طالب مراقبون وناشطون سياسيون من الحكومة بفصل اجهزة الدولة عن اجهزة الحزب، وقال سياسيون ومحللون ان هيبة الحزب اصبحت اعلى من هيبة الدولة بل ومن الجهاز التشريعي للدولة وطالب سياسيون بخلق خارطة طريق لمواجهة المشكلات القادمة للسودان في فترة ما بعد الانفصال الذي وصفوه بانه اخطر المشكلات التي تواجهه خلال قرنين وطالبوا في ندوة بالمركز العالمي للدراسات الافريقية بعنوان (كيف نحافظ على السودان؟) بضرورة التوافق الوطني بأسس ومفاهيم جديدة. ابتدر الحديث سفير السودان السابق بكل من المغرب والجزائر وموريتانيا عبد المنعم مبروك بالاشارة الى استمرار ازمة دارفور وجنوب كردفان، وقال انه لابد من الاعتراف من كل القوى السياسية ان هناك مشكلة كبيرة تواجه السودان وان تلك المشكلة لم تشهدها البلاد خلال قرنين مشيرا الى ان الاعتراف بوجود مشكلة كبيرة ولا مثيل لها تمثل ارضية صلبة لوضع الحلول منوها ان عدم الاعتراف بوجود مشكلة لا مثيل لها في تاريخ السودان لا يهدد سدة الحكم فحسب بل يهدد مقومات الدولة السودانية مشيرا الى ضرورة وجود صورة نقدية للاوضاع بالبلاد وهل كان هنالك امل لتفادي انفصال الجنوب، منوها الى ان نص اتفاقية السلام ليس مقدسا محميا من النقد، مضيفا ان اتفاقية السلام اوقفت الحرب في الجنوب ولكنها لم تأت بالسلام، وقال: ان الحركة نجحت في نقل المعركة الى المركز ونحن الآن امام وضع استراتيجي جديد وهل هنالك انفصال سلس؟ لافتا الى ان هنالك التباسا وفجوة وعدم وضوح واستقطاب وتدخلا خارجيا مؤكدا ان ما يحدث في جنوب كردفان يقود الى مواجهة جديدة تهدد مستقبل البلاد. واشار مبارك الى ان الصراع السياسي الداخلي في حاجة الى تغيير وتوافق لا سيما بعد الثورات التي تشهدها المنطقة حتى اذا افترضنا ان السودان بمنأى عن تلك الثورات. واضاف ان هنالك تحديا اقتصاديا كبيرا يواجه السودان وذلك بخروج البترول جراء الانفصال لافتا انه لابد ان يكون هنالك رؤية وواقع جديد ونظرة واقعية وتوافق وطني. وقال ان امريكا لديها ثمة افكار مستقبلية امام السودان وفي المقام الاول تحقق تلك الافكار مصالحها بغض النظر عن مستقبل السودان وحتى نخرج من ذلك المأزق لابد من اعادة هيكلة الدولة وخفض الانفاق الحكومي ووضع جدول زمني لها بالتزامن مع توافق وطني باجندة تخاطب جذور القضية محذرا من اعادة انتاج السياسات السابقة، وقال انها لا تخدم القضية، وقال اننا من كثرة المشكلات الداخلية اصبح التعبير عنها عاديا واكد انه ليس هناك داع للبكاء على انفصال الجنوب باعتباره امرا واقعا، موضحا ان الانفصال بقدر ما هو ازمة الا انه جاء بالايجاب وخلق فرصة لبناء السودان واعادة هيكلة الدولة والانتقال السلمي للسلطة على اسس تقودنا الى الآفاق. وقال السفير: إن التحدي القادم ليس امام الحكومة الحالية وحدها بل هي مشكلة تواجه الجبهات كافة وهذا يقودنا الى بحث بناء الجبهة الوطنية منوها الى ان التحدي القادم للسودان بعد التاسع من يوليو ليس لنا خيار آخر غير مواجهته والتفوق على التحدي، مضيفا ان الاخطاء التي ارتكبت منذ بداية السودان ندفع ثمنها ان لم نصلح تلك السياسات فاننا سنظل ندفع ثمنها، وتساءل ما هو المطلوب الآن؟ مشيرا الى انه لابد من خارطة طريق وعدم اعادة انتاج الازمات مطالبا بالكف عن التنظير غير المنطقي والبحث عن الحلول في كيفية ترتيب الجبهة الداخلية ومخاطبة جذور المشكلة ومنها البطالة والفاقد التربوي واشار الى ان هناك ثقافة سائدة تمثل اكبر تحد وهي ثقافة حمل السلاح للمطالبة بالحقوق منوها الى ان ذلك يهدد مستقبل السودان. وتحدث استاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا الاستاذ عمر عبدالعزيز عن المهددات العامة مشيرا الى ان التآمر الدولي والارادة الدولية معروفة للجميع، ماضيا ان اخطر من ذلك هو تنامي النعرات القبلية، وقال ان سياسة الانقاذ الماضية خلال العشرين عاما ادت الى تنامٍ كبير لظاهرة القبلية، مضى عمر موضحا ان الانقاذ اضاعت المؤسسات والجهات الافقية وحاربت الطوائف والاحزاب السياسية مشيرا الى ان السودانيين عندما ضعفت الاحزاب لجأت الى القبلية. وذكر دكتور عمر ظاهرة اخرى اعتبرها تهدد مستقبل السودان هي الانشقاقات التي ظهرت في المجتمع مشيرا الى ان الشقاق وصل حتى الى الاندية الرياضية والمجتمع الفني المعروف بالالفة محذرا من ان الشقاق والقبلية والفئوية تهيئ للانفصال. وتحدث دكتور عمر عن السياسات الخاطئة واخطاء الممارسة مشيرا الى ادراج كردفان والنيل الازرق وابيي في اتفاقية السلام منوها الى ان السياسات الخاطئة قد تؤدي الى فصل دارفور. وطالب دكتور عمر الحكومة بالتعامل مع المجتمع الدولي بحسم وعدم التنازل، واضاف ان الحكومة واعية تجاه المجتمع الدولي لكنه ليست بذلك الوعي الذي تتفادى به صراعه، وان اللين مع المجتمع الدولي يؤدي لزيادة مطالبه، وطالب بالقوة في مواجهة المجتمع الدولي مشيرا الى ان قضية المحكمة الجنائية تعاملت معها الحكومة بحسم ورفض تام واصبحت الآن شبه ميتة، منوها ان الشعب يتعاطف معه، وانهم لا يستطيعون القبض على البشير، وقال انه حتى لو ضرب البشير بصاروخ في طائرة فسيصفق له شعب السودان بانه مات بطلا ورفض الخنوع. وعرج الدكتور الى الحديث عن مهدد آخر يواجه السودان وهو ان النظام السياسي الآن لا يراجع سياسات الدولة واكد ان هيبة الحزب اعلى من هيبة الدولة واعلى من هيبة الجهاز التشريعي، واضاف لابد من بسط المزيد من الدولة وتقييم سلوكها مشيرا الى ان هناك الكثير من المهددات التي تواجه الدولة السودانية منوها الى ثقافة السلاح السائدة والسلاح الموجود في ايدي بعضهم بالاضافة الى المسرحين ونبه الى انه لابد من الاصلاح الذاتي بصورة عاجلة مشيرا الى انه لابد من استراتيجية عاجلة وان المتغيرات والاحداث الجارية الآن اسرع لذلك لابد من العجالة في الحلول والا ستلقي بنا الاحداث الى مزبلة التاريخ. اما المتحدث الآخر وهو الاستاذ بجامعة الخرطوم الدكتور فاروق احمد آدم فطالب الجميع بالنظرة الوطنية للامور بعيدا عن النظرة الحزبية الضيقة مشيرا الى ان مسؤوليات البلاد تتضاعف وقال انه من المهم ان نتواصى على