في صبيحة اليوم التالي لاطلاعي على معاناة زميلنا التقي محمد عثمان مع إدارة السجل المدني بام درمان الذي أخذته العزة بالإثم فلم يعترف بالخطأ الذي إرتكبه فحسب بل طغى وتجبر بعض منسوبيه فكادوا له وكبدوه المزيد من المشاق، سألته ماذا فعل الله بجنسية بنتك؟ لم يجبني شفاهة وإنما كتابة عبر هذا العمود المنشور أدناه والذي لم نتدخل فيه رغم رغبته في تدخلنا وانما تداخلنا فقط بتغييرالعنوان من» العام في ما يشبه الخاص» الى العنوان أعلاه، فله العتبى ولقادة الشرطة الذين أنصفوه الشكر ولمن كايدوه كل العتب والعتاب. أستاذنا المكاشفي، أسمح لي أن استظل هذا الصباح ب ظلك الوريف و ب «شفافيتك» القائمة على الموضوعية والحياد، وأسمح لي أن التزم بالثانية وأفارق الأولى، أفارق الموضوعية لسبب بسيط، لأن الخاص حين يختلط بالعام يصبح من الصعوبة بمكان أن تكون موضوعياً، فمهما بلغت من العزم ورباطة الجأش، يستحيل عليك أن تدع بينك وبين ما تعالج المساحة المطلوبة للنظر للأشياء، المساحة التي تجعلها بمأمن من تدخل خاصك في عام الآخرين. ولكن أليس ممكنا أن أعتمد على الحياد وحده لأقدم صورة صادقة لما جرى لي مع إدارة السجل المدني بوزارة الداخلية، أظنه كذلك، فإلى تفاصيل ماجرى: تبدأ الحكاية من مناشدة كتبتها لمدير عام الشرطة الفريق هاشم عثمان نقلاً عن إبنتي شهرزاد تشكو فيها من ضرر وقع عليها من قسم السجل المدني بام درمان بحرمانها من الحصول على وثيقة الجنسية لخطأ وقع فيه المتحري ولم يتحمل نتيجته وكانت فحواها «شهرزاد تقدمت بتاريخ 20 فبراير للحصول على جنسية بالميلاد، وبالفعل حصلت عليها في نفس اليوم، إلا أن خطأ وقع فيه المتحري جعل جد والدتها يتطابق مع جد والدها، فاضطررنا للعودة قبل ثلاثة أيام إلى قسم الجنسيات بامدرمان لاستدراك الخطأ، وتحملنا كافة الرسوم من جديد، الا أننا فوجئنا بالمتحري برتبة الملازم أول يرفض إكمال إجراءاتنا بحجة أننا رميناه بالخطأ، فاعتذرنا رغم أننا واثقون من صحة موقفنا، إلا أنه أصرّ أن لا يتحرى مع إبنتنا ذات الاثنتي عشرة سنة، وماطلنا إلى أن أحالنا في اليوم الثاني من المساسقة إلى متحرية أخرى برتبة الملازم قابلتنا بغلظة أشد ورفضت قبول طلبنا إلا بعد إستخراج إشهاد شرعي، ولما كنا نعلم بصحة موقفنا وأن الإشهاد الشرعي ما هو إلا إرهاق لنا، لجأنا إلى العقيد مدير القسم وبثثناه شكوانا، فأنصفنا مشكوراً، ووجه بخط يده أن لا حاجة الى إشهاد شرعي، لأن الاسم مطابق والخطأ في التسجيل، حملنا أوراقنا مسرورين وهرعنا الى الضابطة الملازمة، وفي هذه المرة يتصدى للعنف اللفظي معنا عسكري برتبة العريف، بعد أن يضعنا امام الموقف «إذا ماعايزين تنتظروا شيلو ملفكم وأمشوا» وحين طلبنا منه ملفنا لنمشي، قالت له الملازم إعطهم صورهم فقط، فانتزع الفائل الذي دفعنا فيه مالاً ودفع إلينا بشهاداتنا المرفقة والصور، وأخذ منا توصية العقيد مدير القسم بأننا لسنا في حاجة إلى إشهاد شرعي، هذه مظلمتنا، وليس لنا مطلب إلا أن تأخذ شهرزاد جنسيتها السودانية التي تعتز بها .. ولكم التقدير، «نُشرت المناشدة بالصفحة الأخير ب «الصحافة» يوم الأربعاء الماضي، وفي ظهر نفس اليوم يتصل بي المقدم عبد العزيز أمين مسؤول الإعلام والتوجيه بالسجل المدني ويطلب مني الحضور إلى الإدارة العامة بالخرطوم، وبالفعل أتوجه صبيحة اليوم التالي برفقة بنيتي فأجده باستقبالي هاشاً باشاً ويقودني من فوره إلى مكتب العميد نائب مدير السجل المدني الذي يستمع إلى مظلمتنا ويدون ملاحظاته ويعطي توجيهاته المنصفة لنا ونحن نجلس معززين مكرمين في إنتظار القهوة والماء المثلج. بعدها نرافق مدير دائرة الهوية والوثائق الثبوتية العميد يعقوب صالح عرمان إلى مكتبه فيدردش معنا قليلاً مطيباً خاطرنا، ومن ثم يبعث معنا المقدم أمير عباس مدني لمعالجة الخطأ، وفي غضون ساعة أو أقل نكمل إجراءاتنا ونستلم الجنسية «لا شق لا طق» ونعود إلى سعادة العميد عرمان شاكرين فيقول لنا أنهم في السجل المدني حازوا على شهادة الآيزو لأنهم عملوا بجد أكبر ليكسب المواطن وقته ويحوز على اوراقه الثبوتية بسهولة ويسر مشيرا إلى ان أي تجاوز لسياسة السجل المدني سيجد المعالجة ويقول ان بعض الهنات الصغيرة قد تقع من المنسوبين الجدد، مشيراً الى أن شعارهم في الشرطة أنهم في خدمة الشعب وأن الإدارة عازمة على إمتثال كل منسوبي الشرطة لهذا الشعار، ويقول «لا خير فينا إذا لم نر جيلاً يتفهم هذا الشعار ويعمل به». فنخرج منه مثلجي الصدر وفي أنفسنا تقدير كبير للشرطة. التقي محمد عثمان