* لأسباب نفسية أو عضوية تقوم بعض الأبقار أو النياق أو الأغنام الحلوبة «برضاعة نفسها» فتحرم مالكها من إنتاجها من اللبن دون فائدة معروفة تعود إليها فهي بالطبع حيوانات عاشبة ولا تعتمد على اللبن في غذائها إلا في صغرها ريثما يقوى عودها وتعتاد أكل العشب والعلف الذي يُقدم لها فتستغني عن اللبن طوعاً أو كرهاً .. ولرعاة الماشية والأغنام أساليب شتي في الإستئثار باللبن وترك القليل منه «للرضيع» وتعويضه بغذاء بديل.. ومن هذه الحيل «الصُّرار» أو الصِّرار وهو خيط يُشَدُّ على حلمة ضرع الناقة لِئَلّا يرضعها وَلَدها.. وفي الحديث : «لا يَحلُّ لرجلٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أنْ يَحُلَّ صِرار ناقةٍ بغير إذن صاحبها فأنَّه خاتَمُ أهْلِها..» ويمكن أن يضع الراعي غطاءً من القماش على الضرع «خُرتايه» كذلك وهي أقل فاعلية من الصُرار وأقلَّ أذًي وألماً للأم والرضيع. بيد إن البهيمة «الحاسدة» التي ترضع نفسها يطوَّق عنقها بطوق من الصفيح يمنعها من إحناء عنقها ليبلغ الثدي حتى لا ترضعه!! وقد تفعل بعض الحكومات مثل «البهيمة الحاسده» فتحرم صغيرها وصاحبها على الحد السواء من إنتاجها بمثلما تفعل حكومة الجنوب في حسادة يحسدها عليها «الحمقى والنوكية» فتضر نفسها قبل أن تضر غيرها وتحرم أبناءها قبل أن تحرم جيرانها.. وهكذا فعلت حكومة الجنوب عندما قررت وقف إنتاج النفط من حقولها لحرمان بلادنا من عائد مرور النفط بالأنابيب السودانية وتصديره من الموانئ السودانية وهذا قَدَر الدول التي لا تملك منافذ على البحار والمحيطات «أراضي مغلقة» لا بد لها من استخدام أراضي الغير ومنافذهم لتنساب صادراتها ووارداتها محكومة باتفاقيات ومواثيق ورسوم ومصالح متبادلة.. ولا مناص لحكومة الجنوب من ذلك إلا أن ترضع بترولها في بطنها أوتتركه في باطن الأرض.. أو تنشق القاره الأفريقية مرةً أخري كمثل الصدع العظيم.. فتجد دولة الجنوب نفسها وقد أطلَّت على البحر أو المحيط فتصدر نفطها للعالم مباشرة دون المرور بالأراضي السودانية أو الكينية. وفي ما عدا ذلك «فالحكاية حِسبه بتتحسب» أيهما أقل كلفة أن تصدر دولة الجنوب نفطها عبر الأراضي والموانئ السودانية أم الكينية؟؟ أما المكايدة والدعاوي الكاذبة وإتهام بلادنا بالسرقه فهذا ما لا يجوز إلا في عرف القطة التي تأكل أولادها لحمايتهم من الخطر!!.. ولم تكن وفود المفاوضات السودانية تفعل سوي عرض خيار «يفتح الله ويستر الله» هم قالوا سندفع دولاراً واحداً رسماً لنقل وتصدير البرميل الواحد!! ونحن قلنا يفتح الله.. هم امتنعوا عن دفع استحقاقنا في الفترة السابقة ونحن أخذنا حقنا «عيناً».. والسوق بيِرَضي الزعلان.. «واي واي ما فينا!!» كما قال رجل الأعمال الكبير الخارق الذكاء عمنا المرحوم الشيخ مصطفى الأمين . * إن التهديد بوقف إنتاج النفط في الحقول الجنوبية بغرض حرمان السودان من أخذ حقه نظير استخدام البنيات الأساسية من أنابيب وموانئ ومصافي «قرار غير مفحوص» اقتصادياً ولا سياسياً ولا أخلاقياً .. وهو فوق هذا وذاك نوع من المزايدات «الفطيره» بغرض الضغط على وفد التفاوض السوداني فيما يتعلق بالنفط وبقية القضايا العالقة.. ويُشابه موقف حكومة الجنوب طريقة « باعه الأستوب» لكن بالمقلوب .. فالبائع المتجول عند إشارة المرور يعرض عليك سلعته بسعر خرافي وعينه على الضوء الأحمر فأذا ما تحَّول الضوء للأصفر تنهار مفاوضاته ويبيع لك بالسعر الذي تحدده له.. ولا يفوته الربح حتي بهذا السعر المفروض من قبل المشتري «لأنه بيكون حاسب حسابه».. دولة الجنوب تعرض دولاراً واحداً للبرميل !! وحكومتنا تطلب سته وثلاثين دولارا للبرميل. وكل طرف متشبث بموقفه «والفَرَقَه كبيرة» والوسطاء ما فيهم «زول بيقول صلَّوا على النبي».. ومن المهم أن تعرف حكومة الجنوب إن اقتصاد بلادنا لا يعتمد على نفط الجنوب وما نحن بسارقين.. كما إننا لا نُؤكل «أوانطه».. وإننا لم نسارع لاستخراج نفط الجنوب إبَّان الحرب إلا لكي نجبر المتمردين للجلوس للتفاوض حيث أسَالَ النفط المستخرج لعابهم فقبلوا بالتفاوض صاغرين.. وكان يمكن أن نستخرج نفطنا من حقول أخري كثيرة بعيداً عن الجنوب ونهدر عائداتها في «حرب عبثية» مع متمردي الجنوب فتضيع مقدرات بلادنا.. وباستغلال النفط من الحقول الجنوبيه يمكن أن تقول إِننا «صرَّرناهم بي بعرهم» ولما جاء الانفصال أصبح الآن من حق دولة الجنوب أن تتحدث عن «نفطها» الذي ما أوجفوا عليه من خيلٍ ولا ركاب.. ويبدو أنَّ من أوصوا حكومة الجنوب بوقف إنتاج النفط من حقولها أرادوا أن يضربوا أكثر من عصفور بحجر واحد.. وأول تلك العصافير إخراج الإستثمارات الصينية في مجال البترول من السودان ثمَّ من أفريقيا كلها.. وثانيها تعطيل خط الأنابيب بحيث إن الأنابيب تحتاج دوماً لوجود بترول خام فيها وإلا تأثرت فعاليتها مستقبلاً.. وثالثها خنق الاقتصاد السوداني لإخضاعه لحين ترسيم الحدود التي تحاول أن تضم بقيه الحقول التي تقع في الشمال .. ورابعها الإحتفاظ ببترول الجنوب في باطن الأرض مؤمَّناً وضرب أي منشآت بترولية سودانيه عند إندلاع أي صراع مسلح محتمل بين الدولتين. * إذن فالأمر ليس مجرد وكاده وحساده حتي لا نقول بلادة وهكذا فان المقال يلخص إلي نتيجة غير التي بدأنا بها. وهذا هو المفروض