* ولا علم لي بالإقتصاد إلا بقدر «ما أُباصر» به المعايش اليومية مستعيناً بالبنك الدولي وصندوق «النقد» الدولي.. الخاص بي.. وهما العيال والمدام على التوالي و»النقد» ليس هو «الكاش» كما يتبادر إلى الأذهان في الحته دي بالذات.. لكنه الإنتقاد والإنتقاص «والإنتفاش» إذا لزم الأمر لتمرير الفواتير والمطلوبات والمطبَّات الإقتصادية.. أنا أتحدث عن بيتي.. بيتي مجازاً.. فأنا أسكن بالإيجار .. وإحاطتي بعلم الإقتصاد تماثل معرفة حبوبتي.. الله يرحمها.. بثوار الساندنيستا.. أو رياضة التزلج على الجليد.. أو قدرتها «وقدرتي» على تسلق قمة إيڤرست!! لكن أحد القراء الكرام.. ويبدو إنه من الكبار .. الكبير الله.. إذ أن هاتفه يُظهر على شاشة هاتفي عبارة «غير معروف» والرقم الخاص غير متاح إلا لعلية القوم.. المتصل الكريم شَكَّرني.. وأشاد بإسلوبي الخاص وقال لي «مقالك يكلفني ألف جنيه بالقديم كل يوم لأنني بشتري الجريدة لأقرأ مقالك فقط.. ولا أشتريها قبل التأكد من إنك كاتب». فقلت له «دي شهادة أنا بعتز بيها.. لكن سيادتك منو؟» قال لي مامهم أنا منو لكنك أشرت لمداخلة الأمين العام لديوان الضرائب د.محمد عثمان إبراهيم ووصفته بطهارة اليد واللسان.. وده صحيح.. وأنا عارف إنكم كنتم جيران في حي المطار .. لكن في حاجات إنت ما عارفها.» قلت له «إن رأيي.. أن تباع أراضي حي المطار بالمزاد العلني ويعود ريعها للخزينة بدلاً من أي واحد ساكن في فدان كامل في أغلى موقع بالخرطوم.. وأن تباع كذلك العربات الفائضة من تقليص أعداد الدستوريين وخفض عرباتهم لعربة واحدة.. لا أن توزع على موظفين آخرين ونبقى يا عمرو لا رحنا ولا جينا» قال لي «كلامك صحيح لكنه حل جزئي وعابر وغير دائم .. الحل هو التركيز على «الموارد الضريبية» وتطويرها وزيادتها ومنع التجنيب منعاً باتاً.. وواصل حديثه قائلاً:- «الضرائب والمالية معاً أكبر جهة تمارس التجنيب بل وتقننه» قلت له «خليني أجيب ورقة وقلم» وبدأت أكتب ما يقول فقال :- «بالرغم من الشدَّة والحصار وضيق الإمكانيات والحرب في السنوات العشر الأول من عهد الإنقاذ إلا أن الوضع الإقتصادي الراهن أصعب بكثير من تلك الفترة.. مش بتعرف تلعب كونكان؟! وكرت الفتوح من خصمك بتجرُّو خمسين!! وزير المالية طلَّع قرار «خمسين» فتح بيهو حساب وسيط لتوريد فائض الربط الشهري من إيرادات الضرائب ولا يسحب منه إلا بناءً على توجيه وزير المالية أو الأمين العام لديوان الضرائب!!.. ولأول مره في التاريخ نسمع أن أمين ديوان الضرائب عنده سلطة السحب من الإيرادات!!.. المفروض يكون حساب في إتجاه واحد.. يودي ما يجيب.. مثله مثل أي جهة إيرادية كالجمارك والموانئ البحرية.. والطيران المدني.. ولكن!! بعدين يا أستاذ هناك هدر كبير في الإيرادات عندما تخاطب المالية بعض الجهات الإيرادية لسداد مبالغ خصماً من «المنبع»!! وهكذا لا يظهر صرفها من وزارة المالية ولا في حساباتها اليومية.. وبالتالي تنخفض الإيرادات من منابعها.. وليس بالضرورة أن يكون في هذا الصرف فساد أو شبهة فساد لكنه تجاوز للمؤسسية.. وكسر للدورة المستندية.. وإرباك للمراجعة القومية.. ويمكن أن نصفه بسوء إدارة.. فقد تذهب الأموال لمنظمات خيرية أو مساجد أو معالجات ببعض الولايات.. والنتيجة واحدة.. وهي تدني الإيرادات. بعدين أي ميزانية عندها «إحتياطي» لكن السحب من حساب الإحتياطي لا يجوز بدون التفاكر مع المستوى الأعلى للسلطة التنفيذية والتنسيق مع سلطة بنك السودان.. كما جرت العادة وكان حساب الإحتياطي متنامياً حتى النصف الأول من «سنة عشرة» وبعد ذلك صُرف من غير ترشيد لتغطية العجز الشهري.. وبدأت ظاهرة التجنيب في الهيئات والوزارات والمؤسسات الحكومية.. وضَعُف التواصل الخارجي مع مؤسسات التمويل فقلَّ العمل التنموي وإستقطاب القروض الميسرة.. وخرج عائد البترول من الميزانية بإنفصال الجنوب وما تبعه من إغلاق الأنابيب «فتمَّت الناقصة».. * قلت له «ده تشخيص يمكن يكون صاح ويمكن يكون غلط.. المهم العلاج شنو من وجهة نظرك؟» ردَّ على بالقول :- « أولاً دي وقائع وعندها مستندات.. يمكن تسأل ناس المالية والضرائب وبنك السودان والمراجع العام.. لكن الحل رداً على سؤالك يكون في منع التجنيب كليةً.. وقفل الحساب الوسيط بعد إخضاعه للمراجعة التي لم تصل بعد لهذا الحساب.. بعدين تفعيل العمل بديوان الضرائب والذي لا تصل يده إلَّا على أكثر بقليل من 60% من الشركات الكبيرة ولا يتحصل منها إلا على حوالي 60% من الضرائب المستحقة عليها.. يعني لو في ألفين وأربعمائة شركة في الخرطوم شرق وحدها لا يتحصل الديوان إلّا على 60% من ألف وأربعمائة شركة.. يعني في ألف شركة ما بتدفع ضرائب!! وقِسْ على ذلك.» قلت له:- «هل أنشر هذا الكلام على مسئوليتك؟» قال لي:- «طوالي» وأعقب ذلك صافرة إنتهاء المكالمة.. تيت تيت تيت.. * وتلوت في سري قوله تعالى من سورة يوسف «قَالُوا تالله لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ في الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينْ.. حتى قوله تعالى :- «وَمَا شَهِدْنا إِلّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا للغَيْبِ حَافِظِين». صدق الله العظيم.. وهذا هو المفروض