بعثة صقور الجديان تصل جوبا    اتحاد الكرة السوداني يشيد بحكومة جنوب السودان    تحديات تنتظر رونالدو في يورو 2024    انقطاع الكهرباء والموجة الحارة.. "معضلة" تؤرق المواطن والاقتصاد في مصر    السعودية.. استخدام طائرات الدرون لنقل وحدات الدم والعينات المخبرية بسرعة وكفاءة بين مستشفيات المشاعر المقدسة    سفارة السودان في واشنطن تعلق على حظر وزارة الخزانة الأمريكية ل(7) شركات لتورُّطها المُحتمل في الحرب السودانية    بعد ساعات من حادث مماثل.. مصرع أسرة سودانية ثانية في مصر    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تضع زميلتها ندى القلعة في "فتيل" ضيق: (هسا بتجيك نفس تحملي في أوضة وبرندة وسط 13 نفر وفي ظروف الحرب دي؟)    شاهد بالفيديو.. شاب من أبناء "الشوايقة" يتوعد القائد الميداني للدعم السريع "جلحة": كان فضلت براي في السودان ما بخليك (جاك الوادي سايل أبقى راجل عوم والمطر البدون براق جاك يا الشوم)    شاهد بالفيديو.. بطريقة مضحكة.. ناشط مصري يسخر من اسم اللحمة السودانية الجافة "الشرموط" بعد ظهوره في الأسواق المصرية: (ليه كدة؟ كل علبة من دي تمنها 3 سنين سجن بسبب الاسم بس)    شاهد بالفيديو.. شاب من أبناء "الشوايقة" يتوعد القائد الميداني للدعم السريع "جلحة": كان فضلت براي في السودان ما بخليك (جاك الوادي سايل أبقى راجل عوم والمطر البدون براق جاك يا الشوم)    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تضع زميلتها ندى القلعة في "فتيل" ضيق: (هسا بتجيك نفس تحملي في أوضة وبرندة وسط 13 نفر وفي ظروف الحرب دي؟)    تعليق مثير من زيدان على انتقال مبابي لريال مدريد    توتي الضحية    مصر تتفوق عالميًا بمؤشر جودة الطرق.. قفزت 100 مركز خلال 10 سنوات    نصائح مهمة لنوم أفضل    أشاد بالأداء والنتيجة..دكتور معتصم جعغر يهاتف اللاعبين والجهاز الفني مهنئاً بالانتصار    الأمانة العامة لمجلس السيادة تحتسب المهندسة هالة جيلاني    أديب: الحكومة الجديدة تحتاج "سوبر مان" لمواجهة التحديات    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    السعودية.. رقم قياسي عالمي في التبرع بالملابس    السودان يكسب موريتانيا بهدفين في تصفيات المونديال    السودان يهزم موريتانيا ويتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم    الجزيرة تستغيث (4)    انتظام حركة تصديرالماشية عبر ميناء دقنة بسواكن    "كعب العرقي الكعب" .. وفاة 8 أشخاص جراء التسمم الكحولي في المغرب    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة مقلوبة!!
نشر في الصحافة يوم 17 - 09 - 2011

٭ كنت أقدِّر لهذا المقال أن يكون تحت عنوان «المروءة.. حكاية سودانية» وقبل أن أفرغ من كتابته حدث ما «لخبط حساباتي» فألقيت بما كتبت في سلة المهملات لأسطر المقال من جديد تحت العنوان أعلاه.. مع التحية والتقدير للأستاذ فتح العليم الطاهر صاحب الملكية الفكرية لبرنامجه التلفزيوني التربوي الناجح «صور مقلوبة».. ويبدو أن كثرة المقلوبات فتَّ في عضده فلم يستمر على إصراره الذي كانت تردده «بُنيته» مع شعار البرنامج «الصورة دي مقلوبة لازم نعَّدلها» بصوتها الطفولي اللطيف.. حَّياها الغمام.
٭ أخذ ابني «الفتي غير المدلل» مفتاح سيارتي خلسة وذهب لعيادة صديقه المريض في المربع القريب من الحي الذي نقطنه.. وافتقدته وطلبت من أخيه الأكبر استجلاء الأمر، فابلغني بعد دقائق بأن سيارتي اصطدمت بحائط وتهشمت مقدمتها تماماً وكان يقودها «صبي صغير» شقيق الولد المريض، وألا خسائر في الأرواح ولا إصابات في الأولاد مع إن حيطة الحوش الذي صدمته السيَّارة قد تهدم.. وهرعت إلى مكان الحادث فوجدت شباباً وبعض نسوة ما أن رأوني حتى أقبلوا عليَّ وهم يرددون العبارات السودانية المعتادة.. «حمداً لله على السلامة.. والجاتك في مالك سامحتك.. وربنا قدَّر ولطف.. البركة الولاد ما جاتم حاجة» وما إلى ذلك.. وفحصت الحادث غير الجنائي.. وقدرت العطل والأضرار ثم سحبنا العربة.
