لطالما ظل التنين الصيني يقدم دعمه اللامحدود الى الخرطوم حتى بعد ذهاب الجنوب بآباره النفطية حيث أكدت بكين في أكثر من مناسبة أنها لن تحيد عن خطها في تقديم كل اشكال الدعم الى الحكومة السودانية بعد انفصال جنوب السودان ، بل انها ستعمل على استكشاف وتعدين النفط في عدد من ولايات السودان بعد أن اثبتت المسوحات الأولية وجود نسبة كبيرة منه داخل حدود الدولة السودانية . لكن لم تذكر الصين ضمن ما ذكرته من تطمينات للخرطوم خاصة باستمرار التعاون التجارى والاقتصادي بين البلدين لم تأتِ على ذكر تقديم أي دعم عسكري ، لكن الح?ومة السودانية هي من أعلنت هذه المرة عن تعاون عسكري يتم بين الصين والسودان ، وفق ما أعلنه وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين خلال زيارته الحالية الى العاصمة الصينية بكين عن وجود تنسيق عالي المستوي في المجال العسكري والأمني ، وقال حسين في تصريحات صحفية ان «مباحثاته التي أجراها مع نظيره الصيني ليانغ قوانغ ليه اثمرت عن تعزيز التعاون العسكري بين البلدين وتطويره لمراحل جديدة تخدم عملية السلام والاستقرار الاقليمي السوداني . و على الرغم من تأكيد الوزير من بكين على استقرار الأوضاع الأمنية والعسكرية في عموم السودان و?دارفور باعتبار ان الحركات المسلحة الان في أضعف حالاتها وأن الجيش السوداني يبسط كامل سيطرته على دارفور حسب تعبير الوزير ،وعلى الرغم من اعلان الحكومة السودانية في وقت سابق أنها قدمت السلاح للثوار الليبيين ما يشئ بوفرة في مخازن الاسلحة السودانية ، الاّ أن توقيت زيارة وزير الدفاع الي الصين وطلبه الدعم العسكري في رأي متابعين للوضع الداخلي في السودان له ما بعده خاصة وأن التوترات في جنوب كردفان والنيل الأزرق لاتزال على أوجها بين الجيش السوداني ومقاتلي الجيش الشعبي التابعين الى دولة الجنوب ما يعني أن الجيش السو?اني في الوقت الراهن أحوج ما يكون الى السلاح من أي وقت مضي ، في المقابل فان ثمة رأي مخالف يؤكد أن التوجه الي الصين لا يعني أن هناك نية لمواصلة الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، وحسب خبير أمني فضل عدم الكشف عن هويته قال ل« الصحافة » « السودان لا يحتاج الى دعم دولي لحسم الصراع العسكري في جنوب كردفان والنيل الازرق « ، وأشار المصدر في ذات الوقت الى وجود نظرة استراتيجية تسود وسط قطاع واسع من العسكريين ، وذلك بتوقع اتساع نطاق الحرب لتشمل مناطق جغرافية أخرى، وقال « يتوقع خبراء عسكريون اتساع نطاق الح?ب لتشمل حتى دولة الجنوب ودارفور وربما تتحوط الحكومة بتفعيلها اتفاقيات تعاون عسكري مع الصين الى مراحل قادمة « . ولكن محللا سياسيا رأى ان المستجدات فى الساحة الداخلية تدفع باهمية الدفع بتعزيزات عسكرية لمقابلتها، واشار عبد الرحمن ابوخريس من المركز الدبلوماسي بوزارة الخارجية الى ان التحالف الجديد بين الحركات المسلحة والحركة الشعبية بالاضافة الى الدعم الدولي الذي يتلقاه جنوب السودان ، اوجد حالة من الاحتياج الأمني تستدعي استجلاب المزيد من الاسلحة . فيما يخشي المجتمع الدولى وخاصة الولاياتالمتحدةالامريكية من التسليح الصيني لدول القارة الافريقية والقروض التي تقدمها الى تلك الدول حيث تأتي القروض الصينية وفق شروط ميسرة لدول القارة الافريقية الشئ الذي سيؤدي الى ارهاق كاهل الدول الافريقية بديون جديدة، الأمر الذي سيفضي في النهاية بحسب واشنطن الى تقويض كل الجهود التي قدمتها الدول الغربية المانحة حين أسقطت قدرا كبيرا من الديون الافريقية . وكانت الصين وفق تقارير منشورة سبق ودعمت الحكومة السودانية التي لجأت في غير مرة الى الصين طلبا للسلاح، وقد قدمت بكين ?لحكومة السودانية أسلحة مصنعة في الصين في مقدمتها الدبابات والقاذفات، والأسلحة المضادة للطائرات، والمروحيات، والمدافع الرشاشة، وراجمات الصواريخ، والذخائر كما ساعدت الحكومة في الخرطوم على انشاء مصانع للأسلحة الصغيرة المعروفة باسم مصانع التصنيع العسكري لتواجه بها الحاجة الي السلاح بعد فرض حصار اقتصادي على السودان يحظر عليه بموجبه استيراد الاسلحة من الدول الغربية . وحسب رأي المصدر السابق فان التعاون السوداني الصيني لا سيما في مجال الأسلحة يحمل دلالة السياسية هو أن الحكومة تريد المضي قدماً في علاقتها مع الشرق ?اصة الصين وأن تولى ظهرها الى كل الدول الاوربية وامريكا على وجه التحديد ، وأضاف « ظل السودان حريصاً الا يصنف حليفا للصين لكنه ضاق ذرعا من حالة الا موقف مابين عدم اظهار الانحياز المطلق للصين او غيرها من الدول ، لكن من الافضل أن يستمر السودان بذات الموقف القديم ويفتح قنواته مع كل القوى الدولية والاقليمية « . وترسم الصين اهدافها الاستثمارية الثنائية على المستوى الاقتصادي والسياسي والعلاقات البينية التي تقيمها مع الدول الافريقية وفق خبراء مختصين في الشأن الصيني على مرسوم صيني رسمي صدر في العام 2006 يحمل عنوان «السياسة الصينية تجاه افريقيا». ويحدد هذه المرسوم أهداف الصين في خلق شراكة استراتيجية جديدة مع دول القارة. وتشترط هذه السياسة أن تُرسى العلاقات الرسمية الصينية مع دول القارة على التزامٍ وتعهدٍ بمبدأ «الصين الواحدة» في التعاون مع جمهورية الصين الشعبية «أي عدم الاعتراف ب «تايوان»» باعتبار أن ذلك المبدأ هو?«حجر الأساس» الذي تقوم عليه تلك العلاقات الثنائية. والملاحظ انه مع زيادة الاستثمارات الصينية في صناعة النفط بالسودان، يزاد التعاون العسكري بين الدولتين ، لكن السؤال المهم الان ماذا سيقدم السودان الى ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة ، لاسيما بعد أن فقد كل حقوله النفطية بعد انفصال جنوب السودان . يشرح ابو خريس ان السودان رغم مروره بأزمة مالية حادة وبرغم تكاليف الاستثمارات فى مجالات الاسلحة التي لا تعود نتائجها الا فى ميادين القتال، الا ان الحكومة السودانية بحسب رأيه حصلت ب?سب الاتفاقيات المبرمة على امتياز ديون طويلة الاجل تسدد عبر تقديم امتيازات اخرى للصين كحقوق تنقيب عن النفط والاستثمار فى الزراعة.