الشاعر المرهف ادريس جماع يعتبر اول من تغني بالنيل ورصد رحلته من اعالي منبعه الي اواخر مصبه التي يقول فيها النيل من نشوة الصهباء سلسله وساكنو النيل سمار وندمان .. وخفقة الموج أشجان تجاوبها من القلوب التفاتات وأشجان .. كل الحياة ربيع مشرق نضر في جانبيه وكل العمر ريعان ، الي ان يصل الي المقطع : والنيل مندفع كاللحن أرسله من المزامير احساس وجدان.. حتي اذا أبصر الخرطوم مونقة وخالجته اهتزازات وأشجان .. وردد الموج في الشطين اغنية فيها اصطفاق وآهات وحرمان. النيل ارتبط في اذهان السودانيين بعادات وتقاليد ويعتبره البعض كائنا حيا يتحدث اليه كافة الناس عن نجاحاتهم واخفاقاتهم .. كبريائهم ومذلتهم ، لدرجة ان معظم الاغاني والقصائد تمجد او تذكر النيل في ثناياها، و كان من عادة العريس أن يذهب الي النيل في سيرة كبيرة واهله ينشدون : عريسنا سار البحر يا عديلة... قطع جرايد النخل الليلة زينا .. ثم يغتسل العريس في النيل و الهدف من ذلك اتقاء شر الجنيات التي تسكن في قاع النيل ، ولازالت اربعينية النفاس من العادات والتقاليد التي تمارس في طقوس فالمرأة النفساء لا تستطيع ممارسة نشاطها العادي الا بعد زيارة النيل لان للماء له دورة في الاغتسال وازالة العوارض ، وحتي المرأة التي توفي عنها زوجها تذهب الي النيل بعد انتهاء العدة لدفع الشر عنها . وبالرغم من تغير انماط الحياة في السودان وتميزها بالسرعة في اكتساب عادات جديدة الا ان النيل مازال يكتسب زخمه من الشباب وتكثر زيارتهم له في فصل الدميرة ، ويقول بدرالدين مصطفي انه يذهب الي البحر ليقضي وقتا ممتعا علي شاطئه ويوضح انه احيانا يشكو الي البحر همه وينفث عن غضبه ويرجع الي البيت مبتهجا . ويجد الصادق حامد في النيل فرصة التفكير الهادئ والتامل في مسيرة حياته، مشيرا الي ان تأملاته في النيل جعلته يتخذ قرارات مصيرية غيرت نمط حياته . ويشتكى حسن الحاج من تغول المباني والمنتزهات التجارية علي المساحات المحدودة لشواطئ النيل وابدي تخوفه من استمرار تلك العمليات التي ستشوه منظر النيل وتحرمهم من آخر الملاذات المجانية التي كانوا يرتادونها .