* ما أيقظني من نومي إلا إصرار المتصل على هاتفي بتكرار الإتصال وأنا لا أغلق التلفون عادةً وأتعامل معه كما أتعامل مع «الطارق» على باب منزلي إذ لا يُعقل أن أدعه يطرق ولا أستجيب ،فقد يكون ضيفاً أو سائلاً أو «مستهبلاً» ولا مناص من أن تفتح له الباب فأمَّا أن تدخله الدار أو تصرفه بالتي هي أحسن أو «بغيرها» حسب مقتضى الحال.. آه.. وبمجرد أن رفعت السمَّاعة قال لي المتصل «وهو دستوري ويحمل رتبة رفيعة وصديق عزيز».. نايم!! النايم ليها شنو ؟إنت صحي «فلان» عرَّس مََرَة تالتة ؟.. وذكر إسم شخصية كبيرة..» فقلت له «لاعلم لي بذلك وأنا أسمع الكلام ده لأول مرة» فقال لي إن «البلد كلها مليانة بالكلام ده» فقلت له «إنت تعبان مالك ؟ يا خبر النهارده بفلوس بكره ببلاش».. كما يقول المصراوة.. فقال لي كنت أحاول تأكيد المعلومات التي وردت إلي من شخص واثق من معلوماته وعنده تفاصيل.. إسم الزوجة.. وأهلها من ناس وين.. وتاريخ الزواج.. وهكذا !! وأظهرت له عدم مبالاتي لكن هاتفي رنَّ بعدها بثلاثة إتصالات كلها تدور حول ذات الموضوع فتذكرت المقولة الشعبية «البحر رايق والقعونج ضايق» ثمَّ خلدت إلى النوم . * فما إستوقفني في صحف اليوم إلا مقال بعنوان «تعظيماً لشعيرة الزواج.. دعوة للمتزوجين للزواج مرةً أخرى» بقلم الأستاذ طارق فتح الرحمن محمد خير.. وقدَّم للموضوع بقوله هذه المرة نتناول موضوعاً بعيداً عن السياسة !! وهذه هي «الجزئية الوحيدة» التي أختلف فيها مع الكاتب «المقتدر الشجاع» إذ أنّ ما كتبه هو السياسة عينها.. وختم مقاله «المنشور في صحيفة التيار الغراء الإثنين 2/3/2012م» بقوله.. يا أيها الرجال تزوجوا يرحمكم الله.. وقد أسند الكاتب الكبير أسباب إحجام الرجال عن فكرة التعدد إلى إنقيادهم للعقل الجمعي النسوي الرافض لفكرة تعدد الزوجات إلا بالأسباب القاهرة «مرض الزوجة.. أو عدم الانجاب.. أوعدم الانسجام» وفي ما عدا هذه الأسباب فإن قمع فكرة التعدد هي السائدة . وأتفق مع الأستاذ طارق في ما ذهب إليه وأزيد بالقول إن ثقافة المسلسلات المصرية «خاصة» هي التي كرَّست فكرة إن الزوجة الثانية خائنة وخطَّافة رجَّالة وإن الزوجة الأولى ضحية دائماً لخيانة الزوج لها.. وعدم تقديره للعُشرة وعدم مراعاته لمشاعرها.. فقد كانت المجتمعات الريفية تمارس التعدد بكل بساطة ولا زالت بعض المجتمعات تفعل ذلك بل وتُحمَّل الزوجة الأولى مسئولية إكتفاء زوجها بها «وإنها كَعَبة وحاسدة وما دايره زول معاها» . * وقد سجلت إعتراضاً وإحتجاجاً على «الهواء مباشرةً» في برنامج تلفزيوني من تقديم الأستاذة عفاف حسن أمين وكان ضيفها من القاهرة الفنان نور الشريف.. وقد قدمت شخصي باعتباري «حاج متولي السوداني !!» وكان مصدر إحتجاجي ورفضي للتشبيه بأنني مارست وأمارس بالفعل لا القول ولا التمثيل مسألة تعدد الزوجات.. بينما دور الحاج متولي تمثيلي ونور الشريف زوجته واحدة.. وأن المسلسل هدم فكرة التعددية وهزمها في النهاية «القفلة» عندما نصح الحاج متولي إبنه بعدم تكرار تجربته.. فضحك نور الشريف وقال لي «تعرف يا أستاذ محجوب المخرج كان عاوزني في آخر لقطة «أقع من السرير» ليكون الموضوع كله حلم في حلم.. فعَدله وهذه أسوأ واضل سبيلاً.. فقد كنت ولا أزال أذكر حديث قائد التمرد جون قرنق وهو يخاطب الشباب من أعضاء حركته المتمردة «أنا ما عاوز بطن بتاع بت يكون فاضي.. عاوزين عيال كتير» وهذه سياسة لتغيير التركيبة السكانية لصالح الحركة لتتزاوج الديمقراطية والديمغرافية.. وفي ديننا الحنيف يحضنا الرسول الكريم بقوله «تناكحوا تكاثروا فإني مُباهٍ بكم الأمم يوم القيامة» ولن تفي بالتكاثر المطلوب زوجة واحدة بالغاً ما بلغت خصوبتها . * والمجتمع السوداني قليل التعداد السكاني وواسع المساحة.. والطبيعة لا تقبل الفراغ.. وها نحن نستقبل ملايين الأجانب المقيمين في بلادنا والسبب هو سعة الأرض وقلة السكان وأي مسافر على طرق المرور السريع شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً ووسطاً يلاحظ قلة السكان في كل مكان والعاصمة هي الإستثناء الوحيد.. وغير الاحصان المطلوب لكل شاب وشابة.. فإن الذرية مطلوبة بذات القدر سياسياً وإجتماعياً ودينياً.. والمفهوم السائد من لدن مشائخ الصوفية الأوائل «ساكن بغداد في كل بلد سوالوا ِولاد» وليس المعنى المراد بالأولاد هم الحيران والأتباع ولكن إنجاب الذرية وما عُرف الصحابة إلاَّ بتعدد الزوجات ولعل أشهرهم سيدنا الحسن بن علي.. وسيدنا المغيرة بن شعبة الذي «قيل» إنه بنى بألف إمرأة في حياته . وأدعوكم لفتح حوار موضوعي يشارك فيه الرجال والنساء لفتح باب التعدد مثلما قامت الأحزاب وقعدت في مسألة التعددية الحزبية فالفرق بينهما فرق مقدار . وهذا هو المفروض