* تحت عنوان «فلنتعاون على ترسيخ قيم الحرية»حينما تتفجر لحظات الإنفعال في دواخلنا تصبح الكتابة عملية عسيرة إذ ما كان أكبر من عقولنا جميعاً فلقد إندفع الطوفان فاكتسح ملكات التركيز وشتت شمل الأقلام وأضاع لون الحبر وافتقد الفعالية فتداخلت السطور وإختلطت الحروف وسدت جيوش الدهشة علينا آفاق الرؤية ولكن بالرغم من كل هذا فإننا وبفضل إيمان داخلي يحاول إعادة التيار الكهربائي إلى أجهزة الكلمة ونكرر جملة واحدة تقول إن شعبنا قادر على البذل مستعد من أجل التضحية ومن يدفع الدم في سبيل التغيير لن يخسر قضية. * في الرابع عشر من رجب وفي تلك الليلة نظر الناس في بلادي إلى أعلى لقد أصبح الهلال بدراً كاملاً وقمراً منيراً وإمتد الضياء من الليل إلى الفجر وأصبح الصبح لتستقبل أرض المليون ميل عهداً جديداً ومن حق الفنان وردي أن يردد أن ليس في شرعتنا عبد ومولى فارفع رأسك يا أخي فأنت في بلد المليون ميل حرية . * وعرفت الدنيا كلها أن شعبنا غني بتضحيات أطفاله وشبابه كهوله وشيوخه انغرست الزهور رغم الجفاف والتصحر في جنازير الدبابات وتم التلاحم بين الشعب والجيش ولا غرابة أن يتعاون أهل البيت على مطاردة اللصوص الذين سرقوا كل شئ. * والجماهير الصابرة الصامدة الثائرة من نمولي إلى حلفا أن لها أن تشم الهواء وتستنشق أوكسجين الأمان فلا قيود في بلد إعتاد على كسر القيود بلد سار أهله على دروب الفداء والشهادة فبإسم الله الرحمن الرحيم يبدأ عهد الرحمة لكل المحرومين. * يبدأ من جديد عهد يحقق بإسم الله قيمة الرحمة بإصراره على قيمة الحرية وهي وحدها مفتاح الحل للمشكلات والأزمات فلا تقدم في ظل الإستبداد ولا إنطلاق وعقبات الكبت تسد الطرقات ولا نمو وسرطان الرأي الأوحد يسري في جسد المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية. * آن لشهادات الضعفاء أن تتحول إلى واقع ملموس وحقائق باهرة تجري في الدم وتنبت في اللحم وتنغرس في العظام آن لهم ليعيشوا عهد الفاروق ويهتفوا في وجه كل متجبر وطاغية لم إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أُمهاتهم أحراراً . لقد تحطمت أبواب كوبر الذي بناه الإنجليز وعَمَرهُ العملاء والذين يسيرون على خط الإنجليز بإعتقال الأحرار الشرفاء فليل الظلم الطويل لا بد أن يكون له آخر وقوى الشر مهما تعددت ومهما تنمرت فهي إلى زوال وتبقى قوة الجماهير هي ضمان الإستقرار والإستمرار لأنها من قوة الله الحي الباقي. * فبإسم الله القدوس تتقدس قيمة الحرية والتي ثار شعبنا حينما إفتقدها وزحف جيشنا للمشاركة في تحقيقها فلنمض على قيمة الحرية بالتوحيد ولنؤكد في كل لحظة إستعدادنا الكامل لري شجرتها بأغلى ما نملك وبعدئذٍ لن يتجرأ أحد على سرقة جوهرة وجودنا. * وفي ظل الحرية لن تجوع الملايين والقلة تنعم بإحتكار الثروة فمن خلال النوافذ المفتوحة سوف يندفع شعاع العدل ويعاد توزيع الثروة ويحصد شعب السودان ثمرات عرقه وجهده ودموعه سوف يكون الحصاد وافراً فالتصحر والجفاف لصوصية اللصوص الذين نهبوا خضرة الريف وإستنفذوا إمكانات المدن ولا تعجبوا في عهد سيادة القيم سنقهر أطماع الطامعين وبعد ذلك ما أسهل مقاومة الطبيعة!!. * فلتنطلق مدافع الأحرار وليستمر زحف الثوار أكرموا الإنسان في بلادي فقدأكرمه الله حينما حمَّله مسئولية الخلافة التي عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها . * أكرموا الإنسان وتعاونوا على إنشاء وبناء دولة عزيزة ترتاح تحت ثراها أرواح الشهداء وتتفتح فوق ترابها أزهار التسامح والمحبة فتثمر الحق والخير والعدل والجمال. محمد طه محمد أحمد _ الهيئة القضائية صحيفة الصحافة - العدد 8027 - الموافق 8 أبريل 1985م. * رحم الله شهيد الكلمة محمد طه وكأنه كتب هذا المقال صباح الأمس القريب وليس قبل ربع قرنٍ من الزمان !!. أشواق محمد طه ماذا دهاها؟. وهذا هو المفروض