هل أصبح المؤتمر الوطني هو الراقص الوحيد على خشبة مسرح الإنتخابات ؟ وهل يمكن إعتبار مايحدث الآن وضعاً طبيعياً لبلاد تنشد التحول السلمي الديمقراطي ؟ إن إنسحاب القوى السياسية من حلبة الانتخابات يزيد من أزمات البلاد ويسرع وتيرة التغيير الى الأسوأ بعد ان نفقد جميعاً فرصة التغيير السلمي نحو الافضل التي تمنحها الانتخابات لأبناء السودان الذين ملوا من الدوران خلف الوضع القائم بحسبانه دوراناً في ( الفاضي ) ، البلد تئن من الفساد والفقر وهيمنة القبضة الواحدة الضالة ثم تسنح الفرصة لإجراء انتخابات بغير إرادة الحكومة او رغبتها وإنما هي إملاءات ( رعاة ) اتفاق السلام الشامل جعلوها إستحقاقاً وبنداً موقوتاً ضمن العديد من البنود..وبدلاً من إهتبال الفرصة هاهي القوى السياسية تفر من الانتخابات فرار الصحيح من الأجرب وتترك الساحة لحزب واحد ليعيد تمثيل ذات المسرحية في عرضها الاخير على مايبدو وبدعم من أولئك ( الرعاة ) ومن المهم أن يفهم جميع السودانيين ان الفصل الاخير من هذه المسرحية سيقود الى تفكيك السودان الى دويلتين في المرحلة الاولى ثم تترى تقسيمات العربة المتدحرجة نحو أسفل الوادي لتصبح حطاماً ويتم تمزيقها شر ممزق . لقد ألجمت الدهشة الكثيرين وهم يتابعون اجتماعات القوى السياسية ، إجتماعات تعقد وتنفض للتداول حول مسألة المواصلة في خوض الانتخابات استناداً الى جماهير تمت تعبئتها ضد الحزب الحاكم وهي جاهزة للتصويت من اجل التغيير أم عدم المواصلة في ذلك الامر ، لقد جاءت خطوة أحزاب قوى تحالف جوبا المعارضة وبالاً على الاوضاع في السودان مثلما هي وبال على شعب السودان المسكين الذي لا يملك من حقوق المواطنة في ظل الوضع الراهن الا حق التفرج والاستفراج والرجوع الى المساكن بعد الدوام ودوامة الأحداث وهو يهمهم ( ملعون أبوكي بلد ) . نحن لا نملك الا حق تمليك المعلومات لهذا الشعب ولذلك ندلي بدلونا في الدلاء بالقول إن ازمة الوضع الراهن في البلاد يتحمل تبعاتها الجميع حكومة ومعارضة ولن ينجو احد من جريرة جرجرة الشعب السوداني الى ميادين الفوضى التي لن تكون خلاقة بأية حال من الاحوال وانما تبعث المارد العظيم ليلحق باخوته من البلدان كالعراق والصومال وافغانستان ، لقد كتبت القوى السياسية في الحكم والمعارضة ورسمت نهايات كل شئ بأيديها فالذين نشطوا في ارتكاب التجاوزات والمخالفات لقانون الانتخابات بما افضي الي بروز الشكوك حول مفوضية كان ينبغي المحافظة على حياديتها هم مجرمون ضالعون في جريرة ايصال الاوضاع الى مفترق الطرق الراهن ، والذين اججوا مشاعر العداء ومارسوا الحرب النفسية ضد القوى المشاركة في الانتخابات بغية اثنائها عن المتابعة وتصويرها زوراً في صورة الخاسر حتماً هم الذين تولوا كبر هذا الجرم فقد أتى فعلهم اكله وخرجت الاحزاب لتترك لهم الجيفة فهل سيأكلونها أم تعف انفسهم عنها أم يدسونها في التراب ؟. إن المدخل الى تسريع المخططات الأجنبية في بلادنا هو استخدام الحكومة والمعارضة على السواء وهو عمل تمويهي ليقال ان السودانيين بأيديهم هم الذين نسفوا الاستقرار ونحن إنما أتينا لإعادة الامن والإستقرار وهو تكرار لسيناريو احتلال العراق وافغانستان باسم الحرية لشعب العراق وتخليص الافغان من حكم طالبان ، وقد تم بالفعل استخدام الحكومة دون ان تشعر لتوصل الامور الى هذا الحد ويتم الآن تحريك كافة الآليات بالداخل للبدء من حيث انتهت الحكومة ، ومن الواضح ان الخطوة التالية ستكون الضغط على الحكومة لتأجيل الانتخابات وهم يعلمون انها لن ترضخ كيما يتحقق الجزء المهم من الهدف وهو تأجيلها في دارفور بمبررات اتاحة الفرصة للسلام والاكتفاء بتعيين حملة السلاح في الحكومة للتمهيد لإجراء الانتخابات في دارفور لاحقاً ، وتأجيلها في دارفور مثل تأجيلها في كردفان وحلايب السودانية لتصبح الانتخابات منقوصة تخلف ألف سؤال وسؤال .