عندما أدرك الواد سيّد الشغال حقيقة كونه لم يكن إلا تيساً مستعاراً حين زوجته الأسرة الثرية التي إشتغل عندها خادماً إلى جانب خاله، إبنتهم الوحيدة المدللة بعد أن طلقها زوجها الديبلوماسي الرفيع طلاقاً بائناً لا عودة بعده للعلاقة الزوجية بينهما إلا إذا تزوجها غيره ودخل بها، حاول إستغلال هذه الفرصة والتكسب منها بأقصى ما يمكن أن يستحلبه من مال بعد أن طالبته الأسرة بتطليق إبنتها قبل أن يدخل بها، وكان كل ما يعرض عليه مبلغ مقابل التطليق يرفضه ويطالب بالمزيد، وحينما سئل عن سبب هذا الغلو والمغالاة في الثمن، قال بأنه كان يؤدي وظيفتين «زوج وكبري»، تذكرت هذاالمشهد من مسرحية الواد سيّد الشغال فور فراغي من مطالعة بعض الملاحظات التي دفع لي بها مكتوبة المحاسب المخضرم المهدي كمال حول أداء بعض المراجعين والمحاسبين الذين يتواطؤون مع قيادات المؤسسات التي يعملون بها بتمرير ألاعيبهم نظير حوافز مجزية، أي أن الواحد منهم على طريقة عادل إمام يؤدي مهمتين «مراجع وكبري»، فهم أيضاً مثل الواد سيّد يستثمرون وضعيتهم التي لا تسمح بمرور الألاعيب إلا إذا فتحوا لها كبري وهذا ما يشير إليه هذا المحاسب ويحذر منه فكتب يقول: إن أحد أسباب انهيار الخدمة المدنية يعود إلى أن قلة وجدت المساندة من بعض المسؤولين في قمة السلطة للذين يقومون بتمرير أعمالهم عن طريقهم وذلك بتحفيزهم مادياً ووضعهم في غير مكانتهم الوظيفية وبالتالي أصبح هؤلاء يشكلون تكتلات ضد أي شخص أو أشخاص يعملون حسب لوائح الخدمة والقوانين المالية وأن بعض المراجعين بالمراجعة الداخلية في بعض الوحدات والوزارات الحكومية أصبحوا أداة لتمرير تلك الأعمال لضمان تحفيزهم حسب تقاريرهم الشهرية وخلافه وأن أي محاسب مهما كبرت أو صغرت وظيفته لا يسايرهم ويسير معهم في هذا الجو يتم تهميشه أو نقله ولا يجد الحماية من ديوان الحسابات وأن تقارير المراجع الداخلي أو مندوب ديوان المراجعة العامة أصبح مكانها الارشيف فإذا أردنا اصلاح الحال لابد من الاعتراف بهذه الظاهرة ومعالجتها من جذورها مع ابعاد هؤلاء من موقع اتخاذ القرار مع معالجة أوجه القصور أول بأول ومحاسبة المقصرين على أدائهم ولتفادي ذلك أقترح الآتي: /1 حماية المحاسبين من قبل ديوان الحسابات وأن لا يتم نقلهم حسب رغبة أية وحدة أو وزارة إلا بعد معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت تلك الجهة لذلك، وذلك بتشكيل لجنة من ديوان الحسابات للنظر في أمر طلب هذا النقل. /2 عدم تحفيز المراجعين بالمراجعة الداخلية التابعين لإدارة المراجعة الداخلية بالمالية على تقاريرهم الشهرية وخلافه إلا من قبل ادارتهم التي عليها التأكد من صحة أن تلك الوحدات والوزارات تعمل بملاحظاتها وذلك بإرسال فرق تفتيش من جانبهم. /3 إعادة الدور السابق لديوان المراجعة العامة بإرسال فرق تفتيش غير معلن عنها حتى يتمكن الديوان من المتابعة وأن لا يكون مصير تقاريره الإهمال وأن كل وحدة أو وزارة تعمل وفق لوائح الخدمة والقوانين المالية. /4 إلزام أية وحدة أو وزارة بالعمل بملاحظات المراجع الداخلي وديوان المراجع العام، فهل من إستجابة لمن يهمهم الأمر أتمنى ذلك. المهدي كمال حسين شرفي