قيام دولة الجنوب فى هذا الوقت سواء كان ذلك برغبة الدول الغربية أو رغبة بعض الأخوة الجنوبيين النخبويين، تسوقه نشوة منقوصة غير مكتملة الصورة وغير متبصّرة لعواقب الأمور، وهذا ما يجعلني أوافق الكثيرين من المراقبين الذين ذهبوا إلى ان الدولة المزمع قيامها في الجنوب ستكون دوله فاشله وكانوا يعتقدون أنه كان من الأفضل ان يعمل القاده الجنوبيون على تمديد الفتره ما قبل الاستفتاء لعشر سنوات أخرى على أقل تقدير ويتعاونوا مع الشمال كى يتمكنوا من بناء بنيه تحتيه تؤهل لقيام دوله جديدة. نحن في الشمال ليس ضد رغبة الجنوبيين الحقيقية، وليس من صالحنا أن تقوم دولة فاشلة في الجنوب، ولكن أكثر ما يزعجنا أن مفهوم قوة الدولة الذي يعتقد فيه بعض غرقى نشوة الفرح بانفصال الجنوب، والمفترض فيه السعي الحثيث لتوفير العيش الكريم لمواطنيهم وتوفير أسباب الحياة الضرورية من تعليم وصحة وتنمية وغير ذلك، لن يصادف رغبة بناة الدولة الوليدة برغم ما تحوي من مصادر طبيعية وموارد تعدينية وغير ذلك ، لأنه باختصار شديد أن السيناريو الذي تم رسمه بإحكام وتنفيذه بدقة، لم يكن الغاية منه الوصول إلى هذه الرغبة المشروعة لأخوتنا من جنوب السودان ولكن يبدو ان هذا الحديث في ذلك في هذه المرحلة المفصلية من عمر السودان غير ذي جدوى. إذن دعونا ليس فقط نتساءل عن مستقبل شمال السودان، في ظل الواقع الجديد بل يجب على السودانيين الوطنيين الحقيقيين الحادبين على حفظ وسلامة وأمن المواطن في شمال السودان، أن يجهدوا تفكيرهم في كيفية تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن، ولكن بشئ من العبرة حتى نعبر الواقع الجديد إلى سودان يكون فعلا سلة غذاء العالم ويكون فعلا ليس فقط غنيا بموارده التي ترقد على امتداده من أبيي إلى حلفا، ولكن منتج حقيقي لرفاهية المواطن بالإلتفات إلى تصميم مشاريع صناعية واقتصادية وتنموية وتعليمية عصرية، بأيادي سودانية وخبرات فنية عالية، ليتحقق لشعبنا ما فاته في العقود الماضية. دعونا نفكّر جديّا في استثمار خيرات الشمال، فليس كما يعتقد البعض أن الشمال فقير، لكن أفقرته الحرب التي كانت تلتهم فلذات أكبادنا وتحرق خيراتنا وأموالنا في سبيل إنصاف الذين يعانون من الغبن ضد مجهول حتى الآن، فلإن انفصل الجنوب .. وليس هذه أمنيتنا .. دعونا نبني سودانا شماليا قويا متماسكا عصيّا على الذين يسعون للنيل منه .. ودعونا نحتفل بعيد استقلاله بشكل مختلف ومتفائل .. فالذي يحدث لن يغيّر صورة الإمام المهدي فينا ولن يغيّر صورة ود حبوبة فينا ولن يغّير صورة أبطال الاستقلال فينا ولن ولن ولن.. نعم سنكون حزينين إذا انفصل الجنوب، ولكن التفاؤل والجدّ والمثابرة والتطلع إلى مستقبل زاهر شيمة العظماء، لقد مات آباؤنا وبعض من أهلينا المقربين من أفئدتنا ولكن لم نقم سرادق العزاء أكثر من أيام مع بقاء الذكرى والحزن النبيل والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة دائما ما حيينا. شئ أخير أود قوله، يجب على كل اطراف القوى السياسية والحكومية أن تتواضع إلى بعض وتجلس لتسوية كل الخلافات واستماع النصح دون اللجوء إلى المهاترات وكيل التهم، فلأن تواضع الحزب الحاكم لأن ينزل إلى رغبة تتوسط وتتعادل فيها الحقوق والواجبات وحفظ كيان السودان في الشمال، يتضاعف الطلب على القوى الوطنية السودانية الشمالية هي الأخرى،لأن تضع يدها فوق يد الحكومة ويعملان سويا، فالشعب السوداني في حاجة إلى ذلك أكثر من حاجته إلى انتفاضة شعبية للإطاحة بالحكومة .. لأن الشعب لن يسمح بعد الآن بتمرير الشعارات البراقة وينتظر عقوداً أخرى لمجئ مستقبل مجهول من غير ذي جدوى. [email protected]