الحزب السياسى هو كيان يهدف للسلطة لخدمة أهدافه و قواعده بما يتوافق مع المصلحة العامة، وفي ذات الوقت بتحقيق تلك الاهداف ، فيجب ان يكون هنالك تجانس وتكامل بين الحزب واجهزة الدولة، فالحزب يعني تراضي قواعده عامة حول الحد الادنى من الاهداف وفي ذات الوقت يقدم الشرعية للاحزاب الاخرى، لأنه يقوم بعملية الاعتراف الكامل بشرعية النظام الديمقراطي فكل حزب اما ان يكون مع الحكومة او في حكومة الانتظار - المعارضة- وتقوم الأحزاب السياسية بعدة مهام تختلف حسب النظام الحزبي القائم ، فهي تنظم إرادة قطاعات من الشعب ، وتوفير قنوات للمشاركة الشعبية مما يسهل للأفراد طرح أفكار واختيار البدائل للتفاعل السياسي ومهمة الأحزاب تتمثل فى سد الفراغ الناشئ عن إحساس الهيئة الناخبة بالحاجة للاتصال مع الهيئة الحاكمة، والحصول على تأييد الجماعات والأفراد، لتسهيل الهدف المركزي من وجود الحزب وهو الوصول إلى السلطة والاستيلاء على الحكم بالوسائل السلمية وتقوم الأحزاب باختيار مرشحين لها في الانتخابات لتمثيلها لتحقيق مبادئ الحزب، وإدارة كيفية الرقابة على الحكومة، وتشريع ما تريده من قوانين. من أسس تقييم الحزب السياسي، مدى قيامه بتحقيق الوظائف العامة المنوطة بالأحزاب اوالمتعارف عليها في أدبيات النظم السياسية، وهي تتضمن سواء كان حزباً في السلطة أو المعارضة، خمس وظائف أساسية هي التعبئة، ودعم الشرعية، والتجنيد السياسي، والتنمية والاندماج القومي . والمعروف أن تلك الوظائف يقوم بها الحزب في ظل البيئة التي ينشأ فيها والتي يعبر من خلالها عن جملة من المصالح في المجتمع، وهو يسعى إلى تمثيل تلك المصالح في البيئة الخارجية، الأمر الذي يعرف في أدبيات النظم السياسية بتجميع المصالح والتعبير عن المصالح، ومن أهم المشكلات الداخلية للأحزاب السياسية السودانية تتمثل فى تنامى النزاعات الجهوية داخل الأحزاب على حساب الانتماء الحزبي والالتزام السياسي القومي من ما ادى أن تصبح هذه التكتلات داخل الحزب الواحد وكأنها منابر مستقلة داخله ، كما ادت لاحقاً لقيام أحزاب وتنظيمات جهوية . وغياب الرؤى المتفق عليها داخل الحزب وعدم وضوح الأهداف والمقاصد ، تتسبب في الانقسامات والانشقاقات داخل الأحزاب،فى بعض الاحيان التكوين الداخلي للأحزاب ينقصه نظام تطبيق الشورى والديمقراطية ، فقد عانت الساحة السياسية السودانية من الصراع بين الحكومة والمعارضة، من ما ادى الى ضعف ممارسة السلطة وارتفاع حدة الخلافات والانقسامات في الحزب الواحد. تميزت الحركة الوطنية السودانية منذ نشأتها الأولى بكثرة الانقسامات والخلافات داخل الأحزاب السياسية الشمالية والجنوبية، وسببها هو سياسة «فرق تسد» التي اتبعها الحكم الاستعماري البريطاني. تم إعلان الجنوب «مناطق مقفولة» في عام 1922م، ولم تقم فيه إلا مشاريع اقتصادية واجتماعية تنموية قليلة جدا، وزادت العزلة البشرية والثقافية المفروضة على شطري السودان في الشمال والجنوب من تلك الخلافات (القائمة أصلا) في الدين والعرق واللغة، كذلك تسبب عدم حدوث تنمية اقتصادية متوازنة في الشمال والجنوب إلى غياب تمثيل الجنوبيين في الأحزاب السياسية الشمالية. لذا كون الجنوبيون أحزابهم السياسية المستقلة لتخدم مصالحهم وتحقق أهدافهم، وحذت حذوهم المناطق الأقل نموا . حديثا شهدت الأحزاب السياسية في السودان تقلبات وانشطارات عدة كان لها اثرها السلبي على