إن العلاقة بين التاريخ والرواية أو القصص هي علاقة تكامل واعتماد متبادل فالرواية هي مصدر مهم من مصادر التاريخ وهنالك الروايات الخيالية والروايات الحقيقية لأنها تحكي عن علاقة الناس بعضهم لبعض داخل المجتمع وخارجه، فضلاً عن انماط الملابس وانواع الطعام والعادات والتقاليد المتوازنة ثقافياً فان التاريخ هو قصة حياة الانسان في الكون يتحمل كل تجاربه وكل آماله وتطلعاته وفيها شخصيات تشارك في هذه الروايات من علماء شعر وعادات وعاشقين مجانين ومجرمين رجالاً ونساء فان التاريخ اشبه بالنهر المتدفق من المنبع إلى المصب نعود لموضوعنا عسل مكجر. هي قصة حقيقية حدثت سنة 1982م، بقرية صغيرة تقع بجنوب كردفان وهي تسمى قرية حجر جواد تقع جنوب مدينة الدلنج عروس الجبال بين قرية كركراية وأنقاركو تسكنها قبيلة الغلفان احد فروع قبيلة الاجانج الشهيرة بجبال النوبة ، يعتمد اهل هذه المنطقة على الزراعة وتربية الماشية وزراعة محصول الذرة والكركدي - السمسم - يوجد في هذه القرية جبل صغير يسمى برأس الفيل لأنه يشبه رأس الفيل، هذا الجبل فيه كهف صغير جدا يوجد فيه عسل نحل صافي، ليس كل افراد هذه القرية يأخذون هذا العسل لأن هذا العسل مسكون بجان. ان الانسان الذي يريد ان يأخذ هذا العسل لابد ان يذهب الى الكجور ويأخذ منه الاذن وهنالك طقوس معينة يعمل الكجور بعد ذلك يسمح ليك بأخذ هذا العسل..! في يوم من الايام حضر احد الاشخاص من خارج القرية وقد طلع الجبل وقد عجبته طبيعة الجبل، وفجأة وجد كمية من العسل فنزل مسرعا وأخذ من المنزل الذي نزل فيه ضيفا جردلا ليأخذ به العسل.. فطلع الجبل وأخذ منه ونزل.. وقد حاول مرة ثانية، فقال له احد سكان هذه القرية لا تمشي للمرة الثانية، لأن هذا العسل مسكون وانت ضيف جديد ما تعرف سر في هذه القرية فهذا العسل له طقوس يسمى (السبر) فأنا اخاف عليك ان يحدث ليك مكروه.. فقد سخر هذا الضيف من هذا الكلام وهذه الخرافات، انا لا اؤمن بذلك.. وقد اصر على رأيه وذهب للمرة الثانية فعندما اراد ان يأخذ العسل جاءه صوت من داخل الكهف.. «ارجع محل ما جئت، كفاية الجردل الاول».. ولم يقتنع به لأنه افتكر ان هنالك الخوف هو الذي يهلوس له فمد يداه ليأخذ العسل من الكهف فتلصقت يداه واخذ يصيح بأعلى صوته هنا خرج سكان القرية بأكملهم ولم يستطع احد ان يفك يد هذا الضيف فقد احتاروا في امره، فجاء رجل عجوز من الكجور وامر اهل القرية ان يحضروا له ماعز وديك اسود فعندما احضروا له هذه الاشياء اخرج الحربة والصوت بدأ يكجر فانفكت يدا هذا الضيف وقد مرض هذا الضيف مرضا غريبا جدا لم يعش طويلا فقد توفى. هذه القصة حقيقية حدثت في مدينة حجر جواد جنوبالدلنج بتاريخ 1982/6/25م، حتى الآن لم يجد سكان المدينة اي تفسير لها..!