٭ كان أفراد الأسرة الأمدرمانية الشهيرة.. في غاية الفضل والاحترام والتسليم بالقضاء والقدر.. والحمد والشكر لله الذي قدَّر ولطف.. وكان أبوهم غائباً.. وبالمقابل اعتذرت لهم اعتذاراً عريضاً وصادقاً ونابعاً من دواخلي.. وأبديت استعدادي لتحمُّل مسؤوليتي كاملة «فالعربية عربيتي.. والولد ولدي والعمل الحادث صاحبو».. والحق حق.. فأبدت الأسرة تسامحاً وعفواً عن طيب خاطر.. وأعطوني رقم هاتف رب الأسرة.. وقد هاتفته بُعيد صلاة المغرب «حسب ما أوضح لي ابنه الأكبر» واعتذرت له مجدداً.. ثم بعد ذلك زاره «اللواء» والد الصبي الذي تسبب في الحادث» واعتذر له وعرض عليه إصلاح الجدار المنهار والمكون من «الطوب الأحمر والمونة طين» فقبل الأب الاعتذار وحلف طلاق ما يصلحوا له الحيطة.. ثم بعثت بابني الأكبر ليقدم الاعتذار مرة ثالثة ويشكر له أريحيته لأنني ما عندي سيارة، فذهب إليه ووجد أبناءه فأكرموا وفادته، وقالوا له «عوجة ما في» وطفقت أحدث الناس والأصدقاء والأهل عن مروءة هذا الرجل وكرم أخلاقه وحسن إيمانه.. وقد شرعت في كتابة هذه الحكاية علَّها تعيد الأمل في نفوس الناس بأن الدنيا لا تزال بخير وأنَّ أخلاق السودانيين لم تنل منها حادثات الزمان شيئاً.. ولكن!!!
٭ بعد مرور عدة أيام تلقيت اتصالاً هاتفياً من «الرجل» وهو يحدثني بصوت ملؤه اللوم «يا أخي أنا بيتي مكشوف وحيطتي واقعة وجبت مقاول قدر الصيانة بمبلغ كذا «فوق المليون ونصف بالقديم» وجبت مقاول ثاني فكان تقديره أعلى من الأول بأكثر من عشرين بالمائة.. يقارب «اثنين مليون بالقديم» فدُهِشت!!! وقلت له أي التقديرات اخترت؟.. فردَّ عليَّ «اختار أنت» فقلت له «أنا اخترت التقدير الأعلى».. مع أن الحيطة الواقعة طولها أربعة أمتار وارتفاعها مترين ومونتها طين وطوبها سليم وموجود إلا قليلاً.. وكان واضحاً أن الرجل نكص على عقبيه «وبقت له الحكاية حارَّة» مع أنه ميسور الحال.. والتقديرات التي ذكرت له خيالية.. فالأمر لا يتجاوز ربع المبلغ الذي ذُكر له.. لكنني فضَّلت «التعويض وجبر الضرر معاً وأوريه الرجالة»، ولم تمض ساعة على مكالمته حتى زارني في مكتبي وسلمته المبلغ «المبالغ فيه» في مظروف كتبت عليه اسمه مسبوقاً «بالسيد» ومختوماً «بالمحترم» مع الشكر. إلى هنا والقصة عادية وتحصل في أرقى العائلات.. ولكن!!
٭ قال لي الرجل: «أنا ما حبيت أصلِّح حيطتي براي عشان ما أقتل المعروف في أولادي!!» ولم أصدق ما سمعت وطلبت منه تكرار ما قاله فأعاد ذات الجملة!! الرجل كبير سناً ومقاماً ومن أسرة كبيرة وممتدة وحالته المادية مرتاحة.. وهو يعيش بكلية مزروعة.. ومن بيت علم وعلماء.. وأعطى كلمة.. ونط منها.. معليش.. لكن فَهِّموني يا جماعة الخير هل المعروف أن تعفو وتصفح أم أن تستوفي حقك بالزيادة؟؟ هل المعروف أن تقبل العذر والاعتذار ثم تطالب بحقوقك وتعتبر ذلك فضلاً منك؟؟ أنا متَّهم نفسي بأن مخي تخين وفهمي تقيل ومحتاج لفهَّامة!! لأني ما فهمت!!
٭ ماذا دهي الناس؟ نعيب زماننا والعيب فينا!! وبالرغم من التعارف والأصدقاء المشتركين بيننا وقد اكتشفناهم من خلال الحوار والونسة والتعامل الراقي الذي وجدته من الأبناء ووالدتهم.. ومع قناعتي بأنني من يتحمل الخسائر.. وقد شاركني السيد اللواء بأريحية قَلَّ نظيرها.. إلا إنني لا أزال في حيرة من أمر هذا الرجل.. قلت له «كنت بصدد ذكر هذا الموقف منك عنواناً للمروءة والشهامة والنخوة والنجدة والمعروف» فقال لي هو يحشر المظروف في جيبه «بالله لما تكتب المقال ما تذكر اسمي أنا عاوزها لوجه الله!!»
٭ مررت على «المروءة» وهي تبكي!! الشاطر فيكم يوريني الحصل ده إسمو شنو؟
وهذا هو المفروض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.