقاذ جاءت مدركة لعدم التوازن التنموي بالبلاد، ولهذا السبب شرعت في جمع المعلومات الخاصة بواقع التنمية في كل انحاء البلاد، ومن حيث البنيات الاساسية ومرافق الخدمات المختلفة، ووضعت لذلك خطة شاملة لمعالجة الاختلالات التنموية، واعلن: ان الدكتور خليل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة الحالي، كان أحد الشباب الذين أوكل إليهم هذا العمل الكبير في اطار التنسيق بين وزارتي التخطيط الاجتماعي وديوان الحكم الاتحادي آنئذٍ، وقال: ان المجموعة التي اصدرت الكتاب الاسود باعتباره وثيقة تؤكد المظالم التي تعرض لها المهمشون، قد استندت على البيانات الرسمية التي تم جمعها بقرار من قيادة الانقاذ، ويؤكد هذا ان أحد كبار المسؤولين بالدولة أدلى بما يفيد بأن المعلومات الواردة في ذلك الكتاب هي من صنع اجهزة الثورة بهدف بناء قاعدة بيانات علمية، تقوم عليها سياسة منهجية لمعالجة الاختلالات التنموية، واضاف: ان الانقاذ انجزت قدراً معتبراً من مشاريع التنمية بالاقليم، وتعترف الحكومة بأن وتيرة الانجازات التنموية تراجعت بسبب تعدي التمرد على العاملين ببعض المشاريع العامة، مثل ما وقع في بعض قطاعات طريق الانقاذ الغربي، وهي عازمة على المسارعة بالتنمية في الاقليم فور استتباب الامن، فضلاً عن انها لم تتوقف عن التنمية رغم المخاطر الامنية.
٭ ان التنمية هي احدى محاور الاستراتيجية التي طرحها الدكتور غازي صلاح الدين مسؤول ملف دارفور، هلا حدثتنا عن هذه الاستراتيجية؟
- ان الاستراتيجية هي الفريضة الغائبة في مقاربة سلام دارفور، اذ كان الامر يقوم قبلها على اجتهادات الأفراد وبعض الاجهزة ذات الصلة والعلاقة بمشكلة دارفور، وكثيراً ما تتقاطع هذه الاجتهادات، الامر الذي أدى الى اهدار كثير من الوقت والجهد والموارد المادية والمعنوية، وأدى ذلك إلى تطاول الوقت دون الوصول إلى الحل المطلوب لهذه المشكلة مما اتاح الفرص والمجال لتدخلات اقليمية ودولية من دول ومنظمات، منها ما يحمل عداءً للسودان ويعمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتأجيج الصراع وتعقيده، واضاف انه باستدعاء هذه الاستراتيجية وتوظيفها بأهدافها الواضحة وآلياتها المتناسقة والمتناصرة، أصبح ممكناً تدارك اخطاء المرحلة الماضية التي كانت تقسم بسياسة رزق اليوم باليوم، ومضى إلى تعريف الاستراتيجية فقال: انها تعني فن وتخطيط وادارة قوى الدولة لتحقيق اهداف محددة، تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية والمعلوماتية والمعنوية، والاستراتيجية تعني اساساً بالمدى البعيد، وبذلك تتم تجزئتها إلى اهداف مرحلية، وعليه فإن الاستراتيجية المطروحة هي خطة لتحقيق السلام لدارفور عبر عدة محاور هي:
1- تكثيف العمل في مجال التنمية.
2- اجراء المصالحات بين المكونات الاجتماعية المتصارعة.
3- تسريع العودة الطوعية للنازحين واللاجئين وتأمينها.
4- مواصلة التفاوض مع الحركات المسلحة على منبر الدوحة.
وقال: ان الاستراتيجية بهذا تهدف إلى نقل عملية السلام إلى الداخل باعتبار ان أهل دارفور بالداخل هم أصحاب المصلحة الحقيقية في السلام، وبالتالي يجب ان يكونوا هم صناع هذا السلام، ولهذا يلزم اجراء مشاورات واسعة ومعمقة معهم، واشراكهم في رسم مآلات السلام حيث لا يرهن هذا السلام ولا يختزل في شخص أو حركة، وهذا يساعد في تجاوز حالة الاحتباس التي ترزح فيها عملية التفاوض خلال الفترة الماضية والحالية.
٭ وكان سؤالنا التالي هو: أن البعض يقول: ان هذه الاستراتيجية المقترحة جاءت رد فعل لفشل مؤتمر الدوحة وانسداد أفق السلام، بعد الاحباط الذي أصاب الوفد الحكومي المفاوض من موقف حركة التحرير والعدالة؟
- ان منبر الدوحة لم يفشل ولن يفشل بإذن الله، اذ ان المفاوضات لم تلغ وانما رفعت لاتاحة وقت للمراجعة والتقويم والتشاور، واضاف: ان منبر الدوحة امكن من اكتشاف مواقف الاطراف بوضوح، وعليه فإن المفاوضات هي احدى محاور هذه الاستراتيجية.
٭ البعض يرى في هذه الاستراتيجية انها غطاء حكومي لافراغ المعسكرات من النازحين تمهيداً للرجوع إلى الخيار العسكري!
- انني لا أرى ان هذا المنظور صحيح، لأن الحكومة لو أرادت افراغ المعسكرات بالقوة لاستطاعت ذلك ولفعلته منذ أعوام مضت، ولكن الحكومة تسعى لافراغ المعسكرات بالتي هي أحسن، وذلك من خلال العودة الطوعية، اما موضوع الحسم العسكري فقد يتحقق في حالة الحرب بين الجيوش النظامية، إلا انه يكاد يكون مستحيلاً في حرب العصابات، وما يدور في دارفور هو ذات النمط من حرب العصابات التي تقوم بها الحركات المسلحة، والشواهد في هذا المجال ماثلة في كولمبيا والفلبين والشيشان وفي افغانستان.
واضاف: أؤكد لك بأن الحكومة ترغب في الحل السلمي، والمطلوب من الحركات المسلحة ان تشاركها هذه الرغبة في الحل السلمي، وان تتوحد من أجل الوصول إلى السلام المنشود لا للاستمرار في الحرب، ان الحكومة تدرك بأنه لا يمكن تحقيق سلام مستديم بغير وفاق مع الحركات المسلحة، وبما ان الامر كذلك فيتوجب على مجتمع دارفور الضغط على الحركات المسلحة للجنوح نحو السلام، مادامت تدعي الحديث باسم أهل دارفور والنضال من أجل نيل حقوقهم، وذلك لتتوحد من أجل مصلحة دارفور وانسانها حتى يسهل التفاوض مع الحكومة، اذ انه ليس ممكناً ولا معقولاً ان تتفاوض الحكومة مع عدد من الحركات المتشاكسة. ان الحكومة اليوم حريصة على وحدة الحركات من أجل الوصول إلى السلام المنشود، فإذا اتفق اهل دارفور بإجماعهم أو أغلبيتهم على رؤية محددة لحل مشكلة دارفور، فأنا على يقين بأن الحكومة ستستجيب لما يريدونه، اذ ان هذه الحكومة هي حكومة المواطن تأتمر بأمره ولا تفرض عليه ما لا يريده.
٭ الاستراتيجية تهدف إلى اجراء مشاركة لأهل دارفور من خلال مشورة واسعة، فكيف تتم هذه المشورة الواسعة؟
- انني أرى ان يشرك جميع اهل دارفور - أركز على كلمة جميع هذه - دون عزل لأحد إلا من أبى، وان انسب الساحات وارحبها لمثل هذا التشاور هي المحلية، اذ ان منبر المحلية يضم كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والاثني والقبلي، والمواطنون في المحلية يعرفون بعضهم بعضاً، ويعرفون مشاكلهم وكيفية حلها، ويعرفون مطلوبات الحل لمشكلة دارفور بأبعادها السياسية فيما يختص بالمشاركة في السلطة، والاقتصادية فيما يختص بالتنمية، والاجتماعية فيما يختص بالمصالحات، والانسانية فيما يختص بالمعسكرات، والامنية وهو أساس الأمر ومنشأه ونهايته.
٭ كيف تتم مشورة أهل دارفور على مستوى المحلية فما فوقها؟
- ان التشاور في رأيي يتم بالصورة التالية: مواطنو المحلية يتشاورون فيما بينهم بحرية وشفافية وصدق وجدية، حول محاور المشكلة، ويخلصون إلى رؤية محددة، ويختارون ممثلين لهم يحملون هذه الرؤية إلى المستوى الأعلى وهو الولاية التي تجمع كل المحليات، ويتم التشاور والنقاش في المستوى الولائي لكل الرؤى التي جاءت بها المحليات، وذلك بهدف الوصول إلى رؤية محددة تشكل رأي الولاية في تشخيص المشكلة وعلاجها، ثم تجتمع الولايات الثلاث لتصل إلى رؤية مشتركة لثلاثتها، تكون هي رؤية اهل دارفور بشأن حل هذه المشكلة، وعندئذٍ يختار أهل دارفور بالداخل الذين اتفقوا على هذه الرؤية بمن فيهم النواب المنتخبون والقيادات الاهلية بطبيعة الحال، ممثلين عنهم يحملون هذه الرؤية المتفق عليها للحكومة والحركات المسلحة، حتى يأتي الاتفاق السياسي المطلوب بين الطرفين وفقاً لها واستناداً عليها.
٭ هذا منهج جيد جداً يمكن ان يتحقق عبره تراضي أهل دارفور دون عزل لأحد فرداً كان أو قوى سياسية، لكن الخوف ان يسعى المؤتمر الوطني لجعل هذا التشاور وقفاً على عضويته!
- ان هذا التقدير غير صحيح، فالمؤتمر الوطني هو الحزب الحاكم عبر حكومته، وبالتالي هو مسؤول عن جميع مواطني دارفور سواء أكانوا مناصرين له أو معارضين، ومسؤوليته الوطنية والاخلاقية تدعوه لاشتراك الجميع في هذا التشاور باعتباره أمراً يخص الجميع، خاصة وهو يعلم بأن فوزه المدهش في الانتخابات الماضية اتى بمناصرة عضويته وآخرين من غير عضويته، ومنهم من له انتماء سياسي معارض، فضلاً عن كثيرين ممن ليس لهم انتماء سياسي محدد ولكنهم صوتوا لبرنامج المؤتمر الوطني وقيادته، وهذا الحزب يتمتع بذكاء سياسي معلوم، فلا يمكن أن يقصر التشاور بين عضويته، لأن الأمر في هذه الحالة يكون حواراً مع الذات، وذلك بمثابة (المنولوج السياسي الداخلي ورجع الصدى) وذلك لا يحقق الهدف المطلوب، كما انه بذلك يكون قد تنكر لمن ناصروه من غير عضويته، ويترتب على ذلك مردود سياسي سالب في حق هذا الحزب- المؤتمر الوطني-.
٭ وفي رأيك ما هي تراتيب حل مشكلة دارفور؟
- ان الصراع في دارفور هو صراعان متداخلان، صراع بين الحكومة والحركات المسلحة، وصراع داخلي بين بعض مكونات مجتمع دارفور الاثنية والقبلية، ومن ثم يلزم ان يتحقق الحل السياسي بين الحكومة والحركات المسلحة، تتبعه ترتيبات امنية متفق عليها لعلاج الصراعات الداخلية، ويترافق مع هذه العملية اجراء مصالحات حقيقية، بين هذه الجماعات المتصارعة في الاقليم، حتى اذا ما تحقق الحل السياسي بترتيباته الامنية يتنزل على أرضية صلبة لبيئة اجتماعية متصالحة، تضمن السلام المستديم. واضاف في رأي ان تجاوز هذا المقتضى وهذه التراتيبية قد ينتج عنه اتفاق أواتفاقات بين طرف وآخر، أو بين طرف وأطراف تتحقق عبره مصالح لأفراد أوجماعة، ولكنه لن يحقق التراضي بين مكونات دارفور الاجتماعية الذي هو شرط وجوب للسلام الحقيقي.
واختتم السيد نصر الدين حديثه في هذه المقابلة بالتأكيد: بأن التنمية سواء أكانت في دارفورأو غيرها من الاقاليم لا تقوم بها الحكومة وحدها، اذ ان الجهد الحكومي في هذا المجال يركز على البنيات الاساسية من طرق وكهرباء ومرافق الخدمات، أما الاستثمارات في مجال الزراعة والصناعة والخدمات الأخرى وهي تشكل المقوم الآخر للتنمية، وهذا الجانب ينهض به مستثمرون من القطاع الخاص، سواء اكانوا على المستوى القومي أو الاقليمي أو العالمي، إلا ان هذا القطاع الخاص بالغ الحساسية تجاه المسألة الامنية، اذ ان رأس المال (جبان) حسب القاعدة الاقتصادية المعروفة، فلن يقوم بأية استثمارات ذات بال واثر ملموس لتنمية دارفور، ما لم يطمئن تماماً على سلامة استثماراته وضمان العائد المجزي منها، وهذا امر لن يتحقق مادام الصراع مستمراً بين الحكومة والحركات المسلحة، وعليه فإن جهود الحكومة الكبيرة للتنمية بدارفور يتعذر تحقيقها على النحو المرتجى ما لم يتم السلام.
وأضاف ان الانتاج في دارفور مازال تقليدياً ذا انتاجية متراجعة لجملة من الاسباب، ولا يوجد مشروع زراعي واحد ذو مساحة معتبرة يقوم على الأساليب الحديثة المعروفة في الانتاج الزراعي، وان أكبر منشأة صناعية في الاقليم عاملة الآن هي معصرة للزيوت بنيالا، يقل عدد العاملين بها عن الثمانين فرداً، ولهذا فلا غرابة ان تتقدم دارفور الاقاليم الشمالية الأخرى في الفقر والبطالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.