مسيرة الحياة الديمقراطية في السودان، وساعدت على اطاحة ثلاث تجارب تعددية سياسية، فبعد سقوط نظام الرئيس السابق النميري(رحمه الله) في ابريل 1985 ظهر على الساحة السياسية السودانية اكثر من 40 حزباً سياسياً اقتربت من الثمانين بعد فترة وذلك بسبب الانشطارات والانقسامات التى حدثت فيها، فظاهرة الانشقاقات هذه طالت جميع الأحزاب حتى احزاب التوالي السياسي التي نشأت حديثا. وحسب رأى بعض الباحثين بأن الانشقاق داخل الأحزاب عملية طبيعية توجد وتصل إلى حالة توازن في أي مجتمع، وأسباب النزاعات داخل الأحزاب كثيرة بعض منها آيديولوجي، أو صدى لإنشقاقات خارجية، أو بسبب التدخلات الخارجية من كيانات ودول أخرى، كما منها أسباب ثقافية مثل ممارسة السياسة على طريقة شيخ الطريقة أو بغلبة على القيم الموضوعية وغير ذلك من أصداء الثقافة المجتمعية، أو لأسباب راجعة للنظام الانتخابي أو التظلمات الجهوية والإثنية، أو بسبب التخصص في قضية ما و بروز قضايا مستجدة. ومن اهم الاسباب التي تؤدي للإنقسامات داخل الاحزاب السياسية السودانية هي عامل يرجع الى البيئة السياسية، وعدم اكتمال الدورة الديمقراطية في الحياة السياسية السودانية منذ الاستقلال، مما ادى الى عدم تقييم الاداء بعد الدورة البرلمانية المحددة.وعدم التوفيق في ادارة الصراع داخل الحزب، وهذا انعكاس لما هو حادث خارج الحزب، تكثيف الصراعات داخل الصفوة والنخب السياسية، فالانشقاق داخل هذه الصفوة غالبا ما يكون انشقاقا افقيا وليس رأسيا. خارج الإطار بغض النظر عن الحزب الحاكم او الاحزاب المعارضة الاخرى التى تدعو الى ما يسمى بالربيع العربى الذى اجتاح بعض الدول العربية والقى بظلاله على الدول الاخرى، يجب الانتباه اولا الى مآلات انفصال الجنوب وما صاحبه من مشكلات فقد اصبحت المنطقة ساحة للاطماع الدولية والإقليمية، حيث توجد به الموارد الطبيعية خاصة النفط من ناحية، فضلا عن مكانته الاستراتيجية الهامة كحائط صد بين الشمال العربي الأفريقي المسلم، والجنوب الأفريقي المسيحي ومشكلة تصدير النفط عن طريق الشمال وغيرها من المشاكل ، والسيناريوهات المتوقعة عقب زيارة سلفاكير لاسرائيل التى كانت داعمة للجنوب منذ عام 1955م، فاذا تصاعد الامر الى اكثر فالمواجهة سوف تكون بين الحركة الشعبية متمثلة فى الجيش الاسرائيلى المدعوم من امريكا والجيش السودانى، وقضية دارفور والحركات التى لم توقع على اتفاقية السلام، والاحداث فى النيل الازرق وجنوب كردفان ومآلات اتفاقية الشرق، وغيرها ما القضايا التى لا تقل اهمية عن سابقتيها ، فالسودان فى هذه المرحلة فى غنى عن اى مواجهات .فقد آن الاوان لتوحد الاحزاب فى ما بينها على الاقل داخل الحزب .وايجاد نقطة تلاقى بين الحزب الحاكم والمعارضة لمواجهة اى تحديات قادمة. وعليه يجب الاستفادة من تجارب الدول العربية السابقة فى الربيع العربى وتحليل ما ادى الى ثورة التغيير وذلك لضمان عدم الانزلاق فى اى وجهة غير مرغوب فيها ، بل لابد من وضع آليه لتحسين الاوضاع تكون له نتائج عملية تتجه للمواطنين من خلال توفير فرص العمل وتسهيل الحصول على لقمة العيش فالتطلعات الشعبية مرتفعة والمطلوب كثير وهذا ما ينبغى العمل على تجاوزه اليوم قبل غدٍ بوضع خطط استراتيجية لضمان الاستقرار وحفظ الامن.ولتجنب اى تداعيات سلبية تضر بأمن الوطن و المواطنين والله المستعان رأس الخيمة [email protected]