رأت ندوة: ثم ماذا بعد انفصال جنوب السودان: البعد السياسي والدبلوماسي، ان هناك فرصة ذهبية أمام الحكومة والمعارضة لحسم الخلافات بالحوار، وحذرت من ان أصعب اللحظات للوطن هي القضايا المفتوحة والتي لا يملك الجميع رؤية وطنية جامعة للتعامل معها، كما وسمت المشهد السياسي بانه لا يستطيع حسم أية قضية وطنية دون اللجوء إلى الخارج، وطالبت بضرورة التعامل مع الولاياتالمتحدة بعيداً عن ردود الافعال والتصرفات الشخصية مع وضع اطار مؤسسي بعيد المدى للمقاربة معها. في مستهل الندوة تحدث د. فاروق أحمد آدم عن الصراع في السودان وانواعه، الصراع بين الهامش والمركز ووصفه بأنه صراع مفتوح، وتناول الصراع بين المركز والمركز والذي هو صراع مكتوم ومحموم لا يمكن لأي أحد انكاره وقفل ملامحه. وقال «أصبحنا لا نستطيع في السودان حسم أية قضية وطنية داخلية إلا باللجوء إلى الخارج». وتناول في حديثه قيام دولة الجنوب وقال «ان أخطر تبعات الانفصال هو منطقة شريط الساڤنا، وأخشى أن يكون قرار محكمة لاهاي سابقة قانونية لكل الشريط ويكون وضع الشمال هو حق الرعي فقط». وأوضح د. فاروق في كلمته ومن منطلق شخصي ان أمام حكومة الشمال والجنوب في حالة عدم الحوار الحرب أو التحكيم الدولي ولا يستطيع أي طرف الفوز في أي منهم. وقال «كان من المفترض بعد توقيع نيفاشا قيام حوار جدي واستفتاء أبيي لكن كل ذلك لم يتم. وأكد فاروق آدم ان الفرصة سانحة الآن لقيام حوار وطني يحسم الخلافات خصوصاً ان المشورة الشعبية لها خيارات مفتوحة واستشارية يمكن أن تصل إلى تقرير المصير. وأكد ان الوطني يواجه أصعب اللحظات في تناول قضاياه ومعظمها قضايا مفتوحة لا يملك أحد حولها رؤية وطنية جامعة لعلاج هذه القضايا. وألمح فاروق إلى ضرورة استدراك هذا الموقف وان يعتصم الجميع على حوار وطني يفضي إلى صياغة ترتيبات دستورية وسياسية للتفاعل مع كل هذه القضايا لحفظ الشمال كدولة وان يولد السودان من جديد. وعدد السفير جمال محمد ابراهيم أكثر من 10 قضايا كان من المفترض مناقشتها قبل مواعيد الاستفتاء، وتناول في حديثه قضية هوية السودان ذلك الموضوع الوجداني وقال «لم ننظر إلى التنوع باعتباره نعمة واننا فرطنا في هذا التنوع» وتحسر السفير جمال على آلية تحديد المصير وقال انها «السبب في كل ما حدث الآن». وطالب السفير جمال بضرورة القيام باجراءات فورية مثل الاعتراف الفوري بالدولة الجديدةبالجنوب وهذا مبدأ اخلاقي ووطني، مع ترتيب أوضاعنا الدبلوماسية للحفاظ على علاقات متميزة بين شمال وجنوب السودان. وألمح السفير جمال إلى ان انفصال دولة الجنوب لا يعني حل قضيتنا فهناك مكون افريقي في السودان وعلى وزارة الخارجية تعميق دورها الافريقي لتكمل دوائرها الاساسية العربية والاسلامية. وتحدث عن ان هناك 10 دول افريقية ستواجه نفس مصير السودان. وأكد ان الحل الافضل كان قبول الطرح الامريكي الذي قدمه معهد امريكي دولة واحدة ونظامين الذي كان هو الأجدى لحل مشاكل السودان. وعقب السفير عبد الرحيم خليل على حديث الندوة وقال: بعد الانفصال مات حلم السودان باعتباره بوتقة الانصهار، وأكد ان مشكلة دارفور خلقت بعداً