تعتبر «كيلك» إحدى محليات القطاع الغربى فى ولاية جنوب كردفان ،يعيش المجتمع فيها بمختلف إثنياته فى تعايش وتراحم وتسامح بعيدا عن الأجواء السياسية التى أدت لتأزم الأوضاع بالمنطقة، ويتحرج المواطن كثيرا إذا سألته عن قبيلته، أم جمعة قرفة كاكا مثال لذلك التمازج الإجتماعى ،وهى إحدى الشابات اللاتى يعملن فى تقديم الشاى بسوق كيلك، جئنا لراكوبتها «صدفة» بحثا عن مكان نشرب فيه الشاى، ولكن ما إن جلسنا على «البنابر» ونحن مجموعة من «أربعة أشخاص » فى داخل راكوبتها إلا وشدنى الحديث إليها لما تزين الراكوبة من وسائل إرشادية وإ?ضاحية وتثقيفية مجتمعية عديدة لمجتمع تتجاذبه أهواء الترييف وتطلعات التحضر. تبدو أم جمعة تخفى خلفها مرارات من الأسى والظلم والضنك ،شابة مثقفة ومتدثرة فى ثوب من الحياء والوقار ،تتحدث إليك دون ان تترك العنان لبصرها طويلا ،فسألتها عن الأسباب التى دعتها لأن تحترف تقديم الشاى وهى فى مقتبل العمر «عمر الزهور» وكيفية التعامل مع المجتمع ونظرته لها وعن الحياة والمعيشة فى كيلك، فقالت أم جمعة: ظللت أمارس «مهنة الشاى » منذ ثلاث سنوات نتيجة ظروف أسرية قاهرة حالت دون إكمال تعليمى الذى إنقطع من الصف الخامس ،وأنا ندمانة على ترك الدراسة ،كما لم أكن مبسوطة لأننى أعمل «ست شاى» وسط مجتمع يغلب عليه ال?ابع الريفى والنظرة الإستعلائية للمرأة ولا تخلو من سوء الظن ! فتمالكت أم جمعة وتغلبت على أعصابها فاحتبست الدموع التى أخفتها خلف جفونها لتواصل ،لا أمانع في مواصلة تعليمى إن وجدت الفرصة التى تلائم وضعى وأنا أعول أسرة مكونة من والدتى وشقيقتاى، وبعد إلحاح علمت من أم جمعة أن «والدها حى يرزق» ومتزوج من امرأتين غير والدة أم جمعة وهو مزارع بسيط، لذلك عملت «ست شاى» بالسوق لأعول أسرتى، وقالت أم جمعة أن دخلها العادى اليومى فى حدود «30» جنيها ويوم السوق «الإثنين والخميس» يرتفع إلى «50 60» جنيها، ولا تعلم بالتمويل ال?صغر أو الصغير، ولا أى نوع من أنواع التمويل أو الدعم الاجتماعى.