من المهم ان تفهم حكومة الخرطوم ان المدخل الى تدويل مشكلة جنوب كردفان سيكون عبر بوابة وملف حقوق الانسان وقبل ان يستفحل الامر من المهم جداً التوصل الى تسوية سياسية فورية لاغلاق هذا الباب تماماً وابتدار عهد جديد من الوحدة الوطنية يتناسب مع الجمهورية الثانية التي يبشر بها قادة الحكم، البلاد تحتاج الي رؤية سياسية جديدة تجنب الشعب والمكتسبات والامكانيات الاقتصادية الضعيفة التبديد وويلات الحصار والاستهداف الدولي ، المجتمع الدولي يحتكم الي القانون الدولي الخاص بحقوق الانسان وهو قانون بمقاييس الاسلام لا غبار عليه باعتبار ان الاسلام سبق التشريعات الوضعية في الدعوة الى احترام ورعاية حقوق الانسان، وبالتالي المسلمون هم احق الناس باتباع التعاليم الاسلامية قبل ان يفرضها الغير بمزاعم حماية حقوق الانسان ونحن نعلم تماماً ان ما يدور في جنوب كردفان هو صراع سياسي انتجته الانتخابات الماضية وليست حرب ابادة ممنهجة ضد أي قومية وبالتالي التسوية السياسية هي المخرج من الازمة . ان زيارة مايكل بوزنر مساعد وزيرة الخارجية الامريكية لشئون حقوق الانسان للخرطوم وجوبا عقب فشل زيارة مبعوث الرئيس اوباما وامتناع رئاسة الجمهورية عن استقباله ، هذه الزيارة يجب على الخرطوم ان تحللها بصورة دقيقة خاصة وان واشنطن هي التي قدمت امام مجلس الامن طلباً بارسال قوات دولية لجنوب كردفان لحماية المدنيين ، ليس هذا فحسب فقد سبقت الزيارة نشاطات ماكوكية بين جنيف ونيويورك بهدف جعل الملف اكثر فاعلية وتقدماً باتجاه فرض فريق مراقبة دولي مختص بحقوق الانسان ثم تطوير العملية لاحقاً - بعد تقديم الفريق لتقرير بشأن مزاعم المقابر الجماعية - الى مطالبة دولية بتكوين لجنة تحقيق دولية بشأن الجرائم المرتكبة في جنوب كردفان وربط جميع الخيوط بملف المحكمة الجنائية الدولية ولا ننسى ان والي ولاية جنوب كردفان ما يزال مطلوباً لدى المحكمة بتهم تتعلق بدارفور ، اذن زيارة مسؤول حقوق الانسان بالخارجية الامريكية لها علاقة بموضوعين الاول التأكيد على تعويل واشنطن على دولة الجنوب الوليدة باعتبارها فرصة سانحة لتطوير تجربة واعدة تفرز حكومة عصرية متحضرة تفهم في القانون والعلاقات الدولية وتبعث رسائل لدولة الشمال ، الامر الثاني ان زيارة المسؤول الامريكي تمثل الخطوة التحضيرية لقيادة المجلس الدولي لحقوق الانسان في دورته القادمة في سبتمبر الى تبني قرار واضح يدين الحكومة السودانية لارتكابها جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في جنوب كردفان تضاف الى ملف السودان فيما يتعلق بحقوق الانسان. اقول انه اذا كانت هنالك فرصة للتسوية السياسية في جنوب كردفان فلم التأخير؟ ان الخرطوم وهي تتجه لانفاذ ما تسميه بالجمهورية الثانية تحتاج الى استقرار والاستقرار يحتاج الى سياسات موزونة ومتزنة والاتزان في ميزان الوضع السياسي الداخلي لما بعد انفصال الجنوب يجعل من المستحيل على الحكومة السير بذات النهج القديم ما لم تفتح الباب واسعاً لحوار قومي بناء مع كافة قطاعات الشعب السوداني وقواه الحية وتراجع عبر آلية واضحة كافة الاخطاء المرتكبة في الجمهورية الاولى مع محاسبة المتورطين والاعلان عن ذلك بكل شفافية ، هذا هو المخرج وما عداه سيكون السراب وارى ان التسوية السلمية للازمات الداخلية الراهنة ستغلق الباب امام سعاة التدويل وسيجنب البلاد اهدار الموارد وضياع ارواح بنيها في صراعات كان يمكن معالجتها بالحوار دون اللجوء للبندقية وحمامات الدم.