دون مساس بالإيمان بالقضاء والقدر علينا ان نتساءل من يتحمل مسؤولية وفاة شخصين والضرر الذي اصاب آخرين جراء تصادم حافلة ركاب داخل مدينة الخرطوم مع قطار يمر داخل المدينة ؟ هل هي مسؤولية والي الخرطوم ام مدير عام السكك الحديدية ؟ ام ياترى هي مسؤولية سائق الحافلة الذي حاول المجازفة بارواح الركاب المساكين بغرض ايصالهم الى المحطة النهائية ؟ ام انها مسؤولية يتحملها الجميع الحاكم والمحكوم خصوصاً في زمان يتملص فيه المسؤولون عادة عن تحمل مسؤولياتهم وكل مسؤول اعلى يرمي باللائمة على من هو أدنى منه وبهذا يفلت العديد من الجناة من العقاب ، ان ماحدث بالامس قبالة القيادة العامة للقوات المسلحة شرق الخرطوم يعتبر فضيحة مجلجلة يندي لها جبين الانسانية ومن المهم ان يتعلم ولاة امور هذا البلد ادب الاستقالة والاستحياء من الناس ، نحن نعيش في الالفية الثالثة ومن العيب ان نظل متخلفين عن ركب الحضارة بمسافة قرون سحيقة بحيث تروح ارواح المواطنين السودانيين بسبب عدم قدرة الحاكم على تنظيم حركة المرور ، لقد اصبح القيام بالواجبات الاساسية مسألة ثانوية وتصاعدت على النقيض من ذلك سلوكيات الاهمال وجمع المال ولو عن طريق الرشا واصبح الشغل الشاغل لكثير من المسؤولين هو كم من المال يمكنهم ان يجمعوه من المواطن الغلبان دون ان تكون هنالك ادنى مسؤولية تجاه ذلك المواطن ؟ كانت هيئة سكك الحديد السودانية في السابق حينما يوشك القطار على الدخول الى المناطق السكنية المأهولة تضع ضوابط أمان صارمة تضمن دخول القطار الى المدينة دون حدوث اي اختناق مروري او ازدحام او تضارب في مسار السكة الحديد مع شوارع وطرقات المدينة التي تعج بالمركبات المختلفة والى وقت قريب كنا نرى موظفي السكك الحديد وهم يقفون باهتمام في تقاطعات السكك مع شوارع الاسفلت من اجل تأمين مرور القطار وفي بعض الاحيان يضعون سواتر وموانع تمنع المغامرين من تخطي هذه الاحترازات الى حين ( يعدي القطار ) والسؤال هو أين ذهبت هذه الترتيبات ؟ لاتقولوا ذهبت مع الريح لأن يوم الجمعة الذي حدثت فيه الحادثة هو يوم إجازة لأنه اذا كان يوم إجازة حقاً فلماذا تحرك ذلك القطار القاتل في يوم عطلة ؟ ان حادثة تصادم قطار مع حافلة ركاب داخل اي عاصمة من عواصم العالم تؤدي عادة الى استقالة الشخصيات ذات الصلة بيد اننا في السودان الذي يعتبر البلد الوحيد العربي الذي لم يمر به الربيع العربي حتى الآن نعاني من سقوط اخلاقي مريع بحيث لا يمكن لمسؤول سوداني ان يتقدم باستقالة من منصبه ابداً الا ان يقال او يعفى وفقاً لترتيبات حزبية فقط او تصيبه مصيبة الموت ، انه سقوط اخلاقي لا يسنده منطق ولا دين ولا عرف ولذلك يموت الناس في بلادنا كالشياه تارة بسبب عدم وجود الاكسجين في المستشفيات وتارة بسبب عدم وجود تنظيم لحركة مرور القاطرات داخل المدن الكبيرة فيختلط الحابل بالنابل . ثم ماذا بعد إنهيار مباحثات النفط من الواضح جدا بعد انهيار المباحثات حول النفط بين جمهورية السودان ودولة جنوب السودان والتي كانت ترعاه اثيوبيا وبعض الشخصيات الافريقية من الواضح ان العلاقات بين الطرفين تدخل منعطفاً خطيراً ليس من الممكن التكهن بنتائجه الوخيمة على الأمن والاستقرار في الفترة المقبلة ، وتعود الاسباب الى ان الدولتين الجارتين تعانيان من ازمة اقتصادية طاحنة بسبب اعتمادهما على عائدات النفط الذي تم ايقاف جريانه بقرار من رئيس دولة جنوب السودان وبناءاً على حيثيات تستند على عدم توافق الطرفين حول اجرة مرور النفط عبر اراضي الشمال الى موانئ التصدير وهي حيثيات تبدو للوهلة الاولى انها سبب انهيار المفاوضات ولكن العالمين ببواطن الامور يؤكدون ان العلاقة بين البلدين تخضع لعوامل عديدة مهمة من بينها القضايا العالقة وما تفرضه من مواقف تجاه الاوضاع على الارض في المناطق الثلاث التي يحكمها بروتوكول مصاحب لنيفاشا من جهة وعلاقة دولة جنوب السودان مع امريكا من جهة ثانية ، وبحسب المراقبين فإن الولاياتالمتحدةالامريكية تلعب دوراً سالباً في صناعة التوتر بين الدولتين الجارتين من خلال المواقف غير المحايدة التي تعلنها من حين لآخر في تحليل الأزمات بين الجانبين وما لم تخرج واشنطن من لعبة الجنوب والشمال او تقود مبادرة توفيقية تنهي التوترات المستمرة بين البلدين فإن نذر الحرب قادمة قادمة وليس بعد اغلاق فتحات النفط الا فتح وتنظيف فوهات البندقية الامر الذي يقود الاوضاع في الاراضي السودانية الى المزيد من التصعيد والتعقيد .