في مبادرة تحمل عنوان (الوفاء لاهل العطاء) احتفل اهل العباسية ونادي الربيع مساء أمس الجمعة بمركز شباب الربيع بالذكري الثانية لرحيل كروان السودان والاذاعي الراحل المقيم الفنان عبد الدافع عثمان تحت شعار (مرت الايام) وشارك في الاحتفال مجموعة من كبار الفنانين والشباب. غيّب الموت قبل عامين الفنان الكبير عبد الدافع عثمان عن عمر يناهز الثمانين عاماً بمستشفى الشرطة التي نقل إليها في فترات متقاربة اربع مرات، متأثراً بإرتفاع في البولينا. وتمت مواراة جثمانه بمقابر حمد النيل بأم درمان في موكب مهيب ضم زملاءه الفنانين والاذاعيين. ويعد الراحل عبد الدافع عثمان من جيل العمالقة الذين أثروا الساحة الفنية بروائع الأغنيات الخالدة حيث تميز بروائع الألحان وعذوبة الصوت ووضع بصماته الواضحة في مسيرة الفن السوداني. ولد عبد الدافع عثمان عام 1928 بام درمان حي الموردة ونشأ فى العباسية واستقر به المقام لاحقا فى امبدة وتلقى تعليمه الأولي بام درمان ودرس الوسطى بمدرسة على عبد اللطيف بالخرطوم. ولعبد الدافع عثمان خمسة من البنين هم عبد العزيز،عبد المنعم، عبد العظيم، عماد، عادل، وبنت واحدة هى نور الهدى. وبدأ مسيرته الفنية فى منتصف الخمسينيات بثنائية مع خاله الشاعر الراحل مبارك المغربى عمل موظفا بالاذاعة السودانية حيث بدأ متعاونا فى الخامس من فبراير عام 1962م ومن ثم تم تعيينه فى الاول من ابريل 1980م بوظيفة عازف وتنقل بين اقسام الاذاعة المختلفة حيث عمل بالسكرتارية وشؤون العاملين والموسيقى وكان مثالا للتفانى والجدية والاخلاص وشهد له زملاؤه بالاذاعة بحسن المعشر وحلاوة اللسان وطيبة القلب. و يعتبر عبد الدافع من رواد الاغنية الحديثة وتميز باختيار المفردات الجميلة التى ظلت خالدة فى الاذهان تبعث الراحة والاطمئنان فى نفوس المستمعين واختيار الالحان المموسقة التى يميل لها القلب طربا وقام بتلحين عدد من اغنياته بنفسه ونافس كبار الملحنين فى تلك الفترة. تغنى عبد الدافع لعدد كبير من الشعراء السودانيين وتغنى كذلك لعدد من كبار الشعراء فى الوطن العربى ومن أبرز الملحنين الذين تعامل معهم الملحن علاء الدين حمزة واحمد زاهر وبرعى محمد دفع الله وكون ثلاثية مع خاله مبارك المغربى والملحن عربى الصلحى. ويعد الراحل من الذين أرسوا قواعد الأغنية السودانية الحديثة بعد جيل الرواد الذي سبقوه مثل الكاشف والشفيع وأبو داؤد وحسن عطية. ومن أشهر اغنياته مرّت الأيام، الكروان، يوم البحيرة، اعتذار، آلامي وأحزاني، أضيع هواي، الحب يا ناس، الطيور غنت، عيوني ساهرة، جاوب سؤالي، حبيت الطبيعة، هبت نسايم وغيرها. وعلى الرغم من الاغنيات المتميزة للراحل الا أن أجهزة الاعلام المختلفة، ظلت تقدم من أغنياته ما يعد على أصابع اليد وربما ينحصر الامر في "البحيرة "و " مرت الأيام" وتعد الثانية من الدرر الغوالي في جيد الأغنية السودانية، وقد ارتبط أداؤها بالمطربين الواعدين إذ شهدت بداية العديد من الفنانين الذين اصبحوا من أعلام الغناء اليوم. لذلك نأمل أن يتم الاهتمام بهذا الفنان الكبير من خلال تعريف الاجيال الجديدة بسيرته العطرة ونشر أغنياته وتحليلها بواسطة المتخصصين.