كنا في السابق نتحدث عن الحركة الشعبية وجنوب السودان باعتبارهما جزءاً من الجسد الواحد السودان الكبير، والآن نتحدث عن السودان لا أقول الباقي ولكن أقول الصامد بمشيئة الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فإن الحديث عن السودان الجديد بمفهومنا نحن في الشمال، يعني السودان الذي قبل الجراحات المؤلمة ليعيش بقية أطرافه بسلام، وبالتالي لن يسمح الشعب السوداني بعد الآن لمنتسبي الحركة الشعبية الجنوبية بأن تحاول أن تمارس لعبة الابتزاز، سواء أكان ذلك سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً أو حتى اجتماعياً. وإن كنا قد كتبنا في السابق عن مآلات النفخ في بوق الانفصال، فقد كان ذلك بسبب الخوف الحقيقي من ارتكاب جريمة الانفصال لأنها ستؤذي إخوتنا الجنوبيين الذين ليست لهم ناقة ولا بعير في ما عاثت الحركة الشعبية من فوضى وخطف لأمانيهم بأسلوب الثعلب الماكر، فلن يسمح لنا الظرف بالحديث بنفس المضامين وبنفس الطريقة، لأنه باختصار يصبح هذا مسلك من يحرث في البحر، أو كمن يعيش في جزيرة معزولة بعيدة عن الأحداث. إن الحركة الشعبية بعد الذي ارتكبته في حق الشعب السوداني، أحوج للحوار مع الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» أكثر من حاجته هو لها، لأنه باختصار الأخير هو من أعطاها حق الوجود بهذا الشكل الذي «تنطط» به في مسرح الجنوب. نحن لا نقبل أن تزهق أرواح اخوتنا الجنوبيين في الجنوب، تماماً كما الحال لإخوتنا الشماليين مهما كان السبب، لأن الرابط الوجداني والإنساني ليس من السهولة قطعه، ولكن لا نستطيع أن ننقذ من أريقت دماؤه هناك، وليس من الحكمة بعد الآن أن تعلق مشاكل الجنوبيين وخلافاتهم واختلافاتهم ونزاعاتهم على الشمال أو حكومته. ولو أنه من الحكمة إعادة مقال كنت قد تنبأت فيه بحال الجنوب والجنوبيين إذا حدثت واقعة الانفصال لأعدته، حيث ذكرت فيه بعض القرائن التي تدلّ على ذلك. ومن أراد أن يتذكرها فليعد له في أرشيف هذه الصحيفة في هذه الصفحة، وسيجد مازال حبره سائلا لم يجفّ بعد. الآن يدعوننا انتماؤنا لوطننا وديننا، الى أن ندافع عن السودان شبرا شبرا، ولا أقول «زنقة زنقة» لأنه مصطلح من «طبطب» على فاعلي هذه السوءة، ليس هذا فقط، بل لأن شعبنا الذي تحمّل الجوع والمرض والفقر بسبب الحرب التي دارت في الجنوب، وتحمّل من بعدها هذه العملية الجراحية التي مازال يتناول عقاقير تهدئة آلامها، هو الآخر ينتظر سلاماً وأمناً في وطنه وملبسه وطعامه وشرابه. وحريٌ بهذه الحكومة تحقيق ذلك، فهل من الحكمة العمل لغير ذلك؟ هذا سؤال متروكة إجابته لدى أعيان الحركة الشعبية. أقول للسيد باقان أموم الآن لن تفيد اتهاماتك للشمال بما فعلت يداك، ولن يصدقك إخوتنا الجنوبيون فإنهم أدرى بأسباب خلافاتهم معكم، وأكثر معرفة بالتعبير عنها والدفاع عنها، فليسوا هم في حاجة لأن تمارس عليهم كذبة أحلام كنت قد سقتها في غفلة من الزمان، كما لن تشفع لك هذه الاتهامات التي توجهها إلى الشمال عند خصومك الجنوبيين، وما هكذا تؤكل الكتف، فإن كانت شهيتك مازالت فاتحة فتعلّم كيف تأكلها. [email protected]