بلورة وضع مركز جديد ونحدد الاوليات القادمة مشيرا الى اشياء كثيرة مضيفا اننا قد نجد انفسنا ندور حول الذات اذا لم نحدد اوليتنا. وقال ان السؤال الذي يواجهه السودان الآن كان واجهه قبل الاستقلال والآن يتكرر ذلك السؤال موضحا اننا حاولنا ان نقيم الوحدة على التعددية ولكننا اقمنا الوحدة على الثنائية وقال ان نفس الخطأ الذي كان قبل الاستقلال كان موجودا وادى الى انفصال الجنوب. وطالب دكتور عمر بالاخذ بالمعطيات التي تشكل جوهر المشروع الوطني ويخلق التوافق الوطني مشيرا الى ان اهم القضايا هي العدل الاجتماعي موضحا ان العدل الاجتماعي يتوقف عليه مستقبل السودان، وقال اننا اذا نرسي العدل الاجتماعي فاننا لا نستطيع ان نحافظ على السودان وطالب فاروق بضرورة حسم الصراع بين المركز والهامش مشيرا الى انه صراع طويل غير انه اشترط لحله الوصول الى التراضي الوطني وليس عبر السلاح منوها ان ذلك يؤدي الى صراع مع المجتمع الدولي وقال انه يكفي اننا لدينا ثلاث بعثات لقوات خارجية واكد ان البعثة الرابعة ترتب لها الآن، وقال ان الجيل الجديد في مرحلة تاريخية جديدة مشيرا الى ان المسؤولية في ذلك تقع على الحكومة لانها جاءت بانتخابات شرعية ولابد من تلبية رغبات الناخب. وتحدث الاستاذ عمر مهاجر في اتجاه مشابه وقال اننا في ربع الساعة الاخيرة من نهاية المباراة، وقال ان الازمة السودانية بدأت عشية الاستقلال مشيرا الى ان السودان منذ ذلك الوقت كان يوجد به ناس متفقين مشيرا الى انه منذ الاستقلال كان هناك عقل سلطوي وكانوا يريدون حكم السودان على نظام الممالك مشيرا الى ان مصلحة الوطن غائبة عن السياسيين منذ الاستقلال وإلى الآن وان مراحل الحكم في السودان ذهبت في اتجاه استرداد السلطة فقط من قبل الاحزاب غير آبهين بهموم الوطن، وطالب بضرورة مشروع وطني يحوي توافقا تاما للخروج من الازمة الحالية. وقدم والي جنوب دارفور السابق الطيب عبدالرحمن مداخلة وقال: ان الحديث عن مستقبل السودان بات مكررا وقال ان الاحاديث لا تحل المشكلات، ان الزمن قد انتهى لمثل تلك الخطب مشيرا الى ان انفصال الجنوب لم يتبق له الا 19 يوما واضاف ان الاستراتيجيات المطلوبة كان ينبغي العمل بها قبل سنوات ولكن الآن ليس هنالك مجال لاستراتيجيات وحراك حزبي. واشار الى اننا نقوم بتعقيد الامور وتساءل لماذا ذهبنا بمشكلة ابيي الى المحكمة الدولية وهي مشكلة بين ولايتين واضاف اننا لدينا مشكلة دولية مع مصر لم نذهب بها للمحكمة الدولية كيف نذهب بابيي الى المحكمة الدولية وهي قضية ولائية؟ وقال انه حذر الحكومة قبل 6 سنوات في مجلس الوزراء بانه اكتشف الخارطة الجديدة التي وضعتها امريكا للسودان الجديد ونبه الحكومة الى ذلك ولكنها لم تأخذ الحديث على محمل الجد، وقال الخطة الامريكية كانت واضحة ومرسومة في خرائط وكانت تهدف الى تمزيق دارفور وكردفان ودمجها الى الدول المجاورة. بينما طالب الناشط السياسي محمد بكري محمد بفصل اجهزة الدولة عن اجهزة الحزب وقال ان اغلبية الشعب السوداني غير مرتاح من الوضع الذي يعيشه الآن.