التاكسى مملكة قائمة بذاتها ولها تاريخها وجذورها وايضا مكانة عالمية وثمة نوع من الطمأنينة يحسه المواطن مع منسوبي التاكسي فيكون مطمئنا وواثقا من الوصول لوجهته في أمن وأمان . وبين ليلة وضحاها تغير كل شئ وبدخول مواعين النقل الحديثة والتى تتمثل فى الهايس والامجاد مرورا بالركشات جراء انسحابها على مملكة التاكسي وخصمها من رصيد روادها حتى غدا الحصول علي طالب خدمة التاكسي حلما بعيد المنال بالنسبة لسائقي التاكسي وصار جميع السائقين يعانون مشاكل كثيرة كشفت جولة للصحافة داخل المحطة الوسطى بامدرمان جزءا منها . يقول السائق أحمد عبد الماجد محمد يسكن الدورشاب انه يعمل سائقا منذ الستينيات ويبدأ عمله اليومي من الساعة السادسة صباحا غير أنه يظل بداخل الموقف لا يحصل على أول رحلة الا عند حلول الساعة العاشرة وأنه رغم طول انتظاره لا تتجاوز قيمتها «10»جنيهات يتوزع ريعها على جنيه وجنيهين للفطور ، وأبان عبد الماجد أن اقصى شغل لايتجاوز «20»جنيها . وأوضح أن من المشاكل التى يعانون منها دخول منافسين الى السوق «الامجاد والهايس والركشات» علاوة على الوقوف بطريقة غير قانونية وتحسر على الماضى وأنه الان اصبح دقة قديمة وختم حديثه بمطالبة السلطات بانشاء مظلات تقيهم الحر تعيد للتاكسى سيرته الاولى . أما علي محمد عبد الله والذي يقود سيارة جديدة وصفها بأنها استحداث للتاكسى تسمى «الفيد» التركى يتم الحصول عليها عبر عقد مع البنك باقساط على أن يأخذ البنك التاكسى القديم ويستبدل بالجديد واشتكى من قلة توفر قطع الغيار التى كانت من ضمن الاتفاق ، ووصف الموجود منها بغير الأصلي وأوضح أن العمل فى التاكسى لا يغطي تكاليف حياة قائده لان الناس هجرت التاكسى وقال انهم مع توقف السوق لا يستطيعون سداد الأقساط ، ودعا عبد الله النقابة والبنك لحل وتسهيل الاقساط . وفى تجوالى ذهبت الى شريحة «الطراحين» ولفت انتباهى رجل لم تفلح سنوات عمره التي تجاوزت الثمانين من ان تقطع حباله الصوتية وهو ينادي علي الركاب بابتسامة وشعر رأسه الابيض لم تخفه قطعة الكرتون التي يجعلها سدا بينه وشمس مايو الحارقة وعندما دنوت منه وعرفته بهويتي قال لي ان دخله من الصباح وحتى المساء لايتجاوز «10» جنيهات وانه ليس هناك من يساعده وووصف عمله بالشاق غير أن ما يجبره على المر ما هو كثر مرارة منه . وقال زميله عثمان ان عمله لا يغطي تكاليف معيشته وأسرته واشتكى من الزحمة فى الموقف حتى أن العربة تحتاج لساعة كاملة لتتحرك. ومن داخل الوحدة النقابية للتاكسى بامدرمان التقيت برئيس الوحده قاسم الحاج أحمد الذي قال ان تأسيس المكتب تم منذ الاربعينات وهو مكون من رئيس وسكرتير وامين مال وأن مهمته تنحصر في الارتقاء بالتاكسى والموقف والسائقين وخدمة قضاياهم عبر برنامج تكافل بين السائقين يمثل معاشا وردا للجميل ، وختم قاسم بمناشدة للمحلية بالتصدق لهم بالمظلات وصيانة الموقف حتى يعود لمملكة التاكسي بريقها الشارد .