في يوم 9/10 بجريدة الصحافة ظهر اعلان يدعو كل جماهير الشعب السوداني الى حضور ندوة بدار حزب الامة القومي بعنوان: «لا للحرب نعم للسلام». حضرت لها أحزاب الاجماع الوطني.. كما اسموها هم... يتحدث فيها كل من السيد الامام الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي - الدكور حسن عبدالله الترابي رئيس المؤتمر الشعبي والاستاذ نقد والاستاذ عبدالله بلائل ، وآخرون على حسب ما جاء في الاعلان. وكالعادة لابد ان احضر مثل هذه الندوات الكبرى وفي مخيلتي سوف تكون ندوة مفصلية .. اي بين الحكم الشمولي والحكم الديمقراطي . لأن القضايا شائكة ومعقدة.. ويكون لقاء رؤساء الأحزاب في هذه الندوة يساهم بصورة كبيرة جدا في حل بعض الأزمات المتعلقة بالبلد. وخاصة الحرب المستعرة في جزء عزيز من البلاد. (النيل الازرق) ، وكنت حقيقة مترقبا قرارات واضحة وجريئة على الافق تدير ظهر الحكومة.. والا سوف يحدث التغيير وبأي وسيلة ممكنة.. وتكون هنالك رسالة محددة الى طرفي النزاع تجنب البلاد التمزق والتشظي - وايضا تمنع التشريعات الخارجية ودخول بعض الاجندة الخفية وايضا تمنع تحريك النعرات القبلية والاحقاد العنصرية: هذا ما كنت ارجوه.. وكنت اعتقد ان هذه الأحزاب تملك السند الشعبي كما يدعون.. وفعلا وصلت الي ام درمان دار حزب الامة.. ووجدت بعض الضيوف قد حضروا وكنا جميعا نستمع الى الاناشيد الحماسية التي تقال عن الامام المهدي واصحابه.. وبعد قليل اعلن مقدم البرنامج انه سوف يتحدث رئيس المؤتمر للخرطوم ولا ادري هذا ان كان حزبا او اسم الحزب.. وفعلا تناول القضايا من زاوية مختلفة جدا وقضايا عامة ومثله مثل المنددين وما اكثرهم - ثم تحدث الاستاذ كمال عمر عن المؤتمر الشعبي والقى خطابا مقتضبا جدا اكثره تجريم واتهام لاعضاء المؤتمر الوطني.. ووصفهم بأنهم طلاب سلطة .. (ومن منكم لم يكن طالب سلطة)؟!! ولا يعرفون عن الدين وقيم العدالة شيئا.. وكذلك عضو من الحزب الشيوعي اتهم الحكومة بتأجيج الصراع واشعال الحرب لصرف الرأي العام عن القضايا الاساسية.. وتحدث الامين العام الثقافي علي حسب التسمية المعلنة من مقدم البرنامج تحدث عن حزب الفونج ومن خلال حديثه لا اعرف ان كان مع العير او النفير.. ثم اختتمت الندوة بحديث دكتور الغالي ممثل حزب الامة القومي ولم يأتِ بجديد في خطابه انه حديث يقال كثيرا ومكرر.. وسألت نفسي مليون مرة اين رؤساء الأحزاب الذين اعلنوا عنهم؟ عزيزي القارئ الا تعتقد انه كذب مثلما يتهمون اعضاء المؤتمر الوطني بالكذب؟ وانا اتأهب للخروج من الدار مرت بنفسي خواطر كثيرة اوصلتني لقناعة ان هذه الأحزاب لا يمكن ان تحل مشاكل هذه البلاد.. ولن تطبق الديمقراطية ولو اعطيت مليون فرصة.. هنالك اسئلة كثيرة لابد ان اطرحها - لماذا لم يحضر رئيس حزب الامة المقامة الندوة في داره ..؟! لماذا لم يحضر ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي ان كان هنالك اصلا حزب بهذا الاسم بعد خروج اكثر من 900 عضو؟ ولماذا لم يحضر ممثل حزب البعث العربي الذي عضويته لا تتجاوز العشرين شخصا او تنقص قليلا؟! لماذا لم يحضر الدكتور حسن وعدم حضور الدكتور يجعلني اشك في المسرحية.. واين بقية رؤساء الأحزاب؟ لماذا لا يحضرون ويتحدثون لجماهيرهم؟ امر عجيب فعلا أحزاب تقليد وليس أحزاب فكر وايدلوجيات، نعم انها قداسة الاشخاص ، التي لم نتحرر منها بعد.. في رأيي الشخصي جدا ، ان رؤساءالأحزاب لم يحضروا لسببين ولا ثالث لهما.. السبب الاول: اما ان يكونوا مهددين في نفسهم وأولادهم بما لا تحمد عقباه اذا خرجوا او تحدثوا وخوفا على انفسهم و أولادهم وخوفا من الموت آثروا ان يتواروا تماما.. السبب الثاني: انهم باعوا القضية، ويا دار ما دخلك شر..! وتركوا جماهيرهم كالقطيع بدون راعي.. لأنهم يعلمون انها جماهير تقديس وليست جماهير سياسة وفكر.. ولكن هاهي الكتوف اتلاحقت.. والشئ الذي اريد ان اؤكده لرؤساء الأحزاب ان كل الذين حضروا الندوة خرجوا بانطباع واحد.. هو ان هذه الأحزاب لا تخدم البلد ولا تحل مشكلة.. ورب نافعة ضارة، سوف تفقد الأحزاب اكثر من 50% من عضويتها نتيجة لتلك الندوة الفاشلة والتي بدلا ان تكون مدعاة للتجمع كانت وسيلة للتشتت.. وفي نهاية الندوة خرجت وانا اردد مبروك للمؤتمر الوطني حكم البلاد.. وان يحكم كيفما يشاء ويحارب من يحارب ويصالح من يشاء، وان ينفرد باتخاذ القرار والسياسات التي يراها مناسبة.. وفي حالة السودان هذه يمكن للفرد او الحزب ان يحكم.. لأن البلاد ف? حالة غياب تام من القوى السياسية، ولو وجدت بدون فكر ورؤى واضحة لأزمات الوطن.. ومن هنا اوصي اعضاء المؤتمر الوطني ان يعضوا بالنواجذ على مصلحة البلاد ولا يتركوا مصير الامة السودانية الى بغاث الأحزاب التي لا تسمع لها جعجعة ولا طحنا.. هؤلاء لا يستطيعون ان يحكموا قرية.. ناهيك ان يحكموا وطناً في حجم قارة مثل السودان- لماذا... لأنهم لم يصلوا مرحلة النضوج الفكري..