في ليلة انشغل فيها اهل الكلاكلات وابوآدم والعزوزاب ومايو وجبرة جنوب بتجهيزات العيد ومحاولة صنع فرحة لقدوم العيد قصفت الطائرات الاسرائيلية بالصواريخ مصنع اليرموك الذي يرقد في احضان منطقة مأهولة بالسكان وتعد من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، واهتزت الجدران وتحطمت النوافذ وتملك الخوف والذعر الاطفال وتبسملت عجائز تلك المدن من ان يكون اوان القيامة قد دنا والناس مشغولة بتجهيزات العيد، من غرابة الانوار التي سطعت في سمائهم من أحمر الي أصفر الي ابيض وذلك الدوي الهائل الذي لم يسمعوا له من قبل نظيراً وهرع الرجال الي الشوارع لرؤية عبث الحياة وهوان الأمر، وارتبك الجميع وتضاربت الاقوال من المسؤولين تفسيراً لما حدث ولا زال الأمر مربكا لنا جميعاً لماذا تم قصفنا ؟ وبماذا قصفنا ؟ وكعادتنا كسودانيين نملك ذاكرة قليلة البايت ننسي بسهولة شربنا للماء او ان الاحداث تتالي علينا بسرعة تجعلنا ننسي ما حدث قبل الحدث الجديد ولم نعرف للآن لماذا قصفتنا اسرائيل وبماذا ضرب مصنع اليرموك؟ اللهم الا النذر اليسير من الأخبار أن الحرائق استمرت في الأشتعال لعدة ايام ولماذا تشتعل النيران لوحدها؟ انشغل الناس بخراف العيد وغلاء اسعارها ومر الحدث في صمت الي أن تحدث وزير البيئة الاتحادي حسن هلال عن مهددات بيئية خطيرة في المنطقة من ضربة المصنع نتجت عن قصف الصواريخ الإسرائيلية لمصنع "اليرموك" جنوبيالخرطوم ، ووصف الوضع البيئي بالبلاد بالخطير وأشار لوجود جسيمات صغيرة عالقة في مساحات واسعة بالجو جراء الانفجار أثناء وبعد القصف. لم يذكر السيد الوزير ماهي هذه المواد والمركبات وماهي نسب تلك المواد الموجودة؟ وهل قامت وزارة البيئة الاتحادية او الولائية بأية فحوصات علمية تثبت تلوث المنطقة حول المصنع لكي يتم اخلاؤها فوراً من السكان تجنيباً لهم من امراض التلوث المميتة وحفظاً على أرواحهم ام ان الأمر اجتهاد من السيد الوزير وفي كلا الحالين نريد الحقائق واضحة من الجهات الرسمية للدولة وليس منظمات البيئة السودانية التي اصبحت تتواري عند كل حدث بيئي له علاقة بالسلطة.! لا شك في أن هنالك خطراً بيئياً في منطقة مصنع اليرموك لا يمكن نكرانه كيف لا وان الضربة أتت من اسرائيل التي تقوم بتطوير أسلحتها وذخائرها باستخدام مادة اليورانيوم وقد أجرت العديد من التجارب النووية في خليج العقبة، وقد أدى هذا إلى إحداث نشاط إشعاعي خطير في الدول العربية المجاورة لإسرائيل، ،واليورانيوم مادة ذات كثافة عالية، وتزيد في كثافتها عن كثافة الرصاص ب1.7%، ولها خاصية الاختراق التلقائي بمجرد الارتطام بأي جسم، الأمر الذي ينجم عنه تطاير ذرات دقيقة في الهواء يمكن استنشاقها بسهولة، وقد كشفت بعض المنظمات الدولية مثل منظمة International Action Center الأمريكية ومنظمةLake foundation الهولندية عن استخدام إسرائيل لمادة اليورانيوم في عملية صنع اسلحتها خاصة الهجومية منها، وان مثل هذه الذخائر والمقذوفات المستخدم فيها اليورانيوم المستنفذ ذات الإشعاعات السامة تلحق أضراراً بالصحة وقد أكد وزير البيئة هذا في حديثه عن الذرات العالقة في الهوا. إن حديث السيد الوزير يؤكد الحس البيئي المطلوب من مسؤول حكومي والضمير الوطني الذي يخشي علي اهل بلده من دفع ثمن الغمتي الذي صار شعارا للدولة ككل ولم يهتم احد بالحديث الذي لم يقله الوزير في مكان عام بل خلال اجتماع مشترك مع لجنة الصحة والبيئة بالبرلمان التي لم نسمع بوجودها الا من خلال حديث الوزير. إذن السيد الوزير لم يقل حديثه في مايو ولا الكلاكلة شرق ولاجبرة جنوب بل في مبني برلمان الأمة السودانية فماذا فعلت تلك اللجنة ام انهم اكتفوا بالتصفيق التلقائي وبقيت المشكلة قائمة؟ ما الذي سيتم لمعالجة تلك القضية الخطيرة هل يحتاج الأمر الي تهجير السكان حفاظاً علي حياتهم؟. هل التلوث بمستويات لا تشكل خطورة علي الصحة ؟؟؟ويبقي السؤال الاهم ما طبيعة الاسلحة التي كان يتم تخزينها في المصنع وجعلت اسرائيل تذهب في تلك الرحلة الطويلة لتدمر بيئات جنوبالخرطوم وتطمرها في التربة في غمتي شديد؟ من حقنا ان نعلم ماذا كان يوجد وسط سكان المدن هذه وملاعب الاطفال والمدارس والاسواق والجوامع أين البعد البيئي والصناعي والانساني والضمير الوطني في وجود مصنع للأسلحة ايا كان نوعها وسط الاحياء والمدن؟ ماذا لو لم تقم اسرائيل باعتدائها ذلك وتفجرت تلك الأسلحة علي السكان؟. ان هذا التلوث لاشك طال الانسان والحيوان والتربة في المنطقة خاصة ان هنالك عددا من المشاريع الزراعية من زراعات اعلاف ومزراع الألبان والدواجن، فما هو الضرر الذي أصابهم هل يحتوي اللبن علي أشعاع؟ فمن يهتم ياتري ومن يتابع ؟. ان الخرطوم قبل ان تكون عاصمة حضارية يجب ان تكون خالية من التلوث، وهذا تلوث واضح للعيان لذلك يجب ان يكون لمجلس البيئة بالولاية دور مهم في معالجة الأمر ومتابعته وقياس مدي التلوث بما لهم من آليات مساعدة وقيام برامج توعية للسكان للانتباه الي أي تغير في مكونات البيئة حولهم وتعريفهم بالاخطار المحيطة بهم ومتابعة ماتم طمره في باطن الأرض قبل ان يشكل خطراً بيئياً غداً و يظهر في سرطانات وفشل كلوي وبلاوي اخري وحسرة علي عدم معالجة الأمر بكثير من الشجاعة ومجابهة الحقائق مهما تكن مؤلمة ومحرجة فلتكن لدينا اسلحة كيميائية او غيرها ليست تلك المشكلة المهم تكون باشتراطات بيئية مطلوبة خوف الكوارث والاحداث غير المتوقعة ولتكن بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان وتبدو المفارقة غريبة اذا علمنا ان الحزام الاخضر بني حول الخرطوم لكي يحميها من التصحر اي برؤية بيئية سليمة وانتهي بدمار بيئي مقنن !!!! إن النظرة غير العلمية لقضايا البيئة وتجاهلها امر يثير الغيظ والدهشة فالغالبية من اركان السلطة يبدو لهم ان الحديث عن البيئة مجرد ثرثرة واحاديث مجتمعات اكاديمية يجب ان يكون داخل جدران القاعات ومنابر العلم والمعرفة كالجامعات وغيرها وان اهل البيئة يجب ان يكتفوا برحلات الذهاب والاياب لحضور المؤتمرات العالمية ،لذلك لا يتم استشارتهم في كثير من القضايا المهمة التي ترتبط بحياة الانسان وسلامته ويغيب البعد البيئي في كثير من الأمور الحياتية سواء كانت اقتصادية او عسكرية او اجتماعية اوغيرها، ولو تم التقارب بين اهل البيئة والسلطة لوجد الساسة الحل في التعامل مع كثير من القضايا البيئية التي يتم دفعها من فاتورة الاقتصاد، ولادركوا ايضا انهم من خلال البيئة ومنظماتها ستدفع اسرائيل الثمن غالياً فلو فشل السودان في مقاضاة اسرائيل في اعتدائها علي بلد تحت منظومة الأممالمتحدة فإن حماة البيئة في العالم لهم دور مؤثر وقوي واذرع طويلة في عمل لوبي لتغريم اسرائيل ثمن ما قامت به من تلويث بيئة السودان ولن تجد لها حليفاً مساندًا في منظمات البيئة العالمية التي تحكمها الشفافية والاخلاق ولم تلوثها السياسة والمصالح بعد، وما حادثة تلويث خليج المكسيك ببعيدة عن الأذهان التي تم التعويض فيها بمليارت الدولارات من الشركات العاملة في استخراج النفط فما بالك اذا كان الأمر عملية انتقامية تنافي الاعراف والاخلاق الدولية؟، لكن يجب اولاً ان نعترف بأن هنالك مشكلة بيئية من الضربة الاسرائيلية للمصنع ترجع للسلاح الذي استخدم في الضربة والي نوعية الأسلحة التي تم تدميرها. ان الأمر يحتاج الي تحرك سريع والا يجب ان تستعد الولاية في عاصمتها الحضارية الي بناء مزيد من مستشفيات السرطانات وغسيل الكلي ومعاهد للاطفال المتخلفين عقلياً، والي مزيد من المقابر للمواطنين داخلها استراحات ومقاهٍ لتمضية الوقت بين جنازة واخري.