ثالثاً هو بعد عرب افريقيا المرتبطين دينياً وعقائدياً بالسودان وهم رصيد تاريخي للسودان وهم متعاطفون مع السودان سياسياً وشعبياً خصوصاً في قضية جنوب السودان لكن هذا الدعم تضاءل في السنوات الأخيرة. وتطرق السفير عبد الرحيم إلى قضية حلم السودان بعد الانفصال بانه سيكون متجانساً وولوج استثمارات عربية واجنبية وقال «في تقديري هو توقعات غير مسنودة وتحتاج لزمن طويل للبرهنة عليها». بينما تناول السفير حسن جاد كريم رؤية الجنوب في تحقيق حلم الدولة الجديدة، والمهام المنتظرة في بناء الدولة الجديدة... ووضع قاعدة للسير عليها من جانب جنوب السودان وهي لا يجب للجنوب تبني رؤية تشكيل الدولة للخارج مثلما فعل الانجليز مع السودان وان الخيارات أمام الجنوبيين محدودة، وتساءل عن كيفية دفع استحقاقات دول الجوار والتي لها حدود مع دولة الجنوبالجديدة خصوصاً كينيا ويوغندا وقضية وجود جيش الرب والعلاقة مع الشمال ومياه النيل، وحذر الجنوب من مغبة دفع تلك الدول الجنوب ليكون مخلب قط. وأوضح السفير حسن جاد كريم عن خطط اعمار الجنوب التي وضعت بعد نيفاشا وقال طيلة الست سنوات من عمر الاتفاقية لم يدفع المجتمع الدولي للجنوب أي أموال بل تهرب المانحون من الدفع. وركز السفير أحمد عبد الوهاب في تعقيبه على قضيتي العلاقات السودانية الامريكية والعلاقات مع الاممالمتحدة. وقال هناك تحدي حقيقي وهو وضع تصور للعلاقات مع الولاياتالمتحدة، ويجب ان يكون هذا التصور شاملاً ولا يخضع لردود الافعال والتصرفات الشخصية القصيرة المدى. ويجب وضع اطار للمدى البعيد. ويواصل السفير أحمد عبد الوهاب حديثه هناك اعتقاد خاطئ في السودان ان السياسة الامريكية يضعها الرئيس الامريكي لكن في الحقيقة السياسة الخارجية الامريكية توضع في اطار مؤسسي كبير يشمل ضمن ما يشمل مجموعات أخرى وليس البيت الابيض فقط ،وفي كثير من الاوقات يكون الرئيس هو الحلقة الأضعف في صنع القرار. والمؤسسات الاخرى التي تشارك في صنع القرار هم مجلس الشيوخ والنواب وجماعات الضغط والمفكرون وجماعات المصالح المرتبطة مع المؤسسة العسكرية وكبار الاعلاميين، واننا دوماً نكون في مفهوم خطأ للتعامل مع الولاياتالمتحدة. وأكد على ضرورة وضع مفهوم جديد للأمن القومي السوداني لا يرتبط مع حزب أو شخص. وان الولاياتالمتحدة شئنا أم أبينا هي اللاعب الدولي الوحيد، والفشل في التعاطي معها سبب للفشل ويجر على البلاد المشاكل وتعقيد دور السودان الاقليمي. وان أية محاولة لرفع العقوبات الاقتصادية ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب تظل مجرد حلم بدون التعاطي مع الولاياتالمتحدة على المدى البعيد. وحول العلاقة مع الأممالمتحدة قال السفير أحمد عبد الوهاب يجب على وزارة الخارجية العمل بصورة مهنية وخطورة قرارات الاممالمتحدة لا يمكن الغاءها إلا عن طريق آليات الأممالمتحدة نفسها والسودان مقيد بقرارات الأممالمتحدة لدرجة خطيرة. وهناك الآن 40 ألف جندي دولي بتفويض من الأممالمتحدة، بينما طيلة فترة الاستعمار الانجليزي كان عدد الجنود 5 آلاف شخص فقط، كما ان هناك من 8 إلى 10 آلاف موظف مدني للأمم المتحدة.