وصلت المفاوضات بين السودان ودولة جنوب السودان فى اديس ابابا الى طريق مسدود بفعل خارطة «أمبيكى» التى ساهمت فى تعقيد الاوضاع أكثر مما هى عليه، على إثرها إنفض الجانبان من طاولات الحوار بعد ساعات قليلة من بداية التفاوض، هذا الى جانب تحدى قائم وإنفتاح باب آخر ظل يؤرق الحكومة وهو الجلوس مع الحركة الشعبية «قطاع الشمال» وإستئناف الحوار معها الذى ظل بمثابة «شوكة حوت» فى حلق الحكومة ورفض عدد كبير ومؤثر من منسوبيها إذ يمثل التفاوض معه بحسب مراقبين حرجاً كبيراً للحزب الحاكم امام قواعده الرافضة لأى اتفاق لما يطلقون عليه «ما يسمى قطاع الشمال» فى إشارة لعدم إعترافهم به. وهو ما اكده رئيس الوفد الحكومي للمنطقتين الدكتور كمال عبيد أمس عقب إنفضاض طاولة الحوار دون الوصول الى نتيجة واثارته لإستفهامات دفع بها للوساطة الأفريقية وطالبها بإبداء رأيها بوضوح فى قضية المسميات الخاصة ب «قطاع الشمال» وأشار الى ضرورة فك الارتباط السياسي و الأمني لما اسماه بقطاع الشمال مع دولة الجنوب. وقال ان هذه المسألة ضرورية لاحراز تقدم في المفاوضات، ووصف كافة المنضمين لهذا القطاع بأنهم أعضاء لحزب حاكم في دولة أخرى ورهن الجلوس معهم بفك ارتباطهم بدولة الجنوب، يأتى هذا فى وقت وصلت فيه قيادات قطاع الشمال الى مقر المفاوضات بأديس ابابا ودخلت فى إجتماعات مباشره و منفصلة مع الوساطة الافريقية برئاسة ثامبو امبيكي بقيادة مالك عقار وعضوية كل من نائب رئيس الحركة عبدالعزيز الحلو والامين العام ياسر عرمان، حيث سلم وفد قطاع الشمال الوساطة شروطه لاستئناف التفاوض المباشر مع الحكومة حول القضايا العسكرية والسياسية والامنية بشكل شامل ،وعلمت «الصحافة» عن ترتيبات تجرى لعقد اجتماع مباشر بين مالك عقار ورئيس الوفد الحكومي للتفاوض مع الجنوب ادريس عبدالقادر اليوم . وفى ذات السياق أثارت عودة وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين الى البلاد من اديس ابابا العديد من التساؤلات، واكدت مصادر ل «الصحافة» ان النائب الاول لرئيس الجمهورية، وعراب نيفاشا علي عثمان محمد طه، استدعى وزير الدفاع، من مقر المفاوضات لمزيد من المشاورات لاسيما بعد وصول الاطراف لطريق مسدود بشأن خارطة الاتحاد الافريقي ومنطقة الميل (14) واكدت ذات المصادر توقف اجتماعات اللجان التفاوضية طيلة يوم امس، ورجحت ان يبقى الوضع كما هو عليه لحين عودة وزير الدفاع لتحريك الجمود في ملف الخارطة الافريقية .. القيادى بالحزب الحاكم الدكتور إسماعيل الحاج موسى فى حديثه ل «الصحافة» عبر الهاتف امس يصف عودة وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين اثناء المفاوضات من اديس ابابا بالروتينية والعادية وقطع ان عودته ليس لها اى علاقة بتواجد قطاع الشمال ودخوله فى مفاوضات منفصلة مع الوساطة الافريقية، وقال ان الامر ليس بمستغرب وان وزير الدفاع سبق وان عاد بذات الكيفية لإجراء مزيد من المشاورات مع قادة الحكومة لافتاً الى ان باقان اموم كبير مفاوضى دولة جنوب السودان رجع الى بلاده اكثر من مرة لاجراء مشاورات مع حكومته فى ذات الشأن. وأضاف ان هذا الإجراء إعتيادي وينبغى الا يكون محل إستفاهامات، وفى جانب التفاوض مع قطاع الشمال اوضح الحاج موسى ان الحكومة لن تجلس إليه بصوره مباشره الاعبر الوساطة وقال ان قطاع الشمال ليس حزباً فى البلاد ولايمثل المنطقتين ولا دولة جنوب السودان وهو مازال فرعاً عسكرياً لدولة اجنبية ولن يتم التفاوض معه الا بفك إرتباطه والتسجيل كحزب رسمى فى البلاد. ويرى المحلل السياسي الدكتور صديق تاور ان الافق الحكومي يذهب الى عقد اتفاقيات ثنائية وفردية مع قادة قطاع الشمال تحت مسمى ابناء «المنطقتين» ، الا انه قال ان الجميع يدركون انها حلول لا تلامس جذور المشكلة مثل التى وقعتها فى دارفور، وقال تاور ل «الصحافة» ان التوصل الى اتفاق مع الحركة الشعبية تحت إسم « قطاع الشمال» يدخل الحكومة والحزب الحاكم فى حرج كبير خاصة ان المؤتمر الوطنى رسخ لقواعده وللشارع العام صورة سيئة لشماليي الحركة الشعبية فضلا عن تأكيداته المستمرة لعدم اعترافه بهم الا انه توقع ان تستجيب الحكومة للضغوط الخارجية للتفاوض مع الحركة الشعبية تحت اى مسمى كان.