قال الشاعر الراحل عمر الطيب الدوش: (شنو الجدّا عشان نتجارا ما بين القاهرة وحدة وشنو الجدّا)!! مدخل: (2) قال د.نافع: (نحن غير معنيين بخيارات المهدي)؟!! (1) يبقى ما هي خيارات المهدي؟! ٭ الاستخارة من أجل ماذا؟! من أجل أن يبقى السودان واحداً بحدوده المعروفة. ٭ (من أن لا يرى بعيني رأسه عوامل تفكيك السودان، وهذا هو الدافع الأساسي لاتخاذ قرارين هما: (أحلاهما مر). ٭ الانضمام الى تيار الإطاحة بالحكم. ٭ أو التخلي النهائي عن العمل السياسي!!). (يا دكتور) إذا كانت هذه الخيارات لرجل في قامة الامام الصادق المهدي يبقى أي احتمال دون تفكيك السودان، ضرب من ضروب المستحيل، وان مستقبل السودان حقيقة قد وصل الى نهاية المطاف المحزنة، واذا اخذنا برد د.نافع، نكون كمن رهن حصاد تجربة الرجل في أتون الذات دون الحوار للموضوع. ٭ والرجل مهما انتقص البعض من تجربته الطويلة فهو المفكر مكتمل الجوانب والمتماسك الأبعاد معنى ومبنى، ولا يمكن لكل منصف أن يفصل ما بين تلكم التجربة الثرة وسيرة الانسان السوداني ما بعد خروج الاستعمار والسودنة!! (وهذا ما ظل يغفله عن قصد متنفذو الانقاذ). ٭ حاز السودان على استقلاله كدولة حرة في يناير 1956م، لحظتها كان هذا الرجل في عنفوان شبابه، وعلى مستوى الكسب الأسري في الحسب والنسب هو سبطت ومنارة الدوحة المهدوية، وحفيدها المبشر بحفظ امانة الدعوة، مهما كان حكم التكليف للأمانة من الأذى والاذية، فهو من كان بعد فترة الطلب مفتوحة امامه الفرص الذاتية كلها ومبسوطة امامه (الخيارات) ولكن كان خياره ومازال (مهما كان الخلاف ما بيننا فلا ندع مجالاً للغريب أن يتوسطنا)!!! ومن هنا أتى التميز واضمار الحقد من الحساد والخصوم السياسيين. ٭ واذا كان الثراء والحصول على المال حظوة عند البعض فان اساس البنيات التحتية وأسوار حدودها المادية كانت سمة لزعيم وامام كيان الأنصار (أبو الوطنية) وحق في دولة السودان الامام عبد الرحمن المهدي و(رصيد وملك حر) فقط اذا استصحب كل منصف لشعار (السودان للسودانيين لا مصر ولا بريطانيين)، ولحظتها سيدرك ان خيار و(قيمة الوحدة) من قيمة التراب الغالي، وعندها سيعلم كل مغالي للاشياء (ان الارض الحرة ما هي بالسلعة لكي تعرض لبورصات السلطة وقيمة الثروة)، وهنا سيدرك الغافل (.......) قيمة الخيارات التي لا تعنيه!!! اذا ما تفكك السودان والعين ترى!! والسؤال اما كان علينا من السهل تجنب دموع البكاء والخوف من الانفصال اذا سمعنا النصح من قبل قيام الاستفتاء؟!. (2) السمت السوداني الضائع يا لهف نفسي على السمت السوداني، والذي ضاع بين اضابير الصراع غير المبرر وغير الموضوعي عند البعض من النافذين في السلطة، متناسين في لحظة الزهو حجم التحدي والصعاب التي تنشن بسهامها صوب الوطن الجريح والمهدد في هويته بالتقسيم وبأطماع الجيران ومستهدف باستراتيجية دول الغرب، ومتجاهلين تماما (لمطحنة الغلاء)، وحياة البلاء التي اصابت حياة المواطن السوداني حتى عاد لا يكترس لماهية الآمال ولا يطمح في تحقيق الاحلام، فهذه هي الخيارات المرة والتي عبر عنها الامام الصادق المهدي، بحسه وبسمته الوطني، والذي ما أنفك يشكل علاقاته بأبناء (الوطن) في حله وترحاله (حاكما كان أو معارضا)، وهذا مقام من العرفان ومن الوفاء لحق الوطن، مازال البعض بعيدا عن ادراكه!! فالوعي قسم!! واكثر توضيحاً لخيارات الرجل، سيدركها حتماً (الآخر الملي) من واقع ما حققه الرجل من كسب عالمي (حتى أصبح لا يُعرف بالالقاب، بل يَعرف الالقاب) وهذا مقام شتان ان يدركه (.....) فكنانة محتواه المعرفي قد اضحت أزمة للمقدرة والفهم والاستيعاب عند البعض، وهذا شأنهم ثم من بعد لهم العذر، فمفهوم احترام الآخر من واقع اطروحاته، يؤكد بالضرورة انه السابق لزمانه، لماهية الاختيار السليم ولمعنى البديل للفهم الحر الديمقراطي، فمنذ عقد الستينيات من القرن الماضي ولطرحه لمشروع (الآفاق الجديدة) كمنفستو وبرنامج الحل لقضايا السودان وأزماته و(خاصة الجنوب) عبر مائدة مستديرة، كانت خياراته الوطنية هي عقدة الآخر الشمولي والى اليوم، وعلى ذكر المائدة المستديرة فلابد من القاء التحية للشهيد (وليم دينق) والد (نيال دينق نيال) والتحية ايضا للاستاذ (أحمد ابراهيم دريج) وكل الكوكبة الوطنية التي تؤمن (بأن السودان للسودانيين)!!! (3) الإمام وقضايا العمال وحقوقهم النقابية إن تناول الامام الصادق المهدي واطروحاته التجديدية في مجال العمل النقابي قد جعل منها بعض الحساد (مدخلا للنكات الكاريكاتيرية) ودعوة للاستهزاء والتجاهل وهذا هو ديدن الذهنية الشمولية وسدنتها عبر التاريخ، علماً بأنه هو أول من طرق على (هذا الباب) حاثاً (لحكومات الظل) في الخدمة العامة وحقوق العامل على الإدارة، حينما نادى (ان الحركة النقابية هي مشروع السند الأيمن لكل عامل في الدولة، بتحقيق طموحاته المادية والمعنوية) جاعلاً منه الصنو للمسؤول الاداري، وعندما أتى (بالمصطلحات الجديدة) كانت هي الطفرة ومثار الاندهاش، بل والعداء لكل من اراد ان يجعل من العمل (سخرة) واداة طيعة في يد (صاحب العمل)، لذا كانت روح العداء قد نشبت حتى من بين آل بيته (بيت الإمام المهدي عليه السلام) من من ظنوا أن الآخر ما هو الا عبارة عن جزء من مقتنيات الضيعة ومن هنا كان ومازال تفرد (الصادق المهدي) وكل صاحب نزعة شمولية فالإمام الصادق المهدي بالنسبة له هو العدو والخصم اللدود. (4) الإمام الصادق المهدي والدعوة المهدية أطروحة الامام الصادق المهدي، هي الرحلة الطبيعية لمشروع الدعوة المهدية الفكري، منذ ان خطا رسمها وسمتها الامام المهدي عليه السلام وفق رؤية ومفهوم الوسطية، والتي ذكرها الدين الاسلامي (نصاً وقرآنا يتلى) (وجعلناكم أمة وسط) ثم (خير الأمور أوسطها.. الخ) وحتى خيار الشورى والديمقراطية، هو (واسطة العقد بين الاجماع على الآراء)، فاذا كنا ثلاثة أو اكثر وأردنا أن نجمع (على الحل بالرأي) فعلينا ولو بلغة الحساب أن نبحث عن الرأي (الوسط)، وتلك هي الديمقراطية الليبرالية، والتي يدعيها الغرب في اجهزته التشريعية والتي تفتقد لميزة (الحُلم) عند هذا الرجل، والتي شهد له بها الراحل الاستاذ الصحفي سيد أحمد خليفة، من واقع تجربته الصحفية المتفردة والتي (ناددت) تجربة الامام الصادق المهدي السياسية والفكرية، كيف ان للصادق المهدي مقدرة خارقة في (الصبر وضبط النفس) في كل الظروف، وكاذب من يدعي القدرة على استفزازه، وجره الى الانفعال اللحظي، دونما تقييم الأوضاع بالحكمة والتريس، كاسراً بذلك لمربع ال (Over) والذي ما انفكك الصحفيون يدخلون (قادة الرأي والسياسيين فيه) لانتزاع معلومة من باب (الدغمسة) تحسب تاريخياً على ذاك الزعيم، فالامام الصادق المهدي في كل الاحوال هو الأكثر (حضورا) وهو طالب العلم والمذاكر للدرس في كل الأوقاف حتى أضحى اهتمامه الزائد بالمعرفة، مثار تنبر عند البعض، مثل ما سألت احدى صديقات كريماته: (متى سوف ينتهي امتحان والدها؟!.) (5) الإمام الصادق المهدي محارب لا يعرف الاستراحة إن أطروحة المفكر الإمام الصادق المهدي، في الوجود، هي مجموعة حاصل الثنائية التي تقبل (الاجماع) والقسمة العادلة بين كل اثنين بدءا من (الخير والشر) وحتى الأمور المتعسرة بالفهم من قبل فقهاء (التكفير وعبدة النصوص) من التي غاب عنها مفهوم (خيار الوسطية) والتي في أبسط معانيها تعنى قبول (الرأي والرأي والآخر)، وهذا ما ظل يعمل له هذا المحارب العنيد الذي لا يكل ولا يمل، طيلة عقوده العديدة والتي عاشها وظل يعمل من اجلها من اجل اسعاد البشرية جمعاء، دونما استثناء، مستصحباً لرأي كل ناقد جارح وقادح صائح، وغير معني بما هو مشيد ومادح، الا في اطار ما ينفع الناس جميعاً وهذا ما يصفه البعض جهلاً بعدم الاهتمام بأمر كل من يؤمن (بالمشروع والفكرة) فان الأمر بالنسبة له يعني تحقيق الذات فما هو في حاجة (لتلك الخيارات) والا لألتفت قبلا الى من هو معني يمدحه لا حادبا لسماع رأي قدحه!! وهذا المحارب لا يقيم الجميل جميلاً الا اذا هطل الغيث وعم كل الأرض المنبسطة بمساحة المليون ميل مربع المتعارف عليها شرعا وقانونا (بدولة السودان) لذا لم يعرف عنه يوما، انه القي بالاً الى قيم الجوائز المادية مهما علا شأنها، او اكترس للاشادة، بل بسلوكه الراقي وفهمه الواعي قد ملك كل المؤمنين بأفكاره أميز (أسلحة الحوار) والحجة في الاقناع دونما تقسيمات أصحاب (الحجج الأخرى) من التي تقيم (العضوية طبقياً) (فهناك من سبق من البدريين وهناك من صدق من الانقاذيين.. الخ) كأنما الفكرة عبارة عن مادة تحسب بالضرورة أولاً (لمن دفع)!! علماً بأن (الدفع والتدافع هنا لسد الفرقة) ورأس المال لبناء هذا المشروع الانساني الجامع هو (الزهد) لأن الدنيا جيفة وطلابها كلاب والقدوة (هم المساكين العند الله زينين) واذا عمامة طلاب الثروة والسلطة (الدلقان) فعمامة أولئك الأحباب هي (التيجان)، وهؤلاء هم رجال الثلة في أرض السودان (منبع الحضارة الانسانية الأولى) في العالم (حدث ولا فخر). هامش: تحكي الاسطورة التي جسدت المعاني الى مباني، أن العلم والمال والأخلاق قد جلسوا يتحاورون، كل عن مهامه وكيفية الحصول عليه، وماذا سوف يحدث اذا فقد كل واحد منهم فقال المال (أنا موجود في البنوك والتجارة وفي ملاذ كل من يسعى للحصول علي، وقال العلم (انا في الكتب وفي قاعات الدرس وكل من اجتهد سوف يجدني). أما الأخلاق فقالت (أنا الوحيدة اذا فقدت لا يمكن أن أوجد وعلى الدنيا السلام...) (والكلام ليك يا المنطط عينيك